سنن صلاة الاستسقاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ومن سنن
صلاة الاستسقاء الصوم والإصحار والجماعة والخروج حافيا واستصحاب الشيوخ والأطفال وبعض السنن الأخرى تأتي فيما يلي.
(ومن سننها :
صوم الناس ثلاثا والخروج يوم الثالث) للنص؛
المؤيد بما دلّ على
استجابة دعاء الصائم.
(وأن يكون) الخروج يوم (الاثنين أو
الجمعة ) مخيرا بينهما كما هنا وفي كلام جماعة،
أو مرتبا بتقديم الأول وإن لم يتيسر فالثاني كما في
الشرائع وكلام آخرين.
والأكثر لم يذكروا سوى الأول؛
للنص : قلت له : متى يخرج جعلت فداك؟ قال : «يوم الاثنين»
ونحوه المروي في العيون عن مولانا
الحسن العسكري عليه السلام.
وعكس
الحلبي فلم يذكر سوى الثاني.
قيل : ولعلّه نظر إلى ما ورد في ذم يوم الاثنين وأنه يوم نحس لا يطلب فيه الحوائج، وأنّ بني أمية تتبرك به، ويتشاءم به
آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم لقتل
الحسين عليه السلام فيه، حتى ورد أنّ من صامه أو طلب الحوائج فيه متبركا حشر مع
بني أمية،
وأنّ هذه الأخبار ظاهرة الرجحان على الخبرين المذكورين.
أقول : لكنهما معتضدان بعمل أكثر الأصحاب وإن اختلفوا في الجمود عليهما أو ضمّ الجمعة، مخيّرا أو مرتبا بينهما، جمعا بينهما وبين ما دلّ على شرف الجمعة واستجابة الدعاء فيه حتى ورد أن العبد ليسأل الحاجة فيؤخر
الإجابة إليه.
وكلّ من ساوى بينه وبين الخبرين مكافاة قال بالأول. ومن رجّحهما لفتوى الأصحاب ـ سيّما نحو
القاضي والحلّي
اللذين لم يعملا بأخبار الآحاد إلاّ بعد قطعيتها ـ قال بالثاني، ولعلّه الأقوى.
(والإصحار بها) إجماعا كما في
المعتبر والمنتهى والذكرى؛
وللتأسي، والنصوص، وفيها الصحيح وغيره، وفيه : «مضت السنّة أنه لا يستسقى إلاّ بالبراري حيث ينظر الناس إلى السماء، ولا يستسقى في المساجد إلاّ
بمكة ».
واستثناء مكة مجمع عليه عندنا وعند أكثر أهل العلم كما في المنتهى.
وعن الإسكافي إلحاق
مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بها.
وهو مع عدم وضوح مستنده سوى القياس الذي لا نقول به يدفعه بعض النصوص بظاهره.
نعم، ذكر الشهيدان أنه لو حصل مانع من الصحراء كخوف وشبهه صلّيت فيه بل في سائر المساجد.
ولا بأس به.
وليكن خروجهم إلى الصحراء في حال كونهم (حفاة على سكينة ووقار) كما يخرج في العيدين، وفي الخبر «يمشي كما يمشي يوم العيدين».
مضافا إلى الصحيح المتقدم المصرّح باستحباب الأخيرين.
(واستصحاب الشيوخ) ولا سيّما أبناء الثمانين (والأطفال والعجائز) في المشهور بين الأصحاب، قالوا : لأنهم أقرب إلى الرحمة وأسرع إلى الإجابة.
وفي النبوي : «لو لا أطفال رضّع وشيوخ ركّع وبهائم رتّع لصبّ عليكم
العذاب صبّا».
وفي آخر : «إذا بلغ الرجل ثمانين سنة غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر».
وفي الرضوي في جملة الخطبة المأثورة فيه هنا : «اللهم ارحمنا بمشايخ ركّع وصبيان رضّع وبهائم رتّع وشبّان خضّع».
وليكونوا (من
المسلمين خاصة) كما ذكره جماعة،
فيمنع من الحضور معهم
أهل الذمة وجميع الكفّار.
