الاختضاب (اختضاب المرأة)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر الاختضاب (توضيح) .
ذكر
الفقهاء أحكاماً كثيرة تتعلّق باختضاب
المرأة ، منها :۱-تأكد
استحباب الاختضاب للمرأة، ۲-استحباب الاختضاب حال الصلاة، ۳-وجوب
ستر المختضبة محل الاختضاب، ۴-
حرمة اختضاب
المحتدة .
يستحبّ للمرأة الاختضاب كما يستحبّ للرجل ولكنه في
المرأة آكد بلا فرق بين
ذات البعل وغيرها، والمسنّة وغيرها؛ حيث دلّت على ذلك الروايات:
منها: ما عن
جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام قال: «رخّص
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أن تخضب (المرأة) رأسها بالسواد»، قال: «وأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم
النساء بالخضاب ذات البعل وغير ذات البعل، أمّا ذات البعل فتزيّن لزوجها، وأمّا غير ذات البعل فلا تشبه يدها يد الرجال».
ومنها: ما عن
داود بن سرحان قال: قال
أبو عبد اللَّه عليه السلام : «لا ينبغي للمرأة أن تعطّل نفسها ولو أن تعلّق في عنقها
قلادة ، ولا ينبغي لها أن تدع يدها من الخضاب ولو أن تمسحها بالحنّاء مسحاً، وإن كانت مسنّة».
يستحبّ للمرأة
التزيّن حال الصلاة بالحليّ والخضاب، فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «ولا تصلّي (المرأة) إلّا وهي مختضبة، فإن لم تكن مختضبة فلتمسَّ مواضع الحنّاء بالخلوق».
وبهذا المعنى أفتى فقهاؤنا.
قال
المحقّق النجفي : «تختصّ
المرأة باستحباب الزينة بالحليّ و
الخضاب ».
وقال
السيد اليزدي : «يستحبّ لها
الزينة حال الصلاة بالحليّ والخضاب».
وقال
الإمام الخميني : «تختصّ المرأة في الصلاة
بآداب : الزينة بالحليّ والخضاب».
ونحوها عبارة السيد الگلبايگاني.
والمراد من الاختضاب هنا لونه لا فعله، فلا
منافاة بين استحبابه هنا وبين ما يأتي من
كراهة الصلاة حال الاختضاب بمعنى الصّلاة في مادّة الاختضاب كما صرّح به
المحقّق النراقي .
يجب على المختضبة ستر موضع الخضاب عن
الناظر المحترم غير المحارم؛ لأنّ الخضاب- والمراد به اللون- من الزينة التي يحرم إبداؤها .
نعم، قد يقال بعدم وجوب ستر ما ظهر من الزينة كالخضاب ونحوه على الوجه والكفّين؛
لاستثنائه من النهي عن
إبداء الزينة في قوله تعالى: «وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها».
قال الشيخ جعفر كاشف الغطاء: «والزينة المتعلّقة بما لا يجب ستره في النظر- على الأصحّ- والصلاة؛ من خضاب أو كحل أو حمرة أو سواد أو حليّ أو شعر خارج وصل بشعرها ولو كان من شعر الرجال أو قرامل من صوف ونحوه، ونحوها يجب ستره عن الناظر دون الصلاة على
الأقوى ».
وقال المحقّق النجفي: «ولا يجب عليها للصلاة ستر ما في
باطن الفم... ولا ما على الوجه ونحوه من الزينة كالخضاب...وإن قلنا بوجوبه عن النظر».
وعلّق
السيد الحكيم على مضمون العبارتين: «ظاهره
تحريم إبداء مطلق الزينة حتّى الظاهرة، ولكنّه غير ظاهر».
يجب على من توفّي عنها زوجها
الاحتداد مدّة
عدّة الوفاة بترك الزينة في البدن والثياب، و
الامتناع عن الخروج لا لحاجة، ومن الزينة الاختضاب. وبذا صرّح فقهاؤنا.
قال الشيخ الطوسي في المحتدّة: «لا يجوز لها أن تخضب حاجبها؛ لأنّه زينة».
ومثلها عبارة
ابن البرّاج .
وقال
ابن سعيد : «وعلى الحرّة لوفاة زوجها الحداد، وهو ترك الحلية و
الكحل الأسود والخضاب...».
وقال العلّامة الحلّي: «ولا تختضب بالحنّاء في يديها ورجليها، ولا بالسواد في حاجبيها، ولا تخضِّب رأسها».
وقال
الشهيد الثاني : «ويجب
الحداد على
الزوجة المتوفّى عنها زوجها... وهو ترك الزينة من الثياب... والحنّاء، وخضب الحاجبين بالسواد».
وقال السيد اليزدي: «يجب عليها في وفاة زوجها الحداد ما دامت في العدّة، وهو... ترك الزينة في البدن واللباس بمثل
التكحّل و
التطيّب والخضاب».
ونحوها عبارة الإمام الخميني
و
السيد الگلبايگاني .
والحكم المتقدّم دلّت عليه الروايات الواردة عن
أهل البيت عليهم السلام، فعن
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إن مات عنها- يعني وهو غائب- فقامت
البيّنة على موته، فعدّتها من يوم يأتيها الخبر أربعة أشهر وعشراً؛ لأنّ عليها أن تحدّ عليه في الموت أربعة أشهر وعشراً، فتمسك عن الكحل والطيب والأصباغ».
وعن
أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إنّ بعض نساء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم سألته فقالت: إنّ فلانة توفّي عنها زوجها، فتخرج في حقٍّ ينوبها؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: افٍ لكنّ، قد كنتُنّ قبل أن ابعث فيكنَّ وأنّ المرأة منكنّ إذا توفّي عنها زوجها أخذت بعرة فرمت بها خلف ظهرها ثمّ قالت: لا أمتشط، ولا أكتحل، ولا أختضب حولًا كاملًا، وإنّما أمرتكنّ بأربعة أشهر وعشرة أيّام ثمّ لا تصبرن».
إلّا أنّ هذه الروايات معارضة بروايات غيرها تدلّ على جواز الخضاب وغيره لها إذا لم يعدُّ زينة لزوج.
فعن
عمّار الساباطي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه سأله عن المرأة يموت عنها زوجها، هل يحلّ لها أن تخرج من منزلها في عدّتها؟ قال: «نعم، وتختضب، وتكتحل، وتمتشط، وتصبغ، وتلبس المصبّغ، وتصنع ما شاءت بغير زينة لزوج».
لكن فقهاءنا لم يعتدّوا بهذه الرواية ورموها بالشذوذ أو حملوها على حال الضرورة.
وكيف كان فالأحكام الأربعة المذكورة لا تعلُّق لها بالاختضاب بعنوانه، بل هي متعلّقة بعنوان الزينة التي يمثّل الاختضاب أحد مصاديقها.
الموسوعة الفقهية، ج۷، ص۳۵۶-۳۵۹.