القضاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو ولاية الحكم شرعاً لمن له أهلية
الفتوى بجزئيات القوانين الشرعية، على أشخاص معينة من البرية، بإثبات الحقوق واستيفائها للمستحق، ومبدؤه الرئاسة العامّة في أُمور
الدين والدنيا، وغايته قطع المنازعة.
وهو في اللغة لمعان كثيرة: الخلق، ومنه قوله سبحانه «فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ»
أي خلقهنّ. والحكم، ومنه قوله تعالى «وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ»
أي يحكم. والأمر، ومنه قوله عزّ وجلّ «وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ»
أي أمر. إلى غير ذلك.
وفي
الشريعة على ما عرّفه جماعة
: ولاية الحكم شرعاً لمن له أهلية
الفتوى بجزئيات القوانين الشرعية، على أشخاص معينة من البرية، بإثبات الحقوق واستيفائها للمستحق، ومبدؤه الرئاسة العامّة في أُمور
الدين والدنيا، وغايته قطع المنازعة.
قالوا: وخواصّه أنّ الحكم فيه لا ينقض بالاجتهاد، وصيرورته أصلاً ينفذه غيره من القضاة وإن خالف اجتهاده ما لم يخالف دليلاً قطعياً. وله ولاية على كل مولّى عليه مع فقد وليّه، ومع وجوده في مواضع خاصّة. ويلزم به حكم البيّنة من شهدت عليه والشهود، أمّا من شهدت عليه فبإلزامه الحق، وأمّا الشهود فبتغريمهم إيّاه لو رجعوا عن
الشهادة.
وهو من فروض الكفاية بلا خلافٍ، فيه بينهم أجده؛ لتوقف نظام النوع الإنساني عليه، ولأنّ
الظلم من شيم النفوس، فلا بُدّ من حاكم ينتصف من الظالم للمظلوم، ولما يترتب عليه من
النهي عن المنكر والأمر بالمعروف.
والأصل فيه مع ذلك
الكتاب،
والسنّة، وإجماع الأُمّة المحكي في كلام جماعة
، قال سبحانه «يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ».
وقال تعالى «إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللهُ»
.
وفي النبوي (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): «إنّ الله تعالى لا يقدس امّةً ليس فيهم من يأخذ للضعيف حقه»
.
ولعظم فائدته تولاّه
النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) ومن قبله من
الأنبياء بأنفسهم لُامّتهم، ومن بعدهم من خلفائهم.
وفيه أجر عظيم لمن يقوم بشرائطه، ففي الخبر: «يد الله تعالى فوق رأس الحاكم ترفرف بالرحمة، فإذا حاف وكلّه الله تعالى إلى نفسه»
.
وفي آخر: «إذا جلس القاضي في مجلسه هبط إليه ملكان يسدّدانه ويرشدانه ويوفّقانه، فإذا جار عرجا وتركاه»
.
ولكن خطره جسيم، قال مولانا
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) لشريح: «جلست مجلساً لا يجلس فيه إلاّ نبي أو وصي أو شقي»
.
وفي النبوي (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): «القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار؛ فالذي في الجنة رجل عرف
الحق وقضى به، واللذان في النار رجل عرف الحق فجار في الحكم، ورجل قضى للناس على جهل»
.
ونحوه الصادقي (علیهالسّلام): «القضاة أربعة، ثلاثة في
النار، وواحد في
الجنة» والرابع فيه: «رجل قضى بحق وهو لا يعلم فهو في النار»
.
واعلم أنّ القاضي يغاير المفتي
والمجتهد والفقيه بالحيثية، وإن كانت الأوصاف المزبورة فيه مجتمعة؛ لأنّ القاضي يسمّى قاضياً وحاكماً باعتبار إلزامه وحكمه على الأفراد الشخصية بالأحكام الشخصية كالحكم على شخص بثبوت حق عليه لآخر، وأمّا لا بهذا الاعتبار بل بمجرد الإخبار والإعلام، فإنّه يسمّى مفتياً كما أنّه باعتبار مجرد الاستدلال يسمّى مجتهداً، وباعتبار علمه بتعيّن مظنونه حكماً شرعياً في حقه وحق مقلده فقيهاً عالماً بالعلم القطعي بالحكم الشرعي، ومن هنا اشتهر وصح أنّ ظنية الطريق لا ينافي قطعية الحكم، وليس فيه ابتناء على القول بالتصويب.
