أرض الخراج
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
منها : أرض الخراج، وهي (وكلّ أرض فتحت عنوةً) وهي بفتح العين وسكون النون : الخضوع، ومنه قوله سبحانه (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ)
والمراد هنا : ما فتحت بالقهر والغلبة (وكانت مُحياة) ومعمورة وقت الفتح.(فهي للمسلمين كافةً) إلى يوم القيامة (و) لا يختصّ بها (الغانمون) ولا يفضلون على غيرهم، بل يشاركونهم (في الجملة) كشركة باقي المسلمين من غير خصوصية، بإجماعنا الظاهر المستفاد من جماعة؛
للمعتبرة المستفيضة.
ففي الصحيح : عن
السواد ، قال : «هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم، ولمن يدخل في
الإسلام بعد اليوم، ولمن لم يُخلق بعد» فقلنا : الشراء من الدهاقين، قال : «لا يصلح إلاّ أن يشتري منهم على أن يجعلها للمسلمين، فإن شاء
وليّ الأمر أن يأخذها أخذنا» قلنا : فإن أخذها منه، قال : «يردّ عليه رأس ماله وما أكل من غلّتها بما عمل».
وفي الخبر : عن شراء الأرض من أرض الخراج فكرهه، وقال : «إنّما أرض الخراج للمسلمين» فقالوا له : فإنه يشتريها الرجل وعليه خراجها، فقال : «لا بأس إلاّ أن يستحيي من عيب ذلك».
وفي آخر : «لا يشتري من
أرض السواد شيئاً إلاّ من كانت له ذمّة، فإنّما هو فيء للمسلمين».
وفي ثالث : كيف ترى في شراء أرض الخراج؟ قال : «ومن يبيع ذلك وهي أرض المسلمين؟» قلت : يبيعها الذي هي في يده، قال : «ويصنع بخراج المسلمين ماذا؟» ثمّ قال : «لا بأس أن يشتري حقّه منها ويحول حقّ المسلمين عليه، ولعلّه يكون أقوى عليها وأملى بخراجها منه».
وهي وإن أوهمت جواز شرائها أو دلّت عليه، ولكن ظاهر الأصحاب
الاتّفاق على أنها (لا تباع ولا توقف ولا توهب ولا تملك) بوجه من الوجوه (على الخصوص) بل زاد بعضهم كالشيخ في
المبسوط ، فمنع عن مطلق التصرف فيها ولو بنجو من البناء؛
لما دلّت عليه بعد
الإجماع أنّها للمسلمين قاطبة، فلا يجوز لأحد تملّكها ولا التصرف فيها مطلقاً من غير
إذن الإمام قطعاً.ولذا منعت جملة منها عن الشراء أوّلاً.
وحمل بعضهم الشراء المرخّص فيها ثانياً على
الاستنقاذ ، كما يشعر به الرواية الأُولى.أو على شراء ما فيها من الآثار دونها، كما عقله شيخنا
الشهيد الثاني من الرواية الأخيرة؛ لقوله : «لا بأس أن يشتري حقّه منها» قال : لأنّها حقّه منها دون نفس الأرض، فلا حقّ له فيها بخصوصه بل ولا تصرّف.
وفيه بُعد؛ لأنّ الظاهر من الحقّ فيها إنّما هو حق الأولويّة لا الآثار.
مع أنّ الآثار الموجودة فيها يومئذٍ تعمّ الآثار الموجودة وقت الفتح التي خرجت بها عن الموات وصارت فيئاً للمسلمين كافةً، وحكمها حكم نفس الأرض للمسلمين بلا خلاف، لا يجوز التصرف فيها ببيع ونحوه.وتخصيصه بالآثار المتجدّدة المملوكة للمتصرف فيها بإذن
الإمام وإن أمكن، لكنّه بُعد في بُعد. ومع ذلك فلا بأس به ولا بالأوّل، جمعاً.وأمّا حملها على جواز بيعها تبعاً للآثار كما عليه الحلّي
وجماعة من المتأخرين
فمحلّ إشكال، وفاقاً لشيخنا في
المسالك في كتاب الإحياء
وإن وافقهم هنا؛
لعدم دليل واضح عليه إلاّ أن يكون إجماعاً، كما يفهم من بعض العبارات.
(والنظر فيها إلى الإمام عليه السلام) يقبّلها بالذي يرى، كما صنع
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخير قبّل أرضها ونخلها، كما في الصحيح
وغيره،
ولا خلاف فيه.
و (يصرف حاصلها في المصالح) المتعلّقة بالمسلمين من نحو ما يذكر في المرسل كالصحيح، وهو جامع لما على الوالي أن يعمل فيه.ففيه : «والأرضون التي أُخذت عنوة بخيل وركاب وفي الكافي : ورجال. فهي موقوفة متروكة في أيدي من يعمرها ويحييها، ويقوم عليها على قدر ما يصالحهم الوالي على ذلك، على قدر طاقتهم من النصف والثلث، وعلى قدر ما يكون لهم صلاحاً ولا يضرّهم. فإذا أخرج منها ما أخرج بدأ فأخرج منه العشر ممّا سقت السماء أو سقي سيحاً».
إلى أن قال : «فإن فضل من بعد ذلك أي من
الزكاة وما قبله شيء ردّه إلى الوالي، وإن نقص من ذلك شيء ولم يكتفوا به، كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا، ويؤخذ بعد ما بقي من العشر، فيقسم بين الوالي وشركائه الذين هم عمّال الأرض وأكَرَتها، فيدفع إليهم أنصباءهم على ما صالحهم، فيؤخذ الباقي فيكون بعد ذلك أرزاق أعوانه على دين الله تعالى وفي مصلحة ما ينويه من تقوية الإسلام وتقوية الدين في وجوه الجهاد، وغير ذلك ممّا فيه مصلحة العامة»
الخبر.
هذا مع حضوره. أمّا مع غيبته فما كان بيد الجائر يجوز المضيّ معه في حكمه فيها، فيصحّ تناول الخراج
والمقاسمة منه لهبة وشراء وغيرهما ممّا يقتضيه حكمه شرعاً، كما هو ظاهر الأصحاب والأخبار الواردة بحلّ ما يأخذه الجائر ويؤخذ منه من المقاسمة والخراج.وما يمكن
استقلال نائب الإمام به فهو
الحاكم الشرعي ، فأمره إليه يصرفه في مصالح المسلمين
كالأصل .
ولا يجوز جحد الخراج والمقاسمة ولا التصرف فيهما إلاّ بإذن الجائر حيث يطلبه أو يتوقف على إذنه مطلقاً، في ظاهر الأصحاب كما في المسالك.
وفيه بعد نقل الإجماع عليه أقول : وهو المحقق الثاني في شرح القواعد في كتاب الإحياء
ـ : وعلى هذا فلا يجوز التصرف في هذه الأراضي بغير إذنهم أيضاً حيث يعتبر.
خلافاً لبعض من عاصرناه فجوّزه
للشيعة ؛ للأخبار.
وفيه نظر.
رياض المسائل، ج۸، ص۱۱۴-۱۱۸.