الاستثناء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاستثناء (توضيح) .
الاستثