الأداء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الأداء(توضيح).
هو
الإيصال إيفاء ما استحق من دين ونحوه ويأتي بمعنى
القضاء.
الأداء- وزان فعال-: اسم مصدر للفعل (أدّى)،
ومصدره
التأدية ،
ومعناه- على ما صرّح به بعض أهل اللغة-
القضاء . يقال: أدّى فلان دينه تأديةً، أي قضاه.
وقيل: بل أصله
إيصال الشيء إلى الشيء أو وصوله إليه من تلقاء نفسه.
وقال
الراغب : «الأداء: دفع الحقّ دفعة وتوفيته... أصل ذلك من الأداة، تقول:أدوتُ بفعل كذا، أي احتلت، وأصله تناولت
الأداة التي بها يُتوصّل إليه».
وجمع بعض
اللغويّين بين معنيي الإيصال والقضاء، ففي
القاموس : «أدّاه تأدية: أوصله وقضاه،
والاسم : الأداء».
وفي
مجمع البحرين : «(أدا) : قوله تعالى: «وَ أَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ»،
أي إيصال إليه وقضاء، ومنه: (وأدّى دينه)، و (أدّى الأمانة إلى أهلها) أي أوصلها، والاسم الأداء».
وكأنّ الذي دعاهم إلى ذكر القضاء هو بيان معنى أداء الأفعال، كما أنّ الذي دعاهم إلى ذكر الإيصال هو بيان معنى أداء الأشياء.وربّما أمكن تصوير جامع بين المعنيين هو
الإتيان بالمطلوب ليعمّ الفعل والشيء، فيقال: أدّى
الصلاة والشهادة : أتى بهما، وأدّى المال
والعين إلى صاحبهما: أتى بهما إليه، وهكذا.
لكن كأنّ لفظ الأداء لا يقتصر على مجرّد الإتيان بالشيء، بل يستبطن حيثيّة صدوره عنه، فأداء المال إلى صاحبه لا يدلّ على مجرّد الإتيان به إليه، بل صدوره عنه إليه؛ ولذلك فسّر في بعض عبارات اللغويّين
بالدفع والتسليم .
ثمّ إنّه يظهر من موارد
استعمال الأداء أنّ مورده ثبوت المطلوبيّة
والاستحقاق ، فلا يستعمل في الفعل والعين إلّا حيث يكونان مطلوبين، فلا يقال لمن حرّك يده
لرغبة أو
عبثاً : أدّى
الحركة ، كما لا يقال لمن ناول كتاباً لشخص مثلًا: أدّى إليه
الكتاب ، ويقالان حيث يكونان مطلوبين منه، فمعنى الأداء إذاً هو الإتيان بالمطلوب.
يستعمل
الفقهاء لفظ الأداء تارة في المعنى المتقدّم عن أهل اللغة، واخرى في معنى آخر يختصّ بهم هو الإتيان بالمطلوب في وقته المختصّ، في مقابل القضاء الذي هو اصطلاح خاصّ بهم أيضاً معناه: الإتيان بالفعل
المطلوب خارج وقته المختصّ؛ لتدارك ما بقي من مصلحة الفعل بعد فوات مصلحة
الوقت .وهذا المعنى أخصّ من الأوّل كما هو واضح؛ لعدم شموله لغير الفعل في وقته المختصّ، بخلاف الأداء بالمعنى الأوّل فإنّه يشمل الأشياء والأفعال حتّى خارج أوقاتها المختصّة، ولذلك صحّ أن يقال:أدّى
صلاة الصبح قضاء بالمعنى الأوّل، ولا يقال: أدّاها بالمعنى الثاني.
وهو المجيء به فعلًا كان أو شيئاً
كما تقدّمت
الإشارة إليه، فهو قريب إلى معنى الأداء، لكنّه يختلف عنه في كون المأتيّ به يعمّ المطلوب وغيره، بخلاف الأداء، فإنّه يختصّ بالمطلوب، مضافاً إلى
اشتمال الأداء على حيثيّة الصدور من المؤدّي، بخلاف الإتيان.
هو الإتيان بالمأمور به
والانتهاء عن المنهيّ عنه
مع قصد
الغاية ،
فيعمّ موارد
النهي ، بخلاف الأداء الذي يختصّ بموارد
الأمر فقط، كما يعمّ الأداء الأشياء كالأفعال، بخلاف
الامتثال فإنّه يختصّ بالأفعال.
