شروط سماع الدعوى في الميراث
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولا تتوجّه
اليمين على الوارث
بالدعوى على مورثه إلاّ مع شروط ثلاثة: الأوّل: دعوى المدعي على الوارث علمه بموته أو إثباته؛ وعلم الوارث بالحق؛ وأن
الميت ترك في يد الوارث مالا؛ ولا تسمع الدعوى في
الحدود مجردة عن البيّنة، ولا تتوجه بها يمين على المنكر؛ ولو ادعى الوارث لموروثه مالا سمع دعواه سواء كان عليه دين يحيط بالتركة أو لم يكن.
ولا تتوجّه
اليمين على الوارث بالدعوى على مورثه إلاّ مع شروط ثلاثة: الأوّل: دعوى المدعي على الوارث علمه بموته أي المورث أو إثباته عطف على
الدعوى، فيكون هذا الشرط أحد الأمرين من دعوى علمه بموته، أو إثبات موته على الوارث المنكر له بالبيّنة ونحوها ولو على إقراره به.
والثاني: دعوى علمه أي الوارث بالحق الذي يدّعيه على مورثه.
وإذا توجه اليمين على الوارث بدعوى علمه بالأمرين فأنكرهما أو أحدهما حلف على نفي
العلم بهما أو بأحدهما؛ لما مضى، ولو أثبتهما عليه لم تتوجه له اليمين على إنكارهما.
ولا تتوجه اليمين عليه بعد ثبوتهما أيضاً، إلاّ بعد تحقق الشرط الثالث وهو دعوى: أنّه أي
الميت ترك في يده أي الوارث مالاً يفي بحقه كلاًّ أو بعضاً وأنكره الوارث، فتتوجه عليه اليمين حينئذٍ، ويحلف على البتّ لا على نفي العلم؛ لأنّه حلف على فعل نفسه نفياً، ولا يتوجه في مثله الحلف على نفي العلم، كما مضى.
ولو نكل عن
الحلف هنا أو في أحد الأمرين اللذين مضيا ردّه على المدّعى، ولو نكل عن الردّ أيضاً جعل ناكلاً وحكم عليه بمجرده أو بعد ردّ اليمين على المدّعى، ويؤخذ منه الحق بعد يمينه على اختلاف القولين.
وإنّما لم يؤخذ منه الحق بمجرد ثبوت الأمرين بناءً على عدم الخلاف في أنّ الوارث لا يجب عليه أداء
دين المورث من ماله، بل إن ترك المورث مالاً في يده يفي بالدين أو بعضه وجب عليه الأداء وإلاّ فلا، سواءً كان عالماً بالدين أم لا.
•
البينة في دعوى الحدود، ولا تسمع
الدعوى في
الحدود مجردة عن البيّنة، ولا تتوجه بها يمين على المنكر
.
ولو ادّعى الوارث لمورثه مالاً على غيره سمعت دعواه مطلقاً سواءً كان عليه أي على المورث دين يحيط بالتركة أو لم يكن بلا خلاف ظاهر ولا محكي، حتى من القائل بعدم انتقال التركة إلى الوارث، وأنّها باقية على حكم مال
الميت مع إحاطة الدين بها.
ولا إشكال فيه على القول بالانتقال كما عليه
الفاضل في جملة من كتبه
، وشيخنا
الشهيد الثاني وجمع ممّن تبعه
؛ لأنّها على هذا التقدير ماله فتسمع منه الدعوى على إثباته، وإن منع عن التصرف فيها إلى أن يوفّى الدين إجماعاً كما في
الإيضاح والمسالك، عملاً بالعمومات أو الإطلاقات الدالة على سماع الدعوى من كل من يستحق المدّعى فيها، وحجره عن التصرف فيه إلى الوفاء غير مانع، كما أنّ حجره عنه في أمواله المرهونة أو المحجور عليه فيها غير مانع عن سماع الدعوى فيها.
وأمّا على القول الآخر الذي عليه
الشيخ في
المبسوط والخلاف كما حكاه عنه في
الدروس،
والماتن في
الشرائع والفاضل في بعض كتبه
، بل الأكثر كما في المسالك وغيره
، فوجهه بعد الاتفاق عليه على الظاهر ما ذكروه من أنّ الوارث قائم مقام المورث، ومن ثَمّ لو أبرأه الغريم من الدين صارت التركة ملك الوارث، فهو مالك لها بالقوة، وعلى هذا فلو توجه اليمين مع الشاهد أو بردّ الغريم فالحالف هو الوارث، وإن كان المنتفع بالمال هو المدين.
وفي هذا الوجه إشكال، والعمدة هو
الوفاق، ويمكن أن يجعل وجهاً مرجّحاً للقول بالانتقال.
مضافاً إلى ما استدلوا به من استحالة بقاء ملك بغير مالك، فإنّه لا ينتقل إلى الديّان إجماعاً كما حكاه جماعة
، والميت غير مالك، فينحصر المالك في الوارث.
ولا تنافي هذه الأدلّة الأدلّة الدالة على أنّ
الإرث بعد الدين
والوصية من
الكتاب والسنّة كقوله سبحانه «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ»
.
والصحيح: «قضى
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) في
دية المقتول: أنّه يرثها الورثة على كتاب الله تعالى وسهامهم، إذا لم يكن على المقتول دين»
لإمكان حملها على الملك المستقر، ولكنه خلاف الظاهر.
وتظهر الفائدة في النماء المتخلل بين
الوفاة والوفاء وغيره، دون حكم المسألة؛ لما عرفته من الاتفاق عليه.
ولا ريب في تعيّن هذا القول لو سلمت مقدمات دليله الذي ذكرناه عنهم، وإلاّ فيمكن أن يكون تركة الميت كدية ما يجنى عليه بعد موته، فإنّها لا مالك لها، بل تصرف عنه في وجوه القرب كما في
الصحيح، وعليه الأكثر، بل في
الغنية الإجماع عليه
. وحينئذٍ فالأصح ما عليه الأكثر عملاً بظواهر أدلتهم المتقدمة السليمة عما يصلح للمعارضة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۱۱۸-۱۲۳.