شروط تطهير الآنية المتنجسة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يشترط في تطهير
الآنية المتنجّسة زائداً على الشروط العامّة للتطهير بالماء- من طهارة الماء وإطلاقه وزوال العين، وغير ذلك من الشروط- شرطان آخران، هما التعدّد
والتعفير ، إلّا أنّ بعض القدماء اشترط
التجفيف ، كما أنّ بعض الفقهاء اشترط في التطهير تحريك الماء وإدارته في الإناء.وإليك تفصيل البحث:
ويقع البحث أوّلًا في النجاسات غير المنصوصة، وثانياً في النجاسات المنصوصة.
والمعروف بين الفقهاء قديماً كفاية غسل الإناء مرّة واحدة في تطهيره في غير النجاسات الخاصة- وهي ولوغ الكلب والخنزير
وإصابة الخمر وموت الجرذ- ولزوم التعدّد فيها. وحكم بعضهم بلزوم التعدّد في مطلق النجاسات من باب
الاحتياط . إلّا انّه عند المتأخرين من الفقهاء أصبح المشهور هو القول بلزوم التعدّد في تطهير الاناء بالماء القليل، وأمّا في التطهير بالماء المعتصم فيكفي الغسل مرّة واحدة إلّا في بعض النجاسات الخاصّة، قال
الشيخ المفيد : «والإناء إذا وقع فيه نجاسة وجب
إهراق ما فيه من الماء وغسله» وبعد أن بيّن حكم الكلب قال: «وليس حكم غير الكلب كذلك، بل يهراق ما فيه ويغسل مرّة واحدة بالماء»..
وقال أيضاً: «وأواني الخمر والأشربة المسكرة كلّها نجسة لا تستعمل حتى يهراق ما فيها منها، وتغسل سبع مرّات بالماء».
وقال
الشيخ الطوسي : «يغسل الإناء من سائر النجاسات- سوى الولوغ- ثلاث مرّات.
وقال أبو حنيفة: الواجب ما يغلب على الظنّ معه حصول الطهارة. وقال أحمد يغسل سبعاً
مثل الولوغ سواء. وقال الشافعي: يجب غسله مرّة وجوباً وثلاثاً
استحباباً ».
وقال في
النهاية : «وكذلك كلّ إناء وقع فيها نجاسة وجب إهراق ما فيها من الماء وغسلها ثلاث مرّات، غير أنّه لا يعتبر غسلها بالتراب إلّا في ولوغ الكلب خاصّة. وقد روي انّه يكفي إهراق ما فيها وغسل الاناء مرّة واحدة. والأحوط ما قدّمناه».
وقال في المبسوط: «ويغسل الإناء من سائر النجاسات ثلاث مرّات، ولا يراعى فيها التراب. وقد روي غسله مرّة واحدة، والأوّل أحوط».
وقال
ابن إدريس : «ولا يراعى العدد في غسل الأواني إلّا في
آنية الولوغ والخمر والمسكر فحسب».
وقال المحقق- بعد أن ذكر تطهير
الآنية من ولوغ الكلب ومن الخمر والجرذ-: «ومن غير ذلك مرّة واحدة. والثلاث أحوط». ونحو ذلك في المختصر النافع
إلّا أنّه قال في المعتبر: «والذي يقوى عندي
الاقتصار في اعتبار العدد على الولوغ، وفيما عداه على دلْك النجاسة وغسل الاناء بعد ذلك مرّة واحدة؛ لحصول الغرض من
الإزالة ، ويضعّف ما ينفرد به عمّار وأشباهه. وإنّما اعتبرنا في الخمر والفأرة الثلاث ملاحظة
لاختيار الشيخ. والتحقيق منه ما ذكرناه».
وفي نسخة من المدارك عبارة «على إزالة النجاسة» بدل «على دلْك النجاسة».
وقال
العلّامة : «يغسل الإناء من باقي النجاسات مرّة واحدة وجوباً ويستحبّ الثلاث؛ للاحتياط... ولأحمد قولان: أحدهما
مثل ما قلناه، وهو قول الشافعي. والثاني: سبع مرّات أو ثمان مرّات. وبه قال ابن عمر كالولوغ».
