يَيْأَسَ (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يَيْأَسَ:
(اَ فَلَمْ یَیْاَسِ الَّذینَ آمَنُوا) «يَيْأَسَ» مأخوذة من مادّة اليأس، و لكن يقول جمهور من المفسّرين: انّها جاءت هنا بمعنى العلم، و امّا ما يقوله البعض
[طبقا لما نقله
الفخر الرّازي] ان «يئست» لا تأتي بمعنى «علمت» إطلاقا، و يرى
الرّاغب في
مفرداته انّ اليأس هنا هو نفس معناه، و لكن يحتاج لتحقّقه الى العلم بعدم تحقّق الموضوع، و على هذا يكون ثبوت يأسهم يتوقّف على علمهم و تكون نتيجته انّ اليأس هنا ليس العلم بالوجود، بل العلم بالعدم، و هو مخالف لمفهوم الآية، و على ذلك فالحقّ ما قاله جمهور المفسّرين، و ما ذكروه من شواهد في قول العرب على ذلك، و قد ذكر الفخر الرّازي في تفسيره امثلة من هذه الشواهد
[دقّقوا النظر
] .
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«يَيْأَسَ» نذكر أهمها في ما يلي:
(وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاءُ اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) قال
العلامة الطباطبائي في
تفسير الميزان: ذكر بعضهم أن اليأس بمعنى
العلم وهي لغة
هوازن و قيل لغة حي من النخع و أنشدوا على ذلك قول
سحيم بن وثيل الرباحي :
أقول لهم بالشعب إذ يأسرونني ••• ألم تيأسوا أني ابن فارس زهدم
وقول
رباح بن عدي :
ألم ييأس الأقوام أني أنا ابنه ••• وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا
و محصل التفريع على هذا أنه إذا كانت الأسباب لا تملك من هدايتهم شيئا حتى قرآن سيرت به
الجبال أو قطعت به
الأرض أو كلم به الموتى وأن الأمر لله جميعا فمن الواجب أن يعلم الذين آمنوا أن الله لم يشأ هداية الذين كفروا لو يشاء الله لهدى
الناس جميعا الذين آمنوا والذين كفروا لكنه لم يهد الذين كفروا فلم يهتدوا ولن يهتدوا.
و ذكر بعضهم أن اليأس بمعناه المعروف وهو
القنوط غير أن قوله : «
أَفَلَمْ يَيْأَسِ» مضمن معنى العلم و المراد بيان لزوم علمهم بأن الله لم يشأ هدايتهم ولو شاء ذلك لهدى الناس جميعا ولزوم قنوطهم عن اهتدائهم وإيمانهم.
فتقدير الكلام بحسب الحقيقة : أفلم يعلم الذين آمنوا أن الله لم يشأ هدايتهم ولو يشاء لهدى الناس جميعا أولم ييأسوا من اهتدائهم وإيمانهم؟ ثم ضمن اليأس معنى العلم ونسب إليه من متعلق العلم الجملة الشرطية فقط أعني قوله : «
لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً» إيجازا وإيثارا للاختصار.
وذكر بعضهم : أن قوله «
أَفَلَمْ يَيْأَسِ» على ظاهر معناه من غير تضمين وقوله : «
أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ» إلخ ، متعلق بقوله : «
آمَنُوا» بتقدير الباء ومتعلق «
يَيْأَسِ» محذوف وتقدير الكلام أفلم ييأس الذين آمنوا بأن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا من إيمانهم وذلك أن الذين آمنوا يرون أن الأمر لله جميعا ويؤمنون بأنه تعالى لو يشاء لهدى الناس جميعا ولو لم يشأ لم يهد فإذ لم يهد ولم يؤمنوا فليعلموا أنه لم يشأ وليس في مقدره سبب من الأسباب أن يهديهم ويوفقهم للإيمان فلييأسوا من إيمانهم.
قال
الطبرسي في
تفسير مجمع البيان: «
أَ فَلَمْ يَيْأَسِ اَلَّذِينَ آمَنُوا» أي أ فلم يعلموا و يتبينوا عن
ابن عباس و الحسن و مجاهد و قتادة و
سعيد بن جبير و أبي مسلم و قيل معناه أ فلم يعلم الذين آمنوا علما ييأسوا معه من أن يكون غير ما علموه عن الفراء و قيل معناه أ فلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الذين وصفهم الله عز و جل بأنهم لا يؤمنون.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.