معرفة سهام الوراث
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ذكر الفقهاء لمعرفة السهام طرقاً، هي : ۱- أن تنسب سهام كلّ وارث من الفريضة، وتأخذ له من التركة بتلك النسبة، فما كان فهو نصيبه، ۲- أن تقسّم التركة على الفريضة، فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كلّ واحد، فما بلغ فهو نصيبه، ۳- وهو عامّ النفع في النسب الظاهرة والخفيّة.
أن تنسب سهام كلّ وارث من الفريضة، وتأخذ له من التركة بتلك النسبة، فما كان فهو نصيبه،
وهو الذي اعتبره بعض الفقهاء أقرب الطرق
والبعض الآخر أسهلها.
وعلّق عليه جماعة بأنّ هذا الطريق شامل لجميع أصناف
التركة عقاراً كان أم غيره، وإنّما يكون أقرب إذا كانت النسبة واضحة كزوج وأبوين، فتكون
الفريضة من ستّة، للزوج ثلاثة هي نصف الفريضة، فيعطى نصف التركة كائنة ما كانت، وللُامّ مع عدم
الحاجب اثنان هما ثلث الفريضة، فلها ثلث التركة، وللأب واحد وهو سدس الفريضة، فيعطى سدس التركة.
أن تقسّم التركة على الفريضة، فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كلّ واحد، فما بلغ فهو نصيبه،
وهو يقرب مع سهولة القسمة.
وعلّق عليه بأنّ هذا الوجه إنّما يحتاج إليه فيما إذا تعسّر معرفة نسبة عدد التركة إلى سهام الفريضة، كما لو كانت التركة عشرة دنانير والسهام نصف وثلث وسدس، فتعسر معرفة سدس العشرة ونحوه من الكسور، فطريقه: أن تقسّم التركة على الفريضة، يخرج في المثال واحد وثلثان، فإذا أردت أن تعرف نصيب الزوج من التركة فاضرب الخارج في سهامه- وهي ثلاثة- تخرج خمسة، فهي نصيبه من العشرة، واضرب الخارج في اثنين- سهام
الامّ - تخرج ثلاثة وثلث، فهي نصيبها من العشرة، وتضربه في واحد يخرج بقدره، وهو نصيب
الأب .
وهو عامّ النفع في النسب الظاهرة والخفيّة،
وهو قسمان:
أنّه إذا كانت التركة صحاحاً لا كسر فيها كالاثني عشر فحرّر العدد الذي منه تصحّ الفريضة، ثمّ خذ ما حصل لكلّ وارث واضربه في التركة، فما حصل فاقسمه على العدد الذي تصحّ منه الفريضة، فما خرج فهو نصيب ذلك الوارث.
مثاله: ثلاث زوجات و
أبوان وابنان وبنت، فإنّ الفريضة فيها من أربعة وعشرين، ثمنها ثلاثة للزوجات، وسدساها للأبوين ثمانية، فتنكسر في نصيب الأولاد على خمسة؛ لأنّ الفرض كونهم ابنين وبنتاً ولا وفق، فتضرب عددهم وهو الخمسة في
الأصل الذي هو أربعة وعشرون، فتكون مائة وعشرين، وسهام الزوجات منها خمسة عشر ثمنها، لكلّ زوجة خمسة، تضرب في التركة- وهي الاثنا عشر- تكون ستّين ديناراً، تقسّمها على مائة وعشرين، يخرج نصف دينار وهو نصيب كلّ زوجة من الاثني عشر، أي دينار ونصف، وسهام كلٍّ من
الأبوين سدسها، وهو عشرون، فتضربها في الاثني عشر تكون مائة وأربعين تقسّمها على مائة وعشرين، يخرج ديناران، وهو نصيب كلّ واحد من الأبوين، وسهام كلّ
ابن ستّة وعشرون تضربها في اثني عشر تكون ثلاثمائة واثني عشر ديناراً، تقسّمها على مائة وعشرين يخرج ديناران وثلاثة أخماس دينار لكلّ ابن، وللبنت دينار وثلاثة أعشاره.