وقال في القواعد: «ومن الخمر والجرذ ثلاث مرّات، ويستحبّ السبع، ومن باقي النجاسات ثلاثاً استحباباً، والواجب
الإنقاء »
وقال في المختلف: «والأقرب عندي: أنّ الواجب بعد إزالة العين غسله مرّة واحدة، إلّا الولوغ. لكن يستحبّ السبع في الخمر والأشربة المسكرة وفي الجرذ والفأرة».
وقال الشهيد الأوّل : «ويغسل الإناء من غير ذلك ثلاثاً يصبّ فيه الماء ثمّ يحرّك ويفرغ وهكذا... وقيل: يكفي المرّة». وقريب منه في الذكرى.
واختار في اللمعة الغسل مرّتين.
وقال المحقق الكركي: «الأصحّ وجوب الثلاث».
وقال
الشهيد الثاني : «ويغسل الإناء من الخمر وغيره من النجاسات حتى تزول العين
والأثر ، ولا يعتبر التعدّد على أصح القولين، بل ما يحصل به الانقاء وإن كان بالأولى».
وقال السيد محمّد العاملي : «والمعتمد
الاجتزاء بالمرّةفي الجميع، وهو اختيار
المصنّف (المحقق) في المعتبر...».ومراده من الجميع: ما عدا الولوغ.
وقال
المحقق السبزواري : «اختلف الأصحاب في غسل الإناء من باقي النجاسات- سوى الولوغ- فقيل: يغسل ثلاثاً، وقيل: اثنتين، وقيل: مرّة بعد إزالة العين، وقيل: مرّة مزيلة للعين، وهو أقرب».
وقال
الفيض الكاشاني : «ويكفي في الآنية صبّ الماء فيها وتفريغه مرّتين، والثلاث أحوط».
وقال الوحيد البهبهاني- بعد أن ذكر القول بالثلاث وأدلّته-: «وهذا القول عندي أقوى...».
وقال السيد علي الطباطبائي : «ويغسل الإناء من غير ذلك مرّة واحدة على الأشهر بين الطائفة... ولا ريب أنّ الثلاث أحوط، وأوجبها جماعة كما عن الصدوق
والاسكافي والطوسي والذكرى والدروس والمحقق الشيخ علي؛ عملًا بظاهر الموثّق. ولا بأس به».
وقال
السيد بحر العلوم :والنصُّ بالتثليثِ في الأواني مؤوّلٌ بالفضلِ والرجحانِ
وقال الشيخ جعفر : «ولا تعدّد في غير البول والولوغ سواء في ذلك نجاسة الخنزير والمنيّ وغيرهما في آنية أو غيرها».
وقال النراقي: «الحقّ وجوب الثلاث في غسل الاناء من سائر النجاسات».
وقال السيد اليزدي: «يجب في الأواني إذا تنجّست بغير الولوغ الغسل ثلاث مرّات في الماء القليل...».
وقال أيضاً : «إذا غسل الإناء بالماء الكثير لا يعتبر فيه التثليث، بل يكفي مرّة واحدة حتى في إناء الولوغ. نعم، الأحوط عدم سقوط التعفير فيه، بل لا يخلو عن قوّة. والأحوط التثليث حتى في الكثير».
وعلّق السيد الاصفهاني على الاحتياط في التثليث بأنّه: «لا يترك».
وعلّق
الإمام الخميني أيضاً بأنّه: «لا يترك حتى في الجاري».
وقال السيد الحكيم : «إذا تنجّس الإناء بغير ما ذكر وجب في تطهيره غسله ثلاث مرّات».
ثمّ قال : «التطهير بالماء المعتصم كالجاري والكر وماء المطر يحصل بمجرّد
استيلائه على المحل النجس من غير حاجة إلى عصر ولا إلى تعدّد، إناء كان أم غيره».
وقال
السيد الخوئي : «وإذا تنجّس الإناء بغير ما ذكر وجب في تطهيره غسله ثلاث مرّات بالماء القليل، ويكفي غسله مرّة واحدة في الكرّ والجاري».