والنظر في الكتاب يقع في مواضع: في الصفات المعتبرة في القاضي المنصوب من قبل الإمام (علیهالسّلام). والآداب المتعلقة به وكيفية الحكم له وأحكام الدعاوي.
•
صفات القاضي، واعلم أنّ الصفات المشترطة فيه ستّة:
التكليف بالبلوغ وكمال
العقل والإيمان بالمعنى الأخص أي: الاعتقاد بالأُصول الخمسة
والعدالة، وطهارة المولد عن
الزنا،
والعلم ولو بالمعنى الأعم الشامل
للظن الاجتهادي بالحكم الشرعي القائم مقامه بالدليل القطعي، فهو في الحقيقة علم ولو بوسيلة
الظن، فإنّه في طريق الحكم لا نفسه، والذكورة
.
•
إذن الإمام للقاضي، واعلم أنّه لا بُدّ مع اجتماع الشرائط من
إذن الإمام (علیهالسّلام) بالقضاء لمستجمعها، خصوصاً أو عموماً، ولا يكفي مجرد اجتماعها فيه ولا ينعقد
القضاء بنصب العوام له
؛ نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعية فحكم بينهما لزم
؛ ومع عدم الإمام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء
أهل البيت (عليهم السلام)، الجامع للصفات
.
وقبول القضاء عن السلطان العادل مستحب لمن يثق ويعتمد بنفسه بالقيام بشرائط القضاء، واستحبابه عينيّ، فلا ينافي ما قدّمناه من أنّه
واجب كفائي.
وربما وجب عيناً إذا ألزمه به
الإمام (علیهالسّلام)، أو لا يوجد من يتولاّه غيره ممّن يستجمع الشرائط. ولا فرق في هذا بين حالتي حضور الإمام وغيبته. ولا خلاف في شيء من ذلك عندنا.
خلافاً لبعض العامة
فحكم بالكراهة، للنصوص المحذّرة، منها: «من جُعل قاضياً فقد ذبح بغير سكين»
.
وفي آخر: «يجاء بالقاضي
يوم القيامة فيلقى من شدّة الحساب ما يتمنّى أنّه لم يقض بين اثنين في تمرة قطّ»
.
وحملها الأصحاب على من لم يستجمع الشرائط، أو إرادة بيان خطره، ولا بأس به.
•
آداب القضاء، في الآداب: وهي مستحبة ومكروهة؛ فالمستحب: اشعار رعيته بوصوله ان لم يشتهر خبره؛ والجلوس في قضائه مستدبر
القبلة، وأن يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم؛ والسؤال عن أهل السجون واثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب إطلاقه، وتفريق الشهود عند الإقامة، فانه أوثق، خصوصا في موضع
الريبة؛ عدا ذوي البصائر، لما يتضمن من الغضاضة، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه في المسائل المشتبهة؛ والمكروهات: الاحتجاب وقت
القضاء، وان يقضي مع ما يشغل
النفس،
كالغضب،
والجوع،
والعطش، والغم، والفرح، والمرض، وغلبة النعاس، وأن يرتب قوما للشهادة، وأن يشفع إلى الغريم في إسقاط أو إبطال.
مسائل: الاولى: للإمام أن يقضي بعلمه مطلقا في الحقوق، ولغيره في
حقوق الناس، وفي
حقوق الله قولان؛ الثانية: إن عرف
عدالة الشاهدين حكم، وان عرف فسقهما اطرح، وإن جهل الأمرين، فالأصح: التوقف حتى يبحث عنهما؛ الثالثة: تسمع
شهادة التعديل مطلقة، ولا تسمع
شهادة الجرح الا مفصلة؛ الرابعة: اذا التمس الغريم إحضار الغريم وجب إجابته ولو كان امرأة ان كانت برزة، ولو كان مريضا او امرأة غير برزة استناب الحاكم من يحكم بينهما؛ الخامسة:
الرشوة على الحاكم
حرام وعلى المرتشي اعادتها.
•
المندوبات للقاضي، اشعار رعيته بوصوله ان لم يشتهر خبره؛ والجلوس في قضائه
، مستدبر
القبلة، وأن يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم؛ والسؤال عن أهل السجون واثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب اطلاقه، وتفريق الشهود عند الإقامة، فانه أوثق، خصوصا في موضع
الريبة؛ عدا ذوي البصائر، لما يتضمن من الغضاضة، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه في المسائل المشتبهة
.
•
المكروهات للقاضي، الاحتجاب وقت
القضاء، وان يقضي مع ما يشغل
النفس،
كالغضب،
والجوع،
والعطش، والغم، والفرح، والمرض، وغلبة النعاس
، وأن يرتب قوما للشهادة
، وأن يشفع إلى الغريم في اسقاط أو ابطال.
•
القضاوة بالعلم، للإمام (علیهالسّلام) أن يقضي بعلمه مطلقا في الحقوق مطلقاً للناس كانت أم لله تعالى
، ولغير
الإمام (علیهالسّلام) في
حقوق الناس، وفي
حقوق الله قولان، أظهرهما أنّه كسابقه، وهو أشهرهما
.
•
عدالة الشاهدين عند القاضي، إن عرف
عدالة الشاهدين حكم
، وان عرف فسقهما اطرح»
، وإن جهل الامرين، فالاصح: التوقف حتى يبحث عنهما.
•
الرشوة على الحكم، بذل
الرشوة وأخذها على الحكم
حرام، وبقي فيها شيء وهو الفرق بين الرشوة والهدية، بأنّ الرشوة هي التي يشترط باذلها الحكم بغير حق والامتناع من الحكم به،
والهدية هي العطية المطلقة
؛ وأنّها محرمة على المرتشي مطلقاً، وعلى الراشي كذلك إلاّ أن يكون محقاً، ولا يمكن وصوله إلى حقّه بدونها فلا تحرم عليه حينئذٍ
، وعلى هذا يحتاج إلى فرق آخر، والأظهر فيه أن يقال: إنّ دفع المال إلى القاضي ونحوه من العمّال إن كان الغرض منه التودّد أو التوسل لحاجة من
العلم ونحوه فهو هدية، وإن كان للتوسل إلى
القضاء والعمل فهو رشوة
؛ ويجب على المرتشي إعادتها عيناً مع وجودها، وعوضاً مثلاً أو قيمةً مع تلفها
.
•
كيفية الحكم في القضاء، وفيه مقاصد ثلاثة: الأوّل: في وظائف الحاكم وآدابه وهي أربع: الأولى: التسوية بين الخصوم في
السلام، والكلام، والمكان، والنظر، والانصات،
والعدل في الحكم، ولو كان أحد الخصمين كافرا جاز أن يكون
الكافر قائما
والمسلم قاعدا أو أعلى منزلا؛ الثانية: لا يجوز للحاكم أن يلقن أحد الخصمين شيئا يستظهره على خصمه؛ الثالثة: اذا سكتا استحب له أن يقول: تكلما، او ان كنتما حضرتما لشئ فاذكراه او ما ناسبه؛ الرابعة: اذا بدر أحد الخصمين سمع منه، ولو قطع عليه غريمه منعه حتى تنتهي دعواه او حكومته، ولو ابتدرا
الدعوى، سمع من الذي عن
يمين صاحبه. الثاني: في جواب المدّعى عليه، وهو إمّا إقرار بما ادّعي عليه، أو إنكار له، أو سكوت عنه. الثالث: في بيان
كيفية الاستحلاف وما ينعقد به اليمين الموجبة للحق من المدّعى والمسقطة للدعوى من المنكر.
•
وظائف الحاكم في القضاء، في وظائف الحاكم وآدابه وهي أربع: الأولى: التسوية بين الخصوم في
السلام، والكلام، والمكان، والنظر، والانصات،
والعدل في الحكم
، ولو كان أحد الخصمين كافرا جاز أن يكون
الكافر قائما
والمسلم قاعدا أو أعلى منزلا
؛ الثانية: لا يجوز للحاكم أن يلقن أحد الخصمين شيئا يستظهره على خصمه؛ الثالثة: اذا سكتا استحب له أن يقول: تكلما، او ان كنتما حضرتما لشئ فاذكراه او ما ناسبه؛ الرابعة: اذا بدر أحد الخصمين سمع منه، ولو قطع عليه غريمه منعه حتى تنتهي دعواه او حكومته، ولو ابتدرا الدعوى، سمع من الذي عن
يمين صاحبه
، وان اجتمع خصوم كتب أسماء المدعين واستدعى من يخرج اسمه
بالقرعة.
في جواب المدّعى عليه، وهو إمّا إقرار بما ادّعي عليه، أو إنكار له، أو سكوت عنه:
•
إقرار المدعى عليه، يلزم
الإقرار إذا كان جائز الأمر، رجلا كان او امرأة؛ فان التمس المدعي الحكم به حكم له
؛ ولا يكتب على المقر
حجة إلا بعد المعرفة باسمه ونسبه او يشهد بذلك عدلان إلا أن يقنع المدعي بالحلية
؛ ولو امتنع المقر من التسليم أمر الحاكم خصمه بالملازمة، ولو التمس حبسه حبس
؛ ولو ادعى الإعسار كلف
البينة، ومع ثبوته ينظر
؛ وفي تسليمه إلى الغرماء
رواية، وأشهر منها: تخليته
؛ ولو ارتاب بالمقر توقف في الحكم حتى يستبين حاله.
•
إنكار المدعى عليه، وأما الإنكار فعنده يقال للمدعي: ألك بينة؟ فان قال: نعم، امر باحضارها
، فاذا حضرت سمعها
؛ ولو قال: البينة غائبة، اجل بمقدار إحضارها
؛ وفي تكفيل المدعى عليه تردد
، ويخرج من
الكفالة عند انقضاء الأجل؛ وإن قال: لا بينة، عرفه الحاكم أن له
اليمين؛ ولا يجوز إحلافه حتى يلتمس المدعي؛ فان تبرع او احلفه الحاكم لم يعتد بها، واعيدت مع التماس المدعي
؛ ثم المنكر: إما أن يحلف او يرد او ينكل، فان حلف سقطت
الدعوى، ولو ظفر له المدعي بمال لم يجز له
المقاصة؛ ولو عاود الخصومة لم تسمع دعواه
؛ ولو أقام بينة لم تسمع
، وقيل: يعمل بها ما لم يشترط الحالف سقوط الحق بها
؛ ولو أكذب نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته
؛ فان رد اليمين على المدعي صح
.
•
نكول المدعي عن الحلف، فان حلف المنكر استحق؛ وان امتنع سقطت دعواه
.
•
نكول المنكر عن اليمين، ولو نكل المنكر عن
اليمين وأصر، قضي عليه بالنكول
، وهو المروي
؛ وقيل: يرد اليمين على المدعي، فان حلف ثبت حقه، وان نكل بطل
؛ ولو بذل المنكر اليمين بعد الحكم بالنكول لم يلتفت اليه
.
•
استحلاف المدعي مع البينة، ولا يستحلف المدعي مع بينة
، إلا في
الدين على
الميت يستحلف على بقائه في ذمته استظهارا
.
•
سكوت المدعي عليه، وأما السكوت: فان كان لآفة توصل إلى معرفة إقراره أو إنكاره؛ ولو افتقر إلى مترجم لم يقتصر على الواحد
؛ ولو كان عنادا حبسه حتى يجيب
؛ وإنّما جعل هذا جواباً مع أنّه ليس كذلك لغة بل ولا عرفاً، قيل: لأنّه إذا أصرّ عليه جعل كالمنكر الناكل، فهو في الحكم كالإنكار، فكان في معنى الجواب به
.
•
كيفية الاستحلاف، في بيان كيفية الاستحلاف وما ينعقد به اليمين الموجبة للحق من المدّعى والمسقطة للدعوى من المنكر.
•
الحلف في القضاء، لا يستحلف أحد إلاّ بالله ولو كان الحالف
كافراً، لكن إن رأى الحاكم إحلاف
الذمي بما يقتضيه دينه أردع جاز
.
