غسلات الوضوء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(والفرض في الغسلات) التي يتحقق به
الامتثال (مرّة) واحدة إجماعا من الكلّ.
(و) الغسلة (الثانية) جائزة بلا خلاف، كما صرّح به بعض المحقّقين ونقله عن
أمالي الصدوق ،
ودل عليه الأخبار
حتى الأخبار النافية للاستحباب عنها، كالخبر المروي في
الخصال : «هذه شرائع الدين لمن تمسّك بها وأراد اللّه تعالى هداه :
إسباغ الوضوء كما أمر اللّه تعالى في كتابه الناطق،
غسل الوجه واليدين إلى المرفقين، و
مسح الرأس والقدمين إلى الكعبين مرّة مرّة، ومرّتان جائز».
والقول المنقول في الخلاف
عن بعض الأصحاب بعدم مشروعيتها ضعيف قطعاً.
و (سنّة) على الأظهر الأشهر، بل عليه
الإجماع عن
الانتصار والغنية والسرائر؛
للمسامحة في أدلة السنن ، بناء على ما عرفت من الجواز قطعا، وللصحاح وغيرها المستفيضة المؤيدة بالشهرة والإجماعات المنقولة وأدلة المسامحة، مع صراحة بعضها وعدم قبوله شيئاً من الاحتمالات التي ذكرت للجمع بينها وبين الأخبار المانعة من
الاستحباب ، مع بُعدها بالنسبة إلى غيره، إمّا في نفسه أو لقرائن ظاهره.
كمروي الكشّي في الرجال بسنده فيه عن
داود الرقّي ، وفيه
الأمر بالثلاث أوّلا للتقية ثمَّ بعد ارتفاعها الأمر بالثنتين.
ومثله بل وأصرح : مروي
المفيد في إرشاده عن
علي بن يقطين ، وفيه بعد الأمر بالثلاث وغسل الرّجلين و
تبطين اللحية تقية وظهور
ارتفاع التقية : «ابتدئ الآن يا علي بن يقطين، توضأ كما أمر اللّه تعالى، اغسل وجهك مرّة فريضة واخرى إسباغاً، واغسل يديك من المرفقين كذلك، وامسح بمقدّم رأسك وقدميك من فضل نداوة وضوئك، فقد زال ما كنّا نخاف عليك».
وقصور سندهما منجبر بما تقدّم، مضافا إلى
اعتبار متنيهما من حيث تضمنهما
الإعجاز . فتترجح على غيرها من بعض الأخبار المانعة من استحبابها، كما تقدّم، (أي مثل الخبر المتقدم عن الخصال. منه رحمه الله. ) ومرسل الفقيه : «من توضّأ مرّتين لم يوجر»
مضافا إلى ضعفه سنداً. وليس منه
الإخبار البيانية لورودها في بيان الواجبات، لخلوّها من كثير من المستحبات. وكذا الأخبار الدالة على أنّ الوضوء مرّة مرّة لحملها على الواجبي.
وكذا الأخبار الدالة على كون وضوء
النبي صلي الله عليه وآله وسلم و
عليّ عليه السلام مرّة مرّة
لعدم التصريح فيها بعدم استحباب الثانية، مع ما علم من حال النبي صلي الله عليه وآله وسلم من
الاقتصار في الأعمال على ما وجب
اشتغالا منه بالأهم، و
إظهار الاستحباب وجواز الترك، مضافاً إلى معارضتها بما دلّ على تثنيتهما في غسله، ففي الخبر : «إني لأعجب ممّن يرغب أن يتوضأ اثنتين، وقد توضّأ رسول اللّه النبي صلي الله عليه وآله وسلم اثنتين اثنتين»
مضافا إلى ضعف أسانيدها.
فالقول بعدم استحبابها مع الجواز ـ كما عن
البزنطي و
الكليني و
الصدوق في الفقيه والأمالي
ـ ضعيف جداً لا يلتفت إليه، سيّما مع عدم
التئامه مع ما دلّ على وجوب رجحان العبادة وكون المسح ببقية البلّة.
(و) منه يظهر أنّ (الثالثة بدعة) مضافاً إلى استفادتها من المعتبرة المنجبرة بالشهرة، ففي المرسل : أنها
بدعة .
وفي الخبر : «من توضأ ثلاثا فلا صلاة له».
وفي آخر : «توضأ مثنى مثنى ولا تزدن عليه، فإنك إن زدت عليه فلا صلاة لك».
خلافاً لمن شذّ، كالمفيد حيث جعلها تكلّفا والزائد عليها بدعة،
و
الإسكافي فجعل الثالثة غير محتاج إليها.
ومال إليه المصنف في
المعتبر ، قال : لأنه لا ينفك عن ماء الوضوء الأصلي.
وهو ضعيف لعدم
انحصار دليل المنع في وجوب المسح بالبلّة، ومع ذلك فهو غير تام في نفسه، من حيث إنّ المستفاد من الأدلة المسح بالبلّة والمتبادر منه عدم ممازجتها بشيء آخر غيرها.
رياض المسائل، ج۱، ص۱۵۳- ۱۵۸.