إعتبار العقل في وجوب الزكاة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو اعتبار العقل في وجوب
الزكاة في المال نقداً كان او غيره من الغلات والمواشي.
(ولا تجب في مال
المجنون صامتاً) أي نقداً (كان أو غيره) من الغلاّت والمواشي، وفاقاً لكلّ من مرّ.
(وقيل : حكمه حكم الطفل) فتجب في غلاّته ومواشيه أيضاً.
والقائل جميع من قال به فيه،
عدا
ابن حمزة فلم ينقل عنه الحكم هنا بشيء أصلاً.
(والأوّل أصح) وإن كان الوجوب أحوط، وإن لم يقم هنا عليه دليل صالح عدا
الإطلاق والصحيح المتقدم، المضعَّفين بما مضى؛ وذلك لظهور عدم الفرق بين الطفل والمجنون فتوًى، حتى من المستحبّين، عدا الماتن وبعض من تأخّر عنه.
مع أنّه لم يظهر منه نفي
الاستحباب صريحاً هنا ولا سابقاً، وإنّما نفى الوجوب خاصّة، مع تأيّده بالاعتبار
والاستقراء ، لاشتراكهما في الأحكام غالباً ومنها استحباب إخراج الزكاة من مالهما إذا اتّجر به، ففي الصحيح : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : امرأة مختلطة عليها زكاة؟
فقال : «إن كان عُمِل به فعليها زكاة، وإن لم يُعمَل به فلا»
ونحوه غيره.
واعلم : أن الزكاة إنّما تسقط عن المجنون المطبق، أما ذو الأدوار ففي تعلّق الوجوب به في حال
الإفاقة ، أم العدم إلاّ أن يحول الحول حالتها قولان.
أجودهما الثاني، وفاقاً للتذكرة والنهاية؛
للأصل ، مع اختصاص مادلّ على اعتبار الحول بمن يكون المال عنده طُولَه بحيث يتمكن من التصرف فيه، كما هو المتبادر من إطلاقه، والمجنون
للحجر عليه غير متمكّن منه اتّفاقاً.
ومن هنا يظهر عدم وجوبها على الطفل أيضاً إلاّ بعد حَوْل الحَول بعد بلوغه، مضافاً إلى عموم الموثق السابق
: «وإن بلغ فليس عليه لما مضى زكاة» وهو عامّ لما حال عليه أحوال عديدة أو حول عدا أيّام قليلة.
وأما قوله بعد ذلك : «ولا عليه لما يستقبل زكاة حتى يدرك» فإن جُعل معطوفاً على الجزاء كما هو الظاهر فلا بُدّ من حمل الإدراك على غير
البلوغ لينتظم الكلام، فيكون المعنى : أنّه إذا بلغ فليس عليه زكاة لما يستقبل في تلك الأموال التي ملكها أوّلاً حتى يدرك الحول، فإذا أدركه وجبت عليه.
وإن جُعل جملة مستقلّة مع بعده يكون المعنى : أنّه ليس عليه لما يستقبل من الزمان زكاة متى حال عليه الحول حتى يحول وهو مدرك بالغ، فإذا حال عليه وهو كذلك وجبت عليه زكاة واحدة، فتدبّر.
ومحصّل الكلام اعتبار الشرطين طول الحول؛ خلافاً لبعض المتأخّرين،
فاكتفى بحصولهما بعده، لمستند قد عرفت وهنه.
رياض المسائل، ج۵، ص۱۵-۱۷