الألية
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهي اللحم الناتىء بين الظهر والفخذ.
هي العجيزة، أو ما ركب العَجُزَ من لحمٍ وشحمٍ.
وقد استعملها
الفقهاء في نفس معناها اللغوي، كما هو ظاهر تعريفهم لها حيث قالوا: إنّها اللحم الناتئ بين الظهر والفخذ.
والفخذ يلي الركبة، وفوقه الوَرك، وفوقه الألية.
نعم، اختلفوا في تحديدها في الإنسان، هل هي خصوص ما ارتفع من اللحم، أو مجموع ذلك وما اتّصل به إلى أن يصل إلى العظم؟ الظاهر من كلمات الفقهاء الثاني،
ونقل عن
العلّامة الحلّي الأوّل.
تتعلّق بالألية عدّة أحكام في مواضع متفرقة من الفقه نشير إلى أهمّها إجمالًا فيما يلي:
اختلف الفقهاء في حكم الألية المقطوعة من الحيوان الحي، بل كلّ جزء ممّا تحلّه الحياة إذا ابين وقطع منه، على قولين:
الأوّل: إنّها نجسة يحرم أكلها واستعمالها،
وادّعي عليه
الإجماع واستفاضة النصوص به،
كرواية
الحسن ابن
علي ، قال: سألت
أبا الحسن عليه السلام فقلت: جعلت فداك، إنّ أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها، قال: «هي حرام»، قلت: فنصطبح
بها؟ قال: «أما تعلم أنّه يصيب اليد والثوب وهو حرام؟».
فإنّ هذه الرواية ظاهرة في المنع عن استعمالها مطلقاً، إذ لو كان هناك مورد يجوز فيه استعمالها لبيّن؛ ضرورة أنّ السياق تحديد لمثل هذه الامور.
الثاني: يحرم الانتفاع بها فيما يشترط فيه
الطهارة والتذكية كالأكل واللبس في
الصلاة ، ويجوز فيما لا يشترط فيه ذلك
كالاستصباح ، وهذا ما اختاره جملة من الفقهاء، وهو عندهم وجه الجمع بين طائفتين من الروايات أحدهما مانعة من الانتفاع والاخرى مجوّزة له.
يستحبّ في تكفين الميّت أن يجعل بين أليتيه شيء من القطن أو نحوه بحيث يستر العورتين؛
للروايات:
منها: موثقة
عمّار عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه سئل عن
الميّت فذكر حديثاً يقول فيه:
«ثمّ تكفّنه، تبدأ فتجعل على مقعدته شيئاً من القطن...».
فإنّ جعل القطن على مقعدته يساوق وضعه بين الأليتين.
مضافاً إلى أنّ ذلك من أشكال احترام الميّت بستر عورته والحيلولة دون نزول النجاسة منه، أو ظهورها.
يستحبّ للرجل المصلّي أن يقعد متورّكاً بين السجدتين والتشهّد وغيرهما، وهو أن يجلس على جانبه الأيسر أو على أليته، ويجعل ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى.
وهناك كيفيّات اخرى للجلوس في الصلاة بعضها مستحبّ- كالتربع- والآخر مكروه
كالإقعاء ، وهي تتضمّن الجلوس على الأليتين، فقد ورد في صحيح
زرارة عن
أبي جعفر عليه السلام: «... وإذا قعدت في تشهّدك فألصق ركبتيك بالأرض، وفرّج بينهما شيئاً، وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض، وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى، وأليتاك على الأرض، وطرف إبهامك اليمنى على الأرض...»،
يجب أن يكون الهدي سليماً تام الأعضاء والجوارح؛ ولذا لا يجزي مقطوع الألية أو بعضها.
واستقرب
العلّامة الحلّي الإجزاء، مستدلّاً له بأنّ فقد الألية لا يوجب نقصاً في قيمة الشاة ولا في لحمها.
وقد يناقش بأنّه إذا كانت العبرة بكمال
الهدي وتمامه فإنّ ذلك يوجب النقص فيه.
نعم، لو كانت العبرة بالسلامة فهي صادقة حتى مع قطع الألية.
وأمّا الشاة البتراء التي لم تخلق لها ألية فالأحوط أنّها لا تجزي إلّاإذا اتّفق وجود صنف من الغنم له مثل هذه الصفة في أصل خلقته بحيث لا يعدّ ذلك نقصاً فيه.
والمفترض على مبنى العلّامة الحلّي أن يقال بالإجزاء؛ لعدم الفرق بين الحالتين ما دام المهم هو الحالة الفعلية، إلّاإذا قيل بأنّ عدم ذلك خلقةً يعدّ نقصاً عرفاً.
تارة تكون
الجناية على الألية عمديةً واخرى غير عمدية، والعمدية تارة تكون بقطع الألية واخرى بجرحها.
فإن كانت الجناية بقطعها فقد اختلف الفقهاء في
القصاص عليها على قولين:
عدم القصاص؛ لتعذّر المماثلة،
إذ لا ينفردان عن سائر الأعضاء بمفصلٍ ونحوه؛ ولذلك لا يجري في أبعاضهما أيضاً.
ثبوت القصاص،
ويناسبه ثبوت الدية فيهما ونصفها في إحداهما.
وعدم الانفصال ممنوع؛ فإنّهما بارزان عن استواء الفخذ والظهر.
ولا أقلّ من إمكان الاكتفاء بالقدر المتيقّن منهما.
وإن كانت بجرحها فلا قود؛ لأنّه شقّ لحم، ففيه
الأرش والحكومة،
وقيل: يعرف بالحساب إن أمكن، وإلّا فالحكومة أو الصلح، وإلّا فلا يجب إلّاالأقل؛ للأصل.
والحساب هو نسبة المجروح إلى تمام العضو، ثمّ الأخذ بهذه النسبة من مجموع الدية.
وأمّا إذا كانت الجناية غير عمدية (خطأً)، فالمعروف بين الفقهاء أنّ في الأليتين الدية، وفي كلّ واحدةٍ منهما نصف الدية، ومن المرأة ديتها، وفي كلّ واحدةٍ منهما نصف ديتها؛
للعمومات الدالّة على أنّ كلّ ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية، وفي واحدٍ منهما نصف الدية،
مثل: صحيحة
عبد اللَّه بن سنان عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية، مثل اليدين والعينين»، قال: قلت: رجل فقئت عينه؟
قال: «نصف الدية»، قلت: فرجل قطعت يده؟ قال: «فيه نصف الدية...».
مضافاً إلى ما فيهما من الجمال والمنفعة الظاهرة في القعود والركوب وغيرهما.
وإن أمكنت المناقشة في ذلك من حيث عدم إفادته الحكم المتقدّم إلّابضرب من الاعتبار.
الموسوعة الفقهية، ج۱۶، ص۴۰۸-۴۱۱.