والمتحصّل من كلماتهم أنّه في غير النجاسات الخاصة- التي سيأتي البحث عنها- أقوال أربعة:
كفاية الغسل بالماء مرّة واحدة حتى بالقليل، وهو المعروف لدى المتقدّمين حتى زمان العلّامة الحلّي.قال في الرياض: إنّه «الأشهر بين الطائفة»،
واختاره الشهيد الثاني،
والسيد محمّد العاملي،
والمحقق السبزواري،
والسيد بحر العلوم،
والسيد علي الطباطبائي.
لزوم الغسل ثلاثاً مطلقاً من غير تفصيل بين الغسل بالقليل أو بالمعتصم.
التفصيل بين الماء القليل فيجب فيه الغسل ثلاثاً، وبين الماء المعتصم فيكفي فيه الغسل مرّة واحدة.واختاره عدّة من المعاصرين كالسادة اليزدي والحكيم والخوئي.
لزوم الغسل مرّتين، واختاره الشهيد الأوّل
والفيض الكاشاني.
وأمّا القول بكفاية الغسلة المزيلة لعين النجاسة أو عدمها فقد يتراءى في أوّل وهلة أنّ ذلك يوجب تكثّر الأقوال في المسألة إلى خمسة- كما جاء في كلمات بعضهم
- إلّا انّه ليس قولًا في تطهير الآنية في عرض الأقوال المتقدّمة، بل هو
أمر يرجع إلى حيثية أخرى، وهي الشروط العامّة لتطهير المتنجّسات بالماء القليل حيث اشترط بعضهم زوال العين قبل الغسلة المطهّرة، فليراجع فيه عنوان (المطهّرات).ومنشأ
الاختلاف بين هذه الأقوال الاختلاف في كيفية الجمع بين الأخبار المتعرّضة لحكم التطهير.
فمبنى القول الأوّل، هو انّه لا
إشكال في أنّ مقتضى إطلاق الأمر بالغسل بالماء في تطهير المتنجّسات مطلقاً أو في خصوص الآنية المتنجّسة وإطلاق أدلّة طهورية الماء هو كفاية الغسل مرّة واحدة، وبذلك ينقطع
الأصل العملي المستوجب للحكم ببقاء نجاسة المغسول عند الشك في كفاية الغسل مرّة واحدة أو مرّتين؛ لأنّ الأصل اللفظي مقدّم وحاكم على الأصل العملي، على ما هو مقرّر في محلّه من علم الأصول.
وبهذا يتّضح أنّ الأصل العملي في المسألة وإن كان يقتضي التعدّد في الغسل حتى يُقطع بحصول التطهير، إلّا أنّ الأصل اللفظي يقتضي كفاية المرّة في حصول الطهارة.
وهذا معناه أنّ على القائل بلزوم التعدّد أن يقيم الدليل الخاص المقيِّد لإطلاقات الأمر بالغسل وطهورية الماء، وأنّه لا بدّ من غسل الآنية مرّتين أو ثلاث. ومن هنا اعتمد القائلون بلزوم التعدّد على الروايات الخاصة للخروج بها عن الإطلاقات المذكورة.
وأمّا القائل بلزوم التعدّد ثلاث مرّات مطلقاً استند إلى موثّق
عمّار الساباطي عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام ، قال: «سئل عن الكوز والاناء يكون قذراً، كيف يغسل؟ وكم مرّة يغسل؟ قال: يغسل ثلاث مرّات، يصبّ فيه الماء فيحرّك فيه، ثمّ يفرّغ منه، ثمّ يصب فيه ماء آخر فيحرّك فيه، ثمّ يفرّغ ذلك الماء، ثمّ يصبّ فيه ماء آخر فيحرّك فيه ثمّ يفرّغ منه وقد طهر».
وبها تقيّد المطلقات المقتضية
للاجتزاء بالغسلة الواحدة في الماء القليل.ونوقش فيه: تارة من حيث السند بأنّ عمّار فطحي، وأخرى من حيث الدلالة بحمله على
الاستحباب بقرينة المرسل المروي في المبسوط، قال: «وقد روي غسله مرّة واحدة».
وأجيب في كلمات المتأخرين: أمّا عن الأوّل فبأنّ المحقّق حجّية الموثّق.
