المندوبات للقاضي
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
فالمستحب: اشعار رعيته بوصوله ان لم يشتهر خبره؛ والجلوس في قضائه مستدبر
القبلة، وأن يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم؛ والسؤال عن أهل السجون واثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب اطلاقه، وتفريق الشهود عند الإقامة، فانه أوثق، خصوصا في موضع
الريبة؛ عدا ذوي البصائر، لما يتضمن من الغضاضة، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه في المسائل المشتبهة.
إشعار رعيته وإخبارهم بوصوله وقدومه إن لم يشتهر خبره وطلب من يسأله ما يحتاج إليه من أُمور بلده؛ ليكون فيها على
بصيرة من أمره، والنزول في وسط البلد؛ للتسوية بين الخصوم في مسافة الطريق.
والجلوس في قضائه أي: حالة
القضاء في موضع بارز مثل رحبة (الرَّحْبَة: الساحة المنبسطة المتّسعة.)
أو فضاء، ليسهل الوصول إليه، ويكون مستقبل
القبلة في جلوسه؛ لتحصيل الفضيلة على قول
، والأكثر على استحبابه مستدبر القبلة ليكون وجوه الناس إليها
، نظراً إلى عموم المصلحة.
وأن يأخذ مبتدئاً ما في يد الحاكم المعزول من حجج الناس وودائعهم ليعلم تفاصيل أحوال الناس، ويعرف حقوقهم وحوائجهم.
والسؤال بعد ذلك عن أهل السجون وإثبات أسمائهم والبحث عن موجب اعتقالهم وحبسهم ليطلق ويخلص من يجب إطلاقه بأن لا يثبت لحبسه موجب، أو لم يظهر له خصم بعد إشاعة حاله. وإن ادّعى أن لا خصم له، ففي إحلافه مع ذلك قولان.
ثم يسأل عن الأوصياء على الأيتام والمجانين، وعن ثبوت وصايتهم وتصرفهم في المال، ويفعل بهم ما يجب: من إنقاذ، أو إسقاط، أو تضمين.
ثم ينظر في الامناء الحافظين لأموال اليتامى والمحجور عليهم والغُيّب، فيعزل الخائن ويسعد الضعيف بمشارك، أو يستبدل به حسب ما اقتضاه رأيه.
ثم ينظر في
الضوالّ واللقيط، فيبيع ما يخشى تلفه وما يستوعب نفقته ثمنه، ويعمل فيها على ما ينبغي، ويقدم من كل نوع من ذلك الأهم فالأهم.
ويستحب له تفريق الشهود عند الإقامة، فإنّه أوثق، خصوصاً في موضع الريبة كما فعله
سيّد الأوصياء في جملة من قضاياه المعروفة عدا ذوي البصائر والشأن من العلماء والصلحاء الأعيان، فلا يستحب تفريقهم، بل ويكره وربما حرم لما يتضمن تفريقهم من الغضاضة والمهانة بهم، بل وربما يحصل في ذلك كسر قلوبهم.
وأن يستحضر من أهل العلم
والاجتهاد من يخاوضه ويعاونه في المسائل المشتبهة ويشهدهم حكمه فإن أخطأ نبّهوه، وما أتلفه خطأً فعلى
بيت المال المعدّ للمصالح كما في
النص المعمول به
.
وينبغي أن يجمع قضايا كل أُسبوع ووثائقه وحججه، ويكتب تاريخها عليها وأنّها لمن هي، فإن اجتمع كل شهر كتب عليه شهر كذا، أو سنة فسنة كذا، أو يوم فيوم كذا؛ ليكون أسهل عليه وعلى من بعده من الحكّام في استخراج المطلوب منها وقت الحاجة.
وإذا اتخذ كاتباً وجب أن يكون بالغاً عاقلاً مسلماً عدلاً بصيراً؛ ليؤمن انخداعه، فإن كان مع ذلك فقيهاً جيّد الخط كان حسناً، وينبغي أن يجلس بين يديه ليملي عليه ويشاهد ما يكتب.
وإذا افتقر إلى مترجم قيل: لم يقبل عندنا إلاّ شاهدان عدلان عملاً بالمتفق عليه
الأحوط، وإذا تعدّى أحد الغريمين أقامه برفق وعمل بمراتب
النهي عن المنكر.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۲۷-۲۹.