نقد الإستدلال لإثبات حجيّة المصالح المرسلة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
نقد الإستدلال لإثبات حجيّة المصالح المرسلة:
المصالح المرسلة هو في الاصطلاح یستعمل فی موارد المصالح والمضارّ التی لم یرد فیها نصّ خاصّ اوعام، وفی حجیّة المصالح المرسلة ثلاثة اقوال: فیری
مالک انّها حجّة مطلقاً، وینکر
جمهور اهل السنّة حجیّتها کذلک، حتی انّ بعض
المالکیة ذهبوا الی انّ حجّیتها عند مالک بعیدة، وذهب بعض آخر الی التفصیل فی المسالة، وقالوا: انّ المصالح الضروریة القطعیة و
البدیهیة فقط، هی المعتبرة، والقائلين بحجيّته ذكروا وجوه كلها منقوضة.
القائلون بحجيّة المصالح المرسلة ذكروا وجوها كلها منقوضة.
فی الحقیقة انّ المصالح علی ثلاثة اقسام:
۱.
المصالح المعتبرة، وهی المصالح التی دلّت علیها وعلی اعتبارها الادلّة الشرعیة.
۲.
المصالح المُلغاة، وهی المصالح التی قرّر
الشارع المقدّس عدم اعتبارها وعدم لزوم رعایتها، من قبیل التسلیم للعدوّ اذا کانت هناک مصلحة فی حفظ النفس فیه، ولکن بما انّ کیان الاسلام یواجه خطراً من هذا العمل، فانّ مصلحة حفظ النفس تلغی حینئذٍ، ویامر الشارع بالجهاد حتّی مع وقوع النفس فی الخطر.
۳.
المصالح المرسلة، وهی المصالح التی خرجت عن دائرة الغاء او اعتبار الشارع.
وفی حجیّة المصالح المرسلة ثلاثة اقوال:
وفی حجیّة المصالح المرسلة ثلاثة اقوال: فیری مالک انّها
حجّة مطلقاً،
وینکر جمهور اهل السنّة حجیّتها کذلک، حتی انّ بعض المالکیة ذهبوا الی انّ حجّیتها عند مالک بعیدة.
وذهب بعض آخر الی التفصیل فی المسالة، وقالوا: انّ المصالح الضروریة القطعیة والبدیهیة فقط، هی المعتبرة.
وقد ذکروا للمصالح المرسلة هذا المثال: اذا تترّس الکفّار اثناء قتالهم للمسلمین بمجموعة من اسری المسلمین وقصدوا الاضرار بالمسلمین بهذه الحیلة، فلو انّ المسلمین توقّفوا عن القتال ولم یتصدّوا لهم، فانّهم سیلحقون الضرر بالمسلمین، وسوف یقتل الاسری ایضاً، ولکن اذا تصدّی لهم المسلمون وقاتلوهم، فانّ الاسری سوف یقتلون بشکل او بآخر ولو کان ذلک علی ید المسلمین، فی هذه الحالة فانّ المصالح المرسلة تقتضی جواز قتل اسری المسلمین، لانّه یفهم من ذلک مذاق الشرع، وانّ هذا العمل اقرب لمصالح المسلمین.
وقد ذکر فی الفرق بین المصالح المرسلة والاستحسان انّ
الاستحسان غالباً نوع من الاستثناء من القواعد والنصوص العامّة، وبعبارة اخری، انّ الاستحسان نوع من العدول عن الحکم الثابت بالدلیل العام، لکنّ المصالح المرسلة تتعلّق بما اذا لم یکن هناک دلیل علی الحکم، والفقیه من خلال مذاق الشرع یحصل علی الحکم علی اساس المصلحة، وبالطبع فانّ الاستحسان تتوفّر فیه
المصلحة ایضاً، ولکن هذه المصلحة تکون غالباً بشکل استثناء.
وامّا دلیل القائلین بحجیّة المصالح المرسلة، فهو: انّ الاحکام تابعة للمصالح، و
النصوص الشریفة لم تقرّر جمیع المصالح الموجودة فی الاعمال، والمصالح متجددة بحسب مقتضیات الزمان والمکان، فلو اکتفی الفقیه بالمصالح المعتبرة الواردة فی النصوص فانّه سیفقد مصالح کثیرة اخری، وهذا مخالف لغرض الشارع.
الجواب: من البدیهی انّ الاحکام تابعة للمصالح، فاذا کانت المصالح واردة فی الادلّة والنصوص، او ادرکها العقل فی دائرة
المستقلّات العقلیة بحیث یحصل من ذلک، القطع بها، فانّ هذا القطع بذاته سیکون حجّة ولکن اذا کانت المصلحة بشکل لا یوجد دلیل علی اعتبارها والغائها، وکانت تقوم علی اساس الظنّ بالحکم الشرعیّ واعتبار هذا الحکم مبنیّ علی اساس هذه المصلحة، فانّ ذلک یحتاج الی دلیل قطعیّ، ولا یوجد مثل هذا الدلیل، والاصل فی الظنّ عدم الحجّیة
«اِنَّ الظَّنَّ لَایُغْنِی مِنَ الْحَقِّ شَیْئاً».
.
وخلاصة الکلام انّه کلّما حصل القطع والیقین بالمصالح المرسلة، فلا شک فی حجّیتها، والاشکال انّما هو فی المصالح الظنیّة التی لا یوجد دلیل قطعیّ لدینا علی اعتبارها وحجّیتها.
موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المأخوذ من عنوان «نقد الإستدلال لإثبات حجيّة المصالح المرسلة» ج۱،ص۱۹۵-۱۹۷.