الإفراز
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى القسمة أو
تمييز شيء عن الآخر.
الإفراز- لغة-: مصدر أفرز، وهو من الفرز بمعنى القسمة، وأفرزته، إذا قسمته، وبمعنى
عزل شيء عن شيء وتمييزه.
وقد استعمله
الفقهاء في المعنى اللغوي نفسه.
إلّا أنّه قد جعله بعضهم أحد أنواع القسمة، حيث ذكر أنّ أنواع القسمة العرفثلاثة، وعدّ منها: قسمة الإفراز، وهي أن يكون الشيء قابلًا للقسمة، فالتعديل بحسب الأجزاء كيلًا أو وزناً أو عدّاً تسمّى قسمة الإفراز، وهي جارية في المثليّات مطلقاً
كالحبوب والأدهان والخلّ والألبان وطاقات
الأقمشة ونحوها، وكذا في القيميّات المتساوية الأجزاء كجملة كثيرة من
المزروعات والكثير ممّا يخرج من معمل واحد بقالب واحد.
والمرجع في ذلك أهل
الخبرة ، فكما حكم
العرف بأنّه مثليّ يجري فيه قسمة الإفراز وذلك يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة وليس في ذلك تعبّد
شرعي .
وهو بمعنى
التنحّي ، ويختلف عن الإفراز في أنّ الإفراز يكون لجزء من الأصل أو كالجزء منه في شدّة اختلاطه به، أمّا العزل فهو التنحية وقد يكون جزءً من المنحّى منه، وقد لا يكون، بل قد يكون خارجاً منه، كالعزل عن الزوجة.
وهي- لغة- النصيب، وجعل الشيء أو الأشياء أجزاءً أو أبعاضاً متمايزة، وقد تكون بالإفراز وقد يقصد بها بيان الحصص دون إفراز، كما في
المهاياة .
تعرّض الفقهاء لحكم الإفراز في أبواب
الزكاة والشركة والقضاء نشير إلى أهمّها:
صرّح الفقهاء
بجواز إفراز زكاة
الأموال لسهم
المستحقّ وإخراجها منه إلى أن يوصله إليه،
سواء عزلها من العين الزكوية أو من مال آخر.
وإن تلف المال الذي أفرزه للزكاة- قبل
تسليمها إلى
الفقير - ففيه الأقسام الأربعة
:
أن يتلف جميع المال مع عدم
التمكّن من
أداء الزكاة ومن غير
تفريط ، فلا
ضمان عليه ولا زكاة إجماعاً بعد
براءة ذمّته ودلالة الروايات على ذلك:
منها: صحيحة
محمد بن مسلم قال: قلت
لأبي عبد اللَّه عليه السلام: رجل بعث بزكاة ماله لتقسّم فضاعت هل عليه ضمانها حتى تقسّم؟ فقال: «إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها، وإن لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى
أهلها فليس عليه ضمان؛ لأنّها قد خرجت من يده».
أن يتلف جميع المال أو بعضه مع التمكّن والتفريط والمعروف الضمان عليه.
وفي التذكرة: أنّه قول علمائنا أجمع،
كما تدلّ الصحيحة المتقدّمة على ذلك.
أن يتلف بعض المال مع عدم التمكّن والتفريط فلا ضمان عليه.
وكذا في زكاة الأبدان فيجوز إفرازها في مال مخصوص بقصد كونه
فطرة بأن يميّزه عن غيره بهذا
القصد فلا عزل بدون الأمرين؛ وذلك لعدم صدقه عرفاً.
صرّح
الفقهاء بجواز مطالبة أحد
الشريكين القسمة؛ وذلك لقاعدة السلطنة على الأموال، فإنّ المفروض أنّ حصّته هي ماله وله سلطنة عليها في امكانه أخذها وفرزها عن حصّة الشريك، فإذا طلب أحدهما قسمة الإفراز- وذلك في المورد الذي تكون الشركة في أنواع متساوية الأجزاء كما تقدّم- لزمت إجابته، فليس للآخر
الامتناع عنها ومع الامتناع يجبر
الحاكم عليها؛
لأنّها من الامور الحسبيّة التي لابدّ من قيام الحاكم الشرعي بها،
حتى لو لم يلتزم
بالولاية العامة للفقيه.
قال
السيد الأصفهاني : «إذا طلب أحد الشريكين القسمة... فإن كان المال المشترك ممّا لا يمكن فيه إلّا قسمة الإفراز أو التعديل فلا إشكال، وأمّا فيما أمكن كلتاهما فإن طلب قسمة الإفراز يجبر عليها الممتنع، بخلاف ما إذا طلب قسمة التعديل، فإذا كانا شريكين في أنواع متساوية الأجزاء-
كحنطة وشعير وتمر وزبيب - فطلب أحدهما قسمة كلّ نوع بانفراده قسمة إفراز اجبر الممتنع».
نعم، لو استلزمت قسمة الإفراز
الضرر على الشريك الآخر لا يجبر عليها؛ لنفي الضرر وهو عامّ يشمل جميع أقسام القسمة.
نعم، قد يقال بالتفصيل بين ما إذا كان في الإفراز ضرراً على الشريك دون أن يكون في عدمه ضرراً على الأوّل، وبين ما إذا كان في عدم الإفراز ضرراً على الأوّل بحيث لا يمكنه رفعه إلّا بالإفراز الموجب لتضرّر الطرف الثاني، فهنا قد يصعب إجراء
قاعدة نفي الضرر أو حرمة الإضرار مطلقاً، وهو ما بحثوه بالتفصيل في مباحث قاعدة (لا ضرر ولا ضرار).
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۲۸۲-۲۸۴.