ويستحب بلا خلاف للحاكم تقديم العظة على اليمين لمن توجّهت إليه، والتخويف من عاقبتها بذكر ما ورد فيها من الآيات والروايات المتضمنة لعقوبة
الحلف كاذباً. ويجزيه أي الحالف أن يقول في يمينه: والله ما له قِبَلي كذا بلا خلاف عملاً بالإطلاق. وفي النبوي: «من حلف بالله تعالى فليصدق، ومن حلف له بالله تعالى فليرض، ومن لم يرض فليس من الله»
.
•
تغليظ اليمين في القضاء، ويجوز تغليظ
اليمين بالقول
والزمان والمكان، ولا تغليظ لما دون نصاب
القطع.
•
تحليف الأخرس في القضاء، ويحلف الأخرس بالإشارة
، وقيل: يوضع يده على اسم الله تعالى في
المصحف، وقيل
: يكتب اليمين في لوح ويغسل ويؤمر بشربه بعد اعلامه فان شربه كان حالفا وإن امتنع الزم الحق
.
•
شروط سماع الدعوى في الميراث، ولا تتوجّه اليمين على الوارث بالدعوى على مورثه إلاّ مع شروط ثلاثة: الأوّل: دعوى المدعي على الوارث علمه بموته أو إثباته؛ وعلم الوارث بالحق؛ وأن
الميت ترك في يد الوارث مالا؛ ولا تسمع الدعوى في
الحدود مجردة عن البيّنة، ولا تتوجه بها يمين على المنكر؛ ولو ادعى الوارث لموروثه مالا سمع دعواه سواء كان عليه
دين يحيط بالتركة أو لم يكن
، وشيخنا
الشهيد الثاني وجمع ممّن تبعه
؛ لأنّها على هذا التقدير ماله فتسمع منه الدعوى على إثباته، وإن منع عن التصرف فيها إلى أن يوفّى الدين إجماعاً كما في
الإيضاح والمسالك؛ وأما على القول الآخر
،
والماتن في
الشرائع والفاضل في بعض كتبه
، بل الأكثر كما في المسالك وغيره
.
•
البينة في دعوى الحدود، ولا تسمع
الدعوى في الحدود مجردة عن البيّنة، ولا تتوجه بها يمين على المنكر
.
•
القضاء بالشاهد واليمين، ويقضى بالشاهد واليمين في الأموال
والديون؛ ولا يقبل في غيره مثل
الهلال والحدود
والطلاق والقصاص؛ ويشترط
شهادة الشاهد أولا، وتعديله؛ ولو بدأ باليمين وقعت لاغية؛ ويفتقر إلى إعادتها بعد الإقامة
؛ ولا يحلف مع عدم
العلم ولا يثبت مال غيره
.
•
القضاء بإخبار حاكم آخر، لا يحكم الحاكم بإخبار لحاكم آخر، ولا بقيام البينة بثبوت الحكم عند غيره
؛ نعم لو حكم بين الخصوم وأثبت الحكم وأشهد على نفسه فشهد شاهدان يحكم عند آخر وجب على المشهود عنده إنفاذ ذلك الحكم
.
•
أحكام القسمة في القضاء، القسمة
، تميز الحقوق
، ولا يشترط حضور قاسم بل هو
أحوط، فاذا عدلت
السهام كفت
القرعة في تحقق القسمة
؛ وكل ما يتساوى اجزاؤه يجبر الممتنع على قسمته كالحنطة، والشعير، وكذا ما لا يتساوى أجزاؤه اذا لم يكن في القسمة ضرر، كالارض، والخشب
؛ ومع الضرر لا يجبر الممتنع
.
•
الدعوى، في بيان الدعوى وما يتعلق بها وهي تستدعي أن نذكر هنا فصولاً ثلاثة: الأول: في بيان
المدعي، الثاني: في
الاختلاف في الدعوى، الثالث: في
تعارض البينات.
•
المدعي، وهو الذي يترك لو ترك الخصومة
؛ وقيل: هو الذي يدعي خلاف
الأصل أو أمرا خفيا
. وفي سماع الدعوى المجهولة تردد
، أشبهه: الجواز
.
