ضمان دية السقوط على إنسان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولو وقع على
إنسان من علو فقتل فان قصد وكان يقتل غالبا قيد به، وإن لم يقصد فهو
شبيه عمد يضمن
الدية؛ وإن دفعه الهواء أو زلق، فلا
ضمان. ولو دفعه دافع فالضمان على الدافع؛ وفي
النهاية: دية المقتول على المدفوع ويرجع بها على الدافع.
ولو وقع
إنسان من علوّ على آخر فقتله أو جرحه فإن قصد الوقوع عليه وكان ممّا يقتل غالبا أو نادراً لكن مع قصده القتل أيضاً قتل به لأنه عمد يوجب
القود وإن لم يقصد القتل مع الندرة، بل قصد الوقوع عليه خاصّة فاتفق موته فهو شبيه عمد يضمن
الدية في ماله، وإن قصد الوقوع لكن لا عليه فصادفه فهو خطأ محض ديته على
العاقلة.
وإن دفعه الهواء أو زلق فوقع عليه بغير اختيار منه ولا قصد للوقوع فلا ضمان عليه، ولا على عاقلته؛ لعدم استناد
القتل إلى فعله، بل إلى أمر خارجي، وليس هو كالنائم المنقلب على غيره؛ لحصول الجناية فيه بفعله ولو من غير اختياره، بخلاف ما نحن فيه؛ لحصولها بفعل غيره ولو بواسطته، هذا.
مضافاً إلى النصوص، منها الصحيح: في رجل يسقط على الرجل فيقتله، فقال: «لا شيء عليه»
.
والصحيح: عن رجل وقع على رجل فقتله؟ فقال: «ليس عليه شيء»
.
والخبر: عن رجل وقع على رجل من فوق البيت فمات أحدهما؟ فقال: «ليس على الأعلى شيء، ولا على الأسفل شيء»
.
قيل
: ويحتمل أن يكون كمن انقلب على غيره في النوم فقتله في وجوب الدية عليه أو على عاقلته، وأن يكون كقتيل الزحام في وجوبها في
بيت المال كما في
السرائر والتحرير؛ لئلاّ يطلّ دم امرئ مسلم.
والاحتمال الأوّل لما عرفت بعيد، والثاني ليس بذلك البعيد وإن نافته ظواهر
النصوص المتقدمة الواردة في مقام الحاجة، فلو وجبت الدية على بيت المال لبيّنته، فتأمّل.
مضافاً إلى
أصالة البراءة، هذا كلّه في الواقع عليه، وأمّا الواقع هو فدمه لو مات هدر على جميع التقادير، بلا خلاف؛ لأنّ قتله لم يستند إلى أحد يحال عليه
الضمان.
وفي
الموثّق: في رجل يقع على رجل فيقتله فمات الأعلى، قال: «لا شيء على الأسفل»
.
ولو دفعه دافع وهو إنسان فالضمان أي ضمان المدفوع عليه لو مات أو انجرح على الدافع فيقاد منه إن قصد جنايته بذلك مطلقاً، وكذا إن لم يقصد جنايته مع كون الدفع ممّا يقتل غالباً، وإن كان ممّا يقتل نادراً فالدية في ماله إن قصد الدفع عليه، وإلاّ فخطأ محض إن قصد مطلق الدفع تؤخذ من عاقلته.
والحكم بكون الضمان على الدافع دون المدفوع هو الأشهر بين المتأخّرين على الظاهر، بل صرّح بالشهرة المطلقة
شيخنا في
الروضة، وهو خيرة
الحلّي والمفيد على ما حكي عنه، ووجهه واضح؛ لأنّه هو السبب القوي، والمباشر ضعيف بالإلجاء أو منتفٍ.
مضافاً إلى إطلاق النصوص النافية للضمان عن الواقع، بل عمومها الشامل لمفروض المسألة، حيث لم يستفصل فيها عن كون الوقوع منه أو من غيره، وهو وإن استلزم عدم ضمان الواقع مطلقاً حتى في جملة من الصور المتقدمة المحكوم عليه فيها بضمانه، لكنّها مخرجة عنه بالإجماع، ولا
إجماع هنا حتى يخرج به عنه أيضاً.
وقال
الشيخ في
النهاية وكتابي الحديث
، وتبعه
الجامع كما حكي: إنّ دية المقتول على الواقع، ويرجع هو بها على الدافع للصحيح: في رجل دفع رجلاً على رجل فقتله، قال: «الدّية على الذي وقع على الرجل لأولياء المقتول، ويرجع المدفوع بالدية على الذي دفعه» قال: «وإن أصاب المدفوع شيء فهو على الدافع أيضاً»
.
ولا يخلو عن قوة من حيث الصحة والصراحة لولا ما قدّمناه من الأدلّة المعتضدة بالشهرة العظيمة، فالخروج به عنها في غاية الجرأة، مع إمكان حمله على أنّ أولياء المقتول لم يعلموا دفع الغير له، هذا كلّه في ضمان المدفوع عليه.
وأمّا المدفوع فضمانه على الدافع قولاً واحداً، وبه صرّح الصحيح المتقدّم.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۳۸۵-۳۸۷.