لو كان في التركة كسر كما لو كانت اثني عشر ونصفاً- مثلًا- فابسط التركة من جنس ذلك الكسر بأن تضرب مخرج ذلك الكسر في التركة، فما ارتفع أضفت إليه الكسر وعملت فيه ما عملت في الصحاح، وهو في الفرض خمسة وعشرون؛ لأنّ الفرض كون الكسر نصفاً وضرب مخرجه في الفريضة غير الكسر يبلغ أربعة وعشرين، فإذا أضفت إليه الكسر كان خمسة وعشرين. ولو فرض أنّ الكسر ثلث كان سبعة وثلاثين؛ لأنّ ضرب مخرجه في الفريضة غير الكسر يبلغ ستّة وثلاثين، فإذا أضفت إليه الكسر كان سبعة وثلاثين، وهكذا. ولو ضربت المخرج في الصحاح والكسر ابتداءً حصل المطلوب أيضاً.
وعلى كلّ حال، فما اجتمع حينئذٍ للوارث قسّمته على ذلك المخرج، فإن كان الكسر نصفاً قسّمته على اثنين؛ لأنّهما مخرج النصف، وإن كان ثلثاً قسّمته على ثلاثة؛ لأنّها مخرج الثلث، وعلى هذا القياس إلى العشر الذي هو منتهى الكسور فتقسّمه حينئذٍ على عشرة، فما اجتمع فهو نصيبه.
قال
المحقق النجفي : «فلو فرض أنّ الوارث زوج وأبوان وبنت ففريضتهم اثنا عشر، وكانت التركة عشراً ونصفاً فابسطها من جنس التركة، تكون أحد وعشرين، واعمل فيه ما ذكرناه سابقاً، فتضرب سهام البنت- وهو خمسة من اثني عشر- في أحد وعشرين تبلغ مائة وخمسة، تقسّمها على اثني عشر تخرج بالقسمة ثمانية وثلاثة أرباع، تقسّمها على اثنين تخرج أربعة وربع وثمن، وذلك حصّتها من العشرة ونصف، وتضرب سهام الأبوين- وهي أربعة من الاثني عشر- في الإحدى وعشرين تبلغ أربعة وثمانين، تقسّمها على اثني عشر تخرج سبعة، تقسّمها على اثنين تخرج ثلاثة ونصفاً، وهي نصيبهما من العشرة ونصف، وتضرب سهام الزوج- وهي ثلاثة ربع الاثني عشر- في أحد وعشرين تبلغ ثلاثة وستّين، تقسّمها على اثني عشر تخرج خمسة وربع، تقسّمها على اثنين تخرج اثنان ونصف وثمن، وذلك نصيبه من العشرة ونصف».
ولو كانت التركة عدداً أصمّ، أي خالٍ من الكسور التسعة، كأحد عشر وثلاثة عشر فاقسم التركة عليه، فإن بقي ما لا يبلغ ديناراً فابسطه قراريط واقسمه، فإن بقي ما لا يبلغ قيراطاً فابسطه حبّات واقسمه، فإن بقي ما لا يبلغ حبّة فابسطه ارزات واقسمه، فإن بقي ما لا يبلغ ارزة فانسبه بالأجزاء إليها؛
وذلك لأنّ الدينار عشرون قيراطاً، والقيراط ثلاث حبّات، والحبّة أربع ارزات، وليس بعد
الارزة اسم خاص؛ ولذا كانت النسبة بالأجزاء إليها.
فلو فرض كون الوارث أربعة بنين وثلاث بنات كان فريضتهم أحد عشر، فلو فرض كون التركة اثني عشر ديناراً جعل كلّ سهم منها ديناراً وجزءاً من أحد عشر جزءاً من دينار، فيقال: للابن ديناران وجزءان من أحد عشر جزءاً من دينار، وللبنت دينار وجزء، ولا يحتاج إلى البسط.
وإن بقي بعد القسمة ما لا يبلغ ديناراً، كما لو كانت التركة أحد عشر ديناراً وثلاثة أرباع دينار فالبسط كسر الدينار قراريط تبلغ خمسة عشر قيراطاً، فإذا قسّمتها على أحد عشر تبقى أربعة قراريط، فابسطها حبّات تبلغ اثني عشر حبّة؛ لأنّ القيراط ثلاث حبّات، تفضل حبّةً، فابسطها ارزات تكن أربع لا تنقسم، فاعتبرها بالجزء يكون الخارج بالقسمة أربعة أجزاء من ارزة، فكلّ سهم يخصّه دينار وقيراط وحبّة وأربعة أجزاء من ارزة.
والضابط لصحّة القسمة في كلّ مسائل الفرائض هو أن يجمع ما يحصل للوارث، فإن ساوى التركة فالقسمة صواب، وإلّا فهي خطأ.
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۳۳۲- ۳۳۶.