أجرة المثل للوصي
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
للوصي أقل الأمرين: إن كانت كفايته أقل من
أجرة المثل ، فله قدر الكفاية، دون أجرة المثل، وإن كانت أجرة المثل أقل من كفايته، فله
الأجرة ، دون الكفاية.
(و) يجوز أن (يأخذ الوصي
أُجرة المثل ) لعمله إن عيّنها له الموصي مطلقاً، بلا خلاف، كما في التنقيح،
وكذا الزيادة لو وافقت الثلث، وإلاّ فتتوقّف على
إجازة الورثة.
وكذا إن لم يعيّنها بشرط أن لا يكون بعمله متبرّعاً، وفاقاً للمحكي عن الشيخ والفاضل والشهيد؛
لأنه عمل محترم غير متبرّع به فكان له اجرة مثله.
وللخبر، بل الصحيح كما قيل
: عمّن تولّى مال
اليتيم ما له أن يأكل منه؟ فقال : «ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من
الأجر لهم فليأكل بقدر ذلك».
وعن
مجمع البيان أنه الظاهر من روايات أصحابنا.
(وقيل) كما عن النهاية والحلي
: يأخذ (قدر الكفاية) لقوله سبحانه (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ)
وهو ما لا
إسراف فيه ولا
تقتير .
وللمعتبرة المستفيضة، منها الصحيحان المفسّران للمعروف بالقوت.
والموثقان في تفسيره أيضاً، في أحدهما : «فليأكل بقدر ولا يسرف».
وفي الثاني : «له أن يصيب من لبنها من غير نهك بضرع ولا فساد لنسل».
والخبر المروي عن
تفسير العياشي : «فليشرب من ألبانها غير مجهد للحلاب، ولا مضرّ بالولد».
ويمكن
إرجاع هذه الأدلّة إلى الأوّل، لكنّه فرع التكافؤ.
والأحوط بل الأولى كما عن
المبسوط والتبيان
أن له أقلّ الأمرين؛ جمعاً بين الأدلّة، واقتصاراً فيما خالف
الأصل على المتيقّن من الفتوى والرواية.
(هذا مع الحاجة) في الوصي وفقره.
وأمّا مع غناه فالأحوط بل اللازم كما عن الحلي
أن لا يأخذ شيئاً؛ للأصل، ونصّ الآية الكريمة (مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ)
والموثق : «من كان يلي شيئاً لليتامى وهو محتاج ليس له ما يقيمه.. فليأكل بقدر ولا يسرف، وإن كانت ضيعتهم لا تشغله عما يعالج لنفسه فلا يرزأنّ من أموالهم شيئاً».
خلافاً للمحكي عن
الإسكافي والطوسي،
فجوزّاه على كراهةٍ، ووافقهما العلاّمة؛
لقرينة العفة الظاهرة في الجواز مع الكراهة.
وفي هذه القرينة مناقشة، فلا يصرف
الأمر في الآية والرواية عن ظاهره بمثلها.
ثم ظاهر
إطلاق العبارة كغيرها يقتضي عدم الفرق في جواز الأخذ بين كثرة المال وقلّته، وهو الموافق لإطلاق الآية وكثير من الروايات الواردة في المسألة، لكن في جملة منها
اشتراط الكثرة.
ففي القريب من الصحيح الوارد في تفسير الآية : فقال : «ذاك الرجل يحبس نفسه عن المعيشة، فلا بأس أن يأكل بالمعروف إذا كان يصلح لهم أموالهم، فإن كان قليلاً فلا يأكل منه شيئاً»
ونحوه المروي عن تفسير العياشي.
ولا ريب أنه أحوط، كالمستفاد منهما ومن خبرين آخرين مرويّين عن التفسير المزبور
من اشتراط صرف العمل كله في مال اليتيم دون نفسه، فلا يأخذ إن عمل لنفسه مطلقاً احتياطاً، بل وجوباً إذا حصل له بذلك غنى؛ لما مضى.
ثم إنّه على القول الثاني هل المراد بالكفاية ما يكفيه وعياله، أو يقتصر على نفسه خاصّة؟ وجهان، وربما يدّعى ظهور الأوّل من روايات المسألة.
ولا يخلو عن مناقشة، ولا ريب أن الثاني أحوط، وإن كان ما يدّعى لا يخلو عن وجه.
رياض المسائل، ج۱۰، ص۳۴۲- ۳۴۶.