الاتزار فوق القميص
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(و) يكره (أن يتّزر فوق القميص) على المشهور، للصحيح الصريح فيه المروي في الكافي : «لا ينبغي أن تتوشح بإزار فوق القميص وأنت تصلّي، ولا تتّزر بإزار فوق القميص إذا أنت صلّيت، فإنه من زيّ الجاهلية».
خلافا للفاضلين في
المعتبر والمنتهى
وكثير ممن تبعهما، فلا يكره، للصحيحين النافيين للبأس عنه، فعلا في أحدهما،
وقولا في الآخر.
وفيه نظر، بل حمل نفي البأس فيهما على نفي التحريم طريق الجمع، سيّما مع
اشتهار الكراهة وجواز
المسامحة في أدلّتها كما عرفت غير مرة.
وما تضمنته الصحيحة من كراهة
التوشح فوق القميص قد أفتى بها جماعة،
والنصوص بها مع ذلك مستفيضة، وهي ما بين ناهية عنه ب «لا» كما في بعضها، وب «لا يجوز» كما في آخر، وب «يكره» في جملة منها.
وحملت على الكراهة الاصطلاحية جمعا بينها وبين الحسن : هل يصلّي الرجل وعليه إزار يتوشح به فوق القميص؟ فكتب : «نعم».
وقيل : لا يكره،
ولا وجه له.
واختلف
أهل اللغة في معنى التوشّح، ففي القاموس : توشّح الرجل بثوبه وسيفه إذا تقلّد بهما.
وفي المصباح المنير : توشّح به أن يدخله تحت إبطه الأيمن ويلقيه على منكبه الأيسر كما يفعله المحرم،
ونحوه عن المغرب.
وفي
مجمع البحرين : وفيه «كان يتوشّح بثوبه» أي يتغشى به،
والأصل في ذلك كله من الوشاح ككتاب، وهو شيء ينسج من أديم عريضا ويرصّع بالجواهر ويوضع شبه قلادة تلبسها النساء، يقال : توشّح الرجل بثوبه أو بإزاره، وهو أن يدخله تحت
إبطه الأيمن ويلقيه على منكبه الأيسر كما يفعله المحرم، وكما يتوشح الرجل بحمائل سيفه، فتقع الحمائل على عاتقه اليسرى ويكون اليمنى مكشوفة.
وكلماتهم وإن كانت مختلفة في ذلك إلّا أنّ ظاهرها
الاتفاق على أنه غير
الاتّزار فوق القميص، فلا وجه للاستدلال بأخبار كراهة التوشّح على كراهته.
لكن في بعض النصوص
إشعار باتحادهما، كالخبر : في الذي يتوشّح ويلبس قميصه فوق الإزار، قال : «هذا عمل قوم لوط» قلت : فإنه يتوشّح فوق القميص، قال : «هذا من التجبّر».
ولكنه معارض بظاهر الصحيحة الأولى، حيث عطفت الاتّزار فوق القميص على التوشح فوقه، مؤذنة بتغايرهما. ومع ذلك الخبر ضعيف السند متضمن صدره لما لم يقل به أحد، وهو كراهة جعل المئزر تحت القميص، بل نفي الخلاف عن عدم كراهته في
المنتهى مؤذنا بدعوى
الإجماع عليه، كما حكي عن صريح المعتبر.
رياض المسائل، ج۲، ص۳۵۲-۳۵۴.