وأمّا عن الثاني فبأنّ المرسل غير ثابت الحجّية. ومجرّد موافقته للشهرة- كما قيل- غير جابر له ما لم يتحقّق
الاعتماد عليه هذا وقد أضاف صاحب الجواهر بأنّه يحتمل كون مراد الشيخ من المرسل هو الإطلاق في صدر موثّق عمّار الآخر نقلًا بالمعنى، وسيأتي قريباً..
فلا وجه لرفع اليد عن ظهور الموثّق في اشتراط التعدّد ثلاثاً في تطهير الآنية، وبه يخصَّص إطلاقات الأمر بالغسل.
وأمّا مبنى ما ذهب إليه مشهور المتأخرين من القول بالتفصيل بين الغسل بالماء القليل والغسل بالمعتصم فحيث إنّ الموثّق الذي اشترط الثلاث خاصّ بالتطهير بالماء القليل من جهة اشتماله على صبّ الماء في الاناء وتفريغه، فلا يقتضي تقييد مطلقات طهورية الماء ولا تقييد مطلقات الأمر بالغسل بالمياه المعتصمة كالمطر وغيره.
وأمّا القائل بلزوم التعدّد مرّتين فيمكن أن يكون حكمه- بعد
استضعاف موثّق عمّار المتقدّم- من جهة إلحاق الأواني بالثوب والبدن؛ فإنّ أكثر ما يجب فيهما هو الغسل مرّتين في البول.ونوقش: بأنّ القطع
بالإلحاق غير حاصل، وفهم عدم الخصوصية من نصوص التعدّد مرّتين في الثوب والبدن لو سلِّم لا يصلح لمعارضة الموثّق؛ إذ هو كالخاص، فيجب الأخذ به، واستضعافه ضعيف.
على أنّ هذا يختصّ بنجاسة البول دون غيره من النجاسات؛ فانّه لا دليل على وجوب التعدّد في غسل البدن أو الثوب منها.
والنجاسات التي ورد فيها نصّ خاص ثلاثة، وهي:
•
الآنية المتنجسة بالخمر،اختلف الفقهاء في كيفية تطهير الآنية المتنجسة بالخمر على أقوال، يأتي فيما يلي كوجوب الغسل سبع مرات.
•
الآنية المتنجسة بموت الجرذ،وقد اختلفت كلمات الفقهاء في كيفية تطهير
الإناء المتنجّس بموت الجرذ على أربعة أقوال.
وسيأتي بيان لزوم تعدّد الغسل في تطهير آنية الولوغ لدى البحث عن اشتراط التعفير.
والمراد بالتعفير مسح أو غسل الإناء بالتراب الممزوج بالماء، على ما سيأتي بيانه مفصلًا. وهو شرط في تطهير آنية الولوغ خاصّة.والولوغ هو شرب السباع بألسنتها،
وقال الجوهري: «ولغ الكلب في الإناء يلغ ولوغاً أي شرب ما فيه بأطراف لسانه»،
ونحوه قال الفيروزآبادي وأضاف: «أو أدخل لسانه فيه فحرّكه»، ثمّ قال: «خاصّ بالسباع ومن الطير بالذباب».
وسنتكلّم حول حكم ولوغ الكلب أوّلًا ثمّ ولوغ الخنزير:
•
ولوغ الكلب،والمراد بالكلب خصوص البرّي، لا البحري لأنّه طاهر.
•
ولوغ الخنزير، والمراد بالخنزير في المقام البرّي دون البحري، كما صرّحوا بذلك في باب النجاسات.
وفي اشتراط التجفيف وعدمه قولان:
الاشتراط، واختاره الصدوقان، قال الشيخ الصدوق : «فإن وقع كلب في إناء أو شرب منه اهريق الماء وغسل الإناء ثلاث مرّات: مرّة بالتراب ومرّتين بالماء، ثمّ يجفّف». وفي الحدائق : «قد ذكر جملة من المتأخّرين ومتأخريهم ما صرح به الصدوقان والمفيد من الحكم بالتجفيف. واعترضوه بأنّه منفي
بالأصل والنصّ؛ فإنّ ظاهره الاكتفاء بمضمونه...».
والمفيد : «وإذا ولغ الكلب في الإناء وجب أن يهراق ما فيه، ويغسل ثلاث مرّات: مرّتين منها بالماء ومرّة بالتراب تكون في أوسط الغسلات الثلاث، ثمّ يجفّف، ويستعمل».
