استلام الأركان الأربعة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ومن سنن
الطواف أن يستلم الأركان كلها، وأشدها تأكيدا الركن الذي فيه الحجر.
(وكذا) يستحب أن (يستلم الأركان) الأربعة كلّها؛ للصحيح الفعلي الآتي، وفي آخر : يستلم اليماني والشامي والغربي؟ قال : «نعم».
وهما نصّان على من منع عن استلام ما عدا
الركن العراقي واليماني كالإسكافي؛
مضافاً إلى الأصل والإجماع المحكي عن الخلاف و
المنتهى ؛
مع عدم وضوح دليل على المنع أصلاً سوى النصوص بأن النبي صلي الله عليه و آله وسلم استلمهما ولم يستلم غيرهما.
وهي محمولة على كون ذلك لتأكده فيهما، دون غيرهما، كما أفتى به الأصحاب أيضاً، ومنهم الماتن هنا، لقوله : (وآكدها) استحباباً (
ركن الحجر ) يعني العراقي (واليماني). وبهذا الجمع صرّح في
الاستبصار ، حيث قال بعد نقل الصحيح الثاني ومعارضه من الموثّق : «كان رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم لا يستلم إلاّ الركن الأسود واليماني ويقبّلهما ويضع خدّه عليهما، ورأيت أبي يفعله».
والصحيح : «كنت أطوف بالبيت وإذاً رجل يقول : ما بال هذين الركنين يستلمان ولا يستلم هذان؟! فقلت : إنّ رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم استلم هذين ولم يتعرّض لهذين، فلا تتعرّض لهما إذا لم يتعرّض لهما رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم» قال جميل : ورأيت أبا عبد الله عليه السلام يستلم الأركان كلّها.
ولا تنافي بين هذين الخبرين والخبر الأوّل؛ لأنهما حكاية ما فعل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ، ويجوز أن يكون رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم لم يستلمهما لأنّه ليس في استلامهما من الفضل والترغيب في الثواب ما في استلام الركن العراقي واليماني، ولم يقل إنّ استلامهما محظور أو مكروه، ولأجل ما قلناه قال جميل إنه رأى أبا عبد الله عليه السلام يستلم الأركان كلّها، فلو لم يكن جائزاً لما فعله عليه السلام
انتهى.
وبالجملة : فالقول بالمنع نادر ضعيف لا دليل عليه، بل الأدلة حجة عليه. ومثله في الضعف والشذوذ قول الديلمي بوجوب استلام الركن اليماني لا استحبابه؛
للأصل، وعدم دليل عليه، سوى ما قيل من الأمر به في الأخبار من غير معارض.
وهو كما ترى؛ إذ لم نر من الأخبار المعتبرة ما يتضمّن الأمر به أصلاً، وإنما غايتها بيان فعلهم :، وهو أعمّ من الوجوب، بل هو بالنسبة إلى العراقي الذي تضمنته أيضاً للاستحباب إجماعاً، فليكن بالنسبة إلى اليماني كذلك أيضاً، فتأمّل.
ثم إنّ الموجود في العبارة وغيرها والنصوص المتقدمة وغيرها إنما هو
الاستلام ، ولكن في الصحيح : عن استلام الركن، فقال : «استلامه أن تلصق بطنك به، والمسح أن تمسحه بيدك».
وفي المرفوع : «كنت أطوف مع أبي وكان إذا انتهى إلى الحجر مسحه بيده وقبّله، وإذا انتهى إلى الركن اليماني التزمه، فقلت : جعلت فداك، تمسح الحجر بيدك وتلتزم اليماني؟! فقال : قال رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم: ما أتيت الركن اليماني إلاّ وجدت
جبرئيل عليه السلام قد سبقني إليه يلتزمه».
وظاهرهما أن المستحب الالتزام، بل ظاهر الأوّل أنه المراد من الاستلام للركن حيث يطلق في الأخبار، ولعلّه لذا بدّل الاستلام في الشرائع و
القواعد بالالتزام.
ولا بأس به.
رياض المسائل، ج۷، ۶۹- ۷۱.