حكم جلد ما يؤكل لحمه وصوفه
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ولو كان) كل من المذكورات (مما يؤكل لحمه) شرعا (جاز) استعماله (في الصلاة وغيرها) مطلقا فيما عدا الجلد، ويشترط
التذكية فيه وإلّا فهو ميتة. بلا خلاف في الجواز في شيء من ذلك أجده، بل عليه في المتخذ من مأكول اللحم إجماع
الإمامية في عبائر جماعة.
والنصوص به مع ذلك بعد
الأصل مستفيضة، منها الصحيح : «عن لباس الفراء والفنك والسمور والثعالب وجميع الجلود، قال : لا بأس».
وفي الصحيح : عن لبس فراء
السمور والسنجاب والحواصل وما أشبهها، والمناطيق والكيمخت والمحشوّ بالقزّ والخفاف من أصناف الجلود،فقال : «لا بأس بهذا كله إلّا بالثعالب».
ويستفاد منه البأس في الثعالب ولعلّه للكراهة، وإلّا فقد صرّحت الصحيحة السابقة بالجواز، ونحوها غيرها : قلت
لأبي جعفر عليه السلام : الثعالب يصلى فيها؟ قال : لا، ولكن تلبس بعد الصلاة»
إلى غير ذلك من النصوص الآتية.وفي الصحيح : «لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة، لأن الصوف ليس فيه روح».
وفيه : «اللبن واللبأ -اللبأ على فعل بكسر الفاء وفتح العين : أوّل اللبن في النتاج. -
والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل شيء ينفصل من الشاة والدابة فهو ذكي، وإن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله وصلّ فيه».
وفي الموثق كالصحيح السابق : «فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شيء منه جائز إذا علمت أنه ذكي قد ذكّاه الذبح.وفي الخبر : عن لباس الفراء والصلاة فيها، فقال : لا تصلّ فيها إلّا ما كان ذكيّا» إلى آخر ما مرّ قريبا .وفي آخر : إنّ بلادنا بلاد باردة فما تقول في لبس هذا الوبر؟ فقال : «البس منها ما أكل وضمن».
وعن تحف العقول في حديث : «وكل شيء يؤكل لحمه فلا بأس بلبس جلده الذكيّ منه وصوفه وشعره ووبره، وإن كان الصوف والشعر والوبر والريش من الميتة وغير الميتة ذكيّا فلا بأس بلبس ذلك والصلاة فيه»
إلى غير ذلك من النصوص.وإطلاقها بل صريح بعضها كما ترى يقتضي جواز
استعمال نحو الصوف والشعر مطلقا (وإن أخذ من ميتة جزّا) وقرضا (أو قلعا) ونتفا.
ولا خلاف فيه في الأوّل، وهو في الثاني مشهور بين الأصحاب، على الظاهر، المصرّح به في كلام بعض،
للإطلاق. وهو وإن عمّ صورتي كون القلع (مع غسل موضع الاتصال) و في المختصر المطبوع زيادة : نتفا.وعدمه، إلّا أنه يجب تقييده بالصحيح المتقدم المتضمن لقوله : «وإن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله».وظاهر أنّ المأمور بغسله هو موضع
الاتّصال خاصة، أو المجموع بعد
امتزاج بعضها مع بعض ـ كما هو الغالب ـ فيلزم غسله أجمع من باب المقدمة.
وعلّل ـ زيادة عليه ـ بأنّ باطن الجلد لا يخلو عن رطوبة، مع أنّ بعضهم نجّس الملاقي للميتة مطلقا.
خلافا للمحكي عن ابن حمزة،
والصيد والذبائح من النهاية والمهذّب،
وكتاب المأكول والمشروب من الإصباح، الإصباح في فقه الإمامية، لأبي الحسن محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي النيسابوري، المشتهر بقطب الدين الكيدري (بالدال المهملة، وكيدر قرية من قرى بيهق) أو الكيذري (بالذال المعجمة، كما ضبطه السيد علي خان في طراز اللغة) أو الكندري (بالنون، كما ضبطه الفاضل الهندي في كشف اللثام).
وكان فقيها متبحّرا فاضلا أديبا من أكمل علماء زمانه في أكثر الفنون، وأقواله في الفقه مشهورة، منقولة في المختلف وغاية المراد والمسالك وكشف اللثام وغيرها، وله كتب منها : حدائق الحقائق، في شرح
نهج البلاغة ، فرغ منه في شعبان سنة ۵۷۶، وكفاية البرايا في معرفة
الأنبياء والأولياء، ومباهج المنهج في مناهج الحجج، ولبّ الألباب في الكلام، والدرر في دقائق النحو، وكتاب أنوار العقول، ولا يبعد كونه بعينه هو الديوان المنسوب إلى
أمير المؤمنين عليه السلام . انظر طراز اللغة (كذر)، وغير بعيد
اتحاده مع قطب الدين محمد بن الحسين بن أبي الحسين القزويني، الذي ذكره منتجب الدين في فهرسته،
فقالوا : لا يحل الصوف والشعر والوبر من الميتة إذا كان مقلوعا.وحمل في السرائر والمعتبر والمنتهى
على أن لا يزال ما يستصحبه ولا يغسل موضع الاتصال.قيل : وقد يقال : إنّ ما في باطن الجلد لم يتكوّن صوفا أو شعرا أو وبرا.
وضعفه ظاهر.
وعن الوسيلة
اشتراط أن لا ينتف من حي أيضا.
وهو مبنيّ على
استصحابها شيئا من الأجزاء، والأجزاء المبانة من الحي كالمبانة من الميت، ولذا اشترط في المنتهى ونهاية الإحكام في المنتوف منه أيضا
الإزالة والغسل، وذكر أنه لا بد فيه من استصحاب شيء من مادته.
قلت : نعم، ولكن في كون مادته جزاء له نظر، بل الظاهر كونه فضلة، إلّا أن يحسّ
بانفصال شيء من الجلد أو اللحم معه. كيف ولو صحّ ذلك لم يصح الوضوء غالبا، خصوصا في الأهوية اليابسة، لأنها لا تخلو عن انفصال شيء من الحواجب واللحى.
رياض المسائل، ج۲، ص۳۰۵-۳۰۹.