والمحدّث البحراني، ولعلّ المستند في ذلك ما ورد في الفقه المنسوب
للامام الرضا عليه السلام : «وإن ولغ كلب في الماء أو شرب منه اهريق الماء وغسل الاناء ثلاث مرّات: مرّة بالتراب ومرّتين بالماء، ثمّ يجفّف»
وفيه: «وإن وقع». وبه يخرج عن الأصل، ويقيّد به إطلاق النصّ.ويرد عليه:
أوّلًا: أنّه لم يثبت صحة نسبة هذا الكتاب إلى مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام، فلم يثبت كونه رواية فضلًا عن أن تكون معتبرة.
ثانياً: إنّ الأمر بالتجفيف فيه إنّما جرى مجرى الغالب من أنّ الأواني بعد الغسل والتطهير تجفَّف، فهو أمر إرشادي، وليس شرطاً في التطهير.
عدم الاشتراط، وهو المشهور،
وصرّح به عدّة من فقهائنا.
ويدلّ عليه: إطلاق أدلّة التطهير كالصحيحة الواردة في تطهير آنية الولوغ؛ فإنّ مفاد أدلّة التطهير حصول الطهارة بعد الغسل بالكيفية المذكورة فيها سواء جفَّ أم لا، وهذا واضح.
نسب إلى كثير من الأصحاب
أنّه يكفي في غسل
الإناء بالقليل أن يصبّ فيه الماء، ثمّ يحرّك حتى يستوعب أطرافه، ثمّ يفرّغ، ويحصل بذلك غسلة واحدة. وقد صرّح بذلك بعض الفقهاء كالشهيدين
وابن فهد
والسبزواري.
ويدلّ عليه موثّق عمّار المتقدّم عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام ، قال: «سُئل عن الكوز والإناء يكون قذراً كيف يغسل؟ وكم مرّة يغسل؟...».
كما أنّه يكفي ملء الإناء ثمّ تفريغه من دون صبّ الماء فيه وتحريكه، وهو مختار جماعة من الأصحاب
والبحراني
وجملة من المعاصرين، قال
السيد اليزدي :«في غسل الإناء بالماء القليل يكفي صبّ الماء فيه وإدارته إلى أطرافه ثمّ صبّه على الأرض ثلاث مرّات، كما يكفي أن يملأه ماء ثمّ يفرغه ثلاث مرّات».
وأكثر
الأعلام المحشّين على العروة وافقوه على هذه
الفتوى .إلّا أنّه استشكل
المحقق النجفي في كفاية ملء الاناء ثمّ تفريغه من دون صب الماء فيه وتحريكه جموداً على ظاهر موثق
عمار الآمر بصبّ الماء ثمّ تحريكه في الاناء ثمّ صبّه.
ونوقش بأنّ مقتضى الفهم العرفي أنّ
الأمر بالتحريك في الموثق من باب الطريقية
لإيصال الماء إلى تمام أجزاء الاناء، فلا موضوعيّة له ولا خصوصية فيه، فلو حصل ذلك عن طريق آخر كما في مل الاناء ثمّ تفريغه حصل الغسل.
ومن هنا صرّح بعض الفقهاء بأنّه لا فرق في تطهير الأواني بين ما يستقرّ فيه الماء على نحو يمكن تحريكه وما لا يستقرّ فيه الماء ولا يمكن تحريكه، كما إذا كان مثقوباً من تحته بحيث لا يبقى الماء فيه؛
فإنّه يحصل التطهير بمجرّد
انفصال ماء الغسالة.ثمّ إنّه لا ينبغي أن يتوهم اشتراط الفورية في الأمر بالغسل ثلاثاً؛ لأنّها أوامر إرشادية لبيان طريقة حصول التطهير
وارتفاع حكم النجاسة.وأيضاً لا يشترط التوالي بين الغسلات؛ للإطلاق، ومن هنا ذكر السيد اليزدي:«فيما يعتبر فيه التعدّد لا يلزم توالي الغسلتين أو الغسلات، فلو غسل مرّة في يوم ومرّة اخرى في يوم آخر كفى».
الموسوعة الفقهية، ج۱، ص۴۰۹-۴۷۰.