وزاد الحلّي فقال : والمتظاهرين
بالفسوق والمنكر والخداعة من أهل الإسلام.
قال في المنتهى : لأنهم أعداء الله تعالى ومغضوب عليهم وقد بدّلوا نعمة الله تعالى كفرا فهم بعيدون من الإجابة، قال الله تعالى (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ•)
ثمَّ ذكر ما روي في حكاية دعاء
فرعون حين غار النيل،
ورجّح عدم المنع.
قيل
: ويعضده خروج
المنافقين مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنهم أكثر الناس أو كثير منهم يومئذ، وكذا خروج المخالفين مع
الرضا عليه السلام كما تضمنه بعض النصوص
فإنهم الأكثر يومئذ.
ويعضده أيضا ما ورد في بعض الأخبار من أنّ الله تعالى ربما حبس الإجابة عن
المؤمن لحبّ سماع صوته وتضرعه
وإلحاحه ، وعجّل الإجابة للكافر لبغض سماع صوته.
على أنهم يطلبون ما ضمنه الله تعالى لهم من رزقهم وهو سبحانه لا يخلف الميعاد.
(والتفريق بين الأطفال وأمهاتهم) كما ذكره جماعة،
قالوا : استجلابا
للبكاء والخشوع بين يدي الله تعالى، فربما أدركتهم الرحمة بلطفه.
(و) أن (تصلّى جماعة) للتأسي، وظواهر النصوص. وتجوز فرادى بإجماعنا، بل أهل العلم كافة إلاّ
أبا حنيفة كما في المنتهى.
(وتحويل الإمام
الرداء ) بأن يجعل الذي على يمينه على يساره وبالعكس كما في الصحيح وغيره مستفيضا.
وظاهرها ـ بعد حمل مطلقها على مقيدها ـ استحبابه من الإمام مرّة واحدة بعد الصلاة وصعود المنبر كما عليه الأكثر.
خلافا لبعضهم فذكر التحويل بعد الخطبة،
ولآخر فأثبته للمأموم أيضا،
ولجماعة فاستحبّوه ثلاث مرات.
ولم نعرف لشيء من ذلك مستندا واضحا.
(واستقبال
القبلة ) حال كونه (مكبّرا) مائة مرة (رافعا) بها (صوته، وإلى اليمين
مسبّحا ، وإلى اليسار مهلّلا، وعند
استقبال الناس حامدا) {في المختصر المطبوع : داعيا} كل ذلك مائة مرة رافعا بها صوته، على المشهور المأثور في الخبرين.
خلافا
للمفيد وجماعة
في ذكر اليسار واستقبال الناس، فيحمد في الأول ويستغفر في الثاني، كلا منهما مائة مرة. وللصدوق فيهما أيضا فعكس ما عليه المشهور.
ولم نعرف مستندهما (و) لا مستند من قال باستحباب أن (يتابعه الناس) في ذلك، أي في الأذكار ورفع الصوت بها أيضا كما عن
الحلبي والصدوق والقاضي،
أو الأذكار خاصة من غير رفع الصوت كما عن
الإسكافي والحلّي.
ولكن لا بأس بالمتابعة؛ للتسامح في أدلة السنن.
(والخطبة) مرتين كما يفعل في العيدين (بعد الصلاة) بإجماعنا الظاهر، المصرّح به في جملة من العبائر مستفيضا؛
والنصوص المروية من طرق العامة وطرقنا عموما وخصوصا.
والموثق الدال على أنها قبل الصلاة
شاذ يحتمل الحمل على
التقية ، فقد حكي في المنتهى وغيره
عن جماعة من
العامة .
(
والمبالغة في الدعاء، والمعاودة إن تأخرت الإجابة) إجماعا منّا كما حكاه في المنتهى، قال : لأن الله تعالى يحبّ الملحّين في الدعاء، ولأن الحاجة باقية فكان طلبها بالدعاء مشروعا، ولأنها صلاة يستدفع بها أذى فكانت مشروعة كالأولى.
رياض المسائل، ج۴، ص۸۰-۸۷.