ثمّ إنّ الأداء قد يكون مع قصد الغاية، وقد لا يكون معها، كما إذا كان
الواجب توصّلياً ، بخلاف الامتثال فإنّه لا يصدق إلّا مع كون المأتيّ به قد قصدت فيه الغاية،
فالوضوء المأمور به للصلاة يكون امتثالًا إن قصد به الصلاة، وأداء بالنسبة إلى الغايات الاخرى كمسّ
القرآن ، فيقال:امتثل الأمر بالوضوء للصلاة، وأدّى الوضوء
لقراءة القرآن ،
ولا يقال: امتثله وهو قاصد كونه للصلاة.
ومعناه في اللغة:
الفراغ من الشيء،
فيقال: قضى الصلاة والدين، أي فرغ من أدائهما، لكنّه لا يقال: قضى العين والمال إلّا أن يكونا حقّاً في رقبته، فهو أخصّ من الأداء في ذلك؛ لتعلّقه بهما دونه، فيقال: أدّى المال والعين لصاحبهما، بمعنى أوصلهما وسلّمهما إليه، بل الظاهر أنّ القضاء لا تعلّق له بغير الفعل؛ لأنّه لا يعقل الفراغ من غيره.
ويستعمل القضاء في اصطلاح الفقهاء بمعنى إتيان الفعل خارج وقته المختصّ به، في مقابل الأداء بهذا المعنى، فيقال: قضى صلاته، أي أتى بها خارج وقتها الذي كان يجب أداؤها فيه.
وقد يستعمل القضاء في اصطلاح الفقهاء بمعاني اخرى، كاستعماله في قضاء الأجزاء المنسيّة من
الصلوات ، ومرادهم منه ما لم يؤدَّ في محلّه من الواجب المركّب قياساً إلى أجزائه الاخرى وإن كان وقت أدائه ما زال باقياً.
يمكن تصنيف
الأحكام المتعلّقة بالأداء وفقاً لنوع الموضوع الذي يتعلّق به إلى أداء
التكليف والفعل المطلوب، وأداء الحقّ والمال، وأداء
الإثبات القضائي . وإذ تقدّم لدى بيان معنى الأداء أنّ أداء التكليف والفعل يراد به أحياناً الأداء المطلق الشامل للواقع في الوقت المختصّ وخارجه، ويقابله عدم الأداء، كما يراد به أحياناً اخرى الأداء المختصّ بالواقع في
الوقت الخاص ، ويقابله القضاء، فإنّ أحكام الأداء يمكن
إدراجها تحت عناوين أربعة كما يأتي:
۱-
أداء التكليف بمعنى الامتثال،لأداء هو الإتيان بالمطلوب، فالطلب يقع في رتبة سابقة على الأداء، وقد اصطلح الاصوليّون على مرحلة تعلّق الطلب بالفعل بعالم الجعل والتشريع، بينما اصطلحوا على مرحلة الأداء بعالم الامتثال .
۲-
أداء التكليف المقابل للقضاء،قسّم الفقهاء الواجب - ومرادهم مطلق الفعل المأمور به- إلى موقّت وغير موقّت، فالإتيان بالموقّت في وقته المحدّد أداء .
۳-
أداء الحقّ والمال،أنّ أداء الحقّ والمال إلى صاحبه عند
مطالبته به أو من ينوب عنه ويقوم مقامه شرعاً
واجب ،
والامتناع عنه
حرام ؛ لأنّه
غصب وتصرّف في مال الغير.
قد تقع الشهادة واليمين متعلّقاً لبعض
الأحكام التكليفية ، فتجب أداء
الشهادة مثلًا إذا دعي الشاهد لذلك، وتوقّفت إقامة الحقّ أو الحكم عليه كما قد يكونا منشأ لترتّب الآثار الشرعية أيضاً فيثبت بالشهادة الحقّ والحكم المشهود به إذا تحقّقت سائر الشرائط الاخرى، وباليمين
الحاسمة للدعوى
انقطاعها وعدم جواز تجديدها على ذات الموضوع عند المشهور. وتوجد في كيفية أداء الشهادة واليمين وشروطه وما يثبت به من آثار وأحكام أبحاث عديدة يأتي بيانها في محلّها.
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۹-۴۳.