كيفية الجلد في الزناء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يجلد الزانى قائما مجردا؛ وقيل: إن وجد شابة جلد بها أشد الضرب، وقيل متوسطا؛ ويفرق على جسده، ويتقى فرجه ووجهه؛ وتضرب المرأة جالسة، وتربط ثيابها.
ويجلد الرجل الزاني قائماً مجرّداً كما في المعتبرة المستفيضة، منها
الموثّق كالصحيح: «يضرب الرجل قائماً، والمرأة قاعدة، ويضرب كلّ عضو، ويترك الرأس والمذاكير»
. وفي مثله: عن الزاني كيف يجلد؟ قال: «أشدّ الجلد» فقلت: من فوق الثياب؟ فقال: «بل يجرّد»
. ونحوهما موثّقان آخران
.
وبمضمونها أفتى
الفاضلان هنا وفي
الشرائع والإرشاد والقواعد،
وشيخنا في
الروضة،
والصيمري في
شرح الشرائع مدّعياً أنّه المشهور
. وفيه نظر.
وقيل كما عن
الشيخ وجماعة
، بل ادّعى عليه
الشهرة جماعة
، وعليه الإجماع في ظاهر
الغنية: أنّه يضرب على الحالة التي وجد عليها، فإن وجد عارياً جلد كذلك، وإن وجد بثيابه جلد بها.
للخبر: «لا يجرّد في حدّ ولا يشبح يعني: يمدّ ويضرب الزاني على الحالة التي وجد عليها، إن وجد عرياناً ضرب عريانا، وإن وجد وعليه ثيابه ضرب وعليه ثيابه»
.
وضعف سنده مع قصوره عن مقاومة ما قابلة يمنع عن العمل به، إلاّ أن يجبر جميع ذلك بالشهرة وحكاية
الإجماع المتقدّمة، مع بناء الحدود على التخفيف، فتدرأ بالشبهة.
ولا بأس به، لكن ينبغي تقييده بما إذا لم يمنع الثوب من إيصال شيءٍ من ألم الضرب كما عن ظاهر
المبسوط وصريح
الحلّي تحصيلاً لفائدة الجلد، وعملاً بما دلّ على ضربه أشدّ الضرب كما هو الأظهر الأشهر.
ففي الموثّق زيادةً على ما مرّ: «حدّ الزاني كأشدّ ما يكون من
الحدود»
ونحوه غيره
.
وفيما كتب مولانا
الرضا (علیهالسّلام) لمحمّد بن سنان: «وعلّة ضرب الزاني على جسده بأشدّ الضرب لمباشرته
الزنا واستلذاذ الجسد كلّه به، فجعل الضرب
عقوبة له وعبرة لغيره، وهو أعظم الجنايات»
.
وفيه تأييد لاعتبار التجريد، مضافاً إلى ما قيل من أنّ حقيقة الجَلد ضرب الجلد، كقولهم: جلد ظهره وبطنه ورأسه، أي ضرب ظهره وبطنه ورأسه
.
وقيل: يضرب متوسّطاً
أي ضرباً بين الضربين، كما في
المرسل. وهو شاذّ.
ويفرّق الضرب على جميع جسده من أعالي بدنه إلى قدمه؛ لمّا مرّ من التعليل بأنّه استلذّ بجميع أعضائه.
ولكن يتّقي رأسه و وجهه وفرجه على المشهور، كما في
النصوص:
منها زيادةً على ما مرّ المرسل: «يفرّق الحدّ على الجسد كلّه، ويتّقى
الفرج والوجه»
.
والخبر: «
الرجم والضرب لا يصيبان
الوجه»
.
واقتصر جماعة على استثناء الوجه والفرج، كما عن الشيخ في المبسوط
والخلاف، وحكى في الأوّل استثناء الرأس قولاً، وفي الخلاف عن
أبي حنيفة، وادّعى الإجماع على خلافه.
واقتصر
الحلبي على الرأس والفرج
، ولعلّه أدخل الوجه في الرأس.
ويؤيّد استثناءه زيادةً على النصّ أنّ ضربه ربما أوجب العمى، واختلال
العقل، ونحو ذلك ممّا ليس بمقصود من الجلد.
وتضرب المرأة جالسة كما في الموثّق السابق وتربط عليها ثيابها على الأشهر الأقوى؛ لما ذكره
الشيخان وغيرهما
من أن لا تهتك فتبدو عورتها، وللأمر به لمّا أُريد رجمها في بعض النصوص، في امرأة أقرّت عند
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) بالفجور، قال: «فحفر لها حفيرة في الرحبة، وخاط عليها ثوباً جديداً، وأدخلها الحفيرة»
.
وفيما روي أنّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) أمر فشدّت على الجهنيّة ثيابها ثم رجمت
.
خلافاً
للمقنع، فجعلها كالرجل في جلدها عريانةً إن وجدت كذلك
.
ومستنده مع مخالفته لما مرّ غير واضح؛ مع شذوذه، وإن نسبه في الروضة إلى الشيخ وجماعة
. والخبر المتقدّم بضرب الزاني عرياناً إن وجد عرياناً مختصّ بالرجل؛ لظاهر الصيغة، وإرادة الجنس منه بحيث يشمل الزانية تغليباً مجازٌ يحتاج إلى قرينة، وهي مفقودة، بل القرينة على خلافه بعد
التبادر موجودة، كما عرفته.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۵۱۲-۵۱۶.