•
شروط المدعي، ويشترط
التكليف، وان يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه
، وايراد الدعوى بصيغة
الجزم، وكون المدعى به مملوكا
؛ ومن كانت دعواه عينا فله انتزاعها
؛ ولو كان دينا والغريم مقر باذل او مع جحوده عليه حجة لم يستقل المدعي بالانتزاع من دون الحاكم
؛ ولو فات احد الشروط وحصل للغريم في يد المدعي مال كان له
المقاصة، ولو كان من غير جنس الحق
.
•
المسائل في القضاء، وهنا مسائل خمس، الاولى: من انفرد بالدعوى لما لا يد عليه قضى له به؛ ومن هذا أن يكون بين جماعة كيس فيدعيه أحدهم
؛ الثانية: لو انكسرت سفينة في البحر فما اخرجه البحر فهو لأهله؛ وما أخرج بالغوص فهو لمخرجه
، وفي
الرواية ضعف
؛ الثالثة: روي في رجل دفع إلى رجل دراهم بضاعة يخلطها بماله ويتجر بها، فقال: ذهبت، وكان لغيره معه مال كثير فأخذوا أموالهم، قال: يرجع عليه بماله ويرجع هو على اولئك بما أخذوا
وغيره من
الأصحاب؛ ويمكن حمل ذلك على من خلط المال ولم يأذن له صاحبه وأذن الباقون؛ الرابعة: لو وضع المستأجر
الأجرة على يد أمين فتلفت كان المستأجر
ضامنا إلا أن يكون الآجر دعاه إلى ذلك فحقه حيث وضعه
؛ الخامسة: يقضى على الغائب مع قيام
البينة، ويباع ماله، ويقضى دينه ويكون الغائب على حجته
، ولا يدفع اليه المال إلا بكفلاء
.
•
الاختلاف في الدعوى، وفيه مسائل، الاولى: لو كان في يد رجل وامرأة
جارية فادعى أنها مملوكته وادعت المرأة حريتها وأنها بنتها، فان أقام أحدهما بينة قضي له وإلا تركت الجارية حتى تذهب حيث شاءت؛ الثانية: لو تنازعا عينا في يدهما قضي لهما بالسوية ولكل منهما احلاف صاحبه؛ ولو كانت في يد أحدهما قضي بها للمتشبث وللخارج احلافه
؛ ولو كانت في يد ثالث وصدق أحدهما قضي له، وللآخر إحلافه؛ ولو صدقهما قضى لهما بالسوية؛ ولكل منهما احلاف الآخر وإن كذبهما أقرت في يده؛ الثالثة: اذا تداعيا خصا قضي لمن اليه القمط
وهي رواية عمرو بن شمر عن
جابر، وفي عمرو ضعف؛ وعن
منصور بن حازم عن
أبي عبدالله (عليه السلام) أن
عليا (عليه السلام) قضى بذلك، وهي قضية في واقعة
؛ الرابعة: إذا ادعى ابوالميتة عارية بعض متاعها كلف البينة وكان كغيره من الانساب
؛ وفيه رواية بالفرق ضعيفة
؛ الخامسة: اذا تداعى الزوجان متاع البيت فله ما للرجال، ولها ما للنساء وما يصلح لهما يقسم بينهما
؛ وفي رواية: هو للمرأة وعلى الرجال البينة
. وفي
المبسوط: اذا لم يكن بينة ويدهما عليه كان بينهما
.
•
تعارض البينات، يقضى مع التعارض للخارج إذا شهدتا بالملك المطلق على الأشبه
؛ ولصاحب اليد لو انفردت بينته بالسبب كالنتاج وقديم الملك وكذا الابتياع
؛ ولو تساويا في السبب فروايتان، أشبههما:
القضاء للخارج
؛ ولو كانت يداهما عليه قضي لكل منهما بما في يد الآخر، فيكون بينهما نصفين
؛ ولو كان المدعى به في يد ثالث قضي بالأعدل فالأكثر
، فان تساويا
عدالة وكثرة أقرع بينهما، فمن خرج اسمه أحلف وقضي له؛ ولو امتنع احلف الآخر؛ ولو امتنعا قسم بينهما
؛ وفي المبسوط: يقرع بينهما إن شهدتا بالملك المطلق؛ ويقسم إن شهدتا بالملك المقيد
؛ والأول أشبه
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۵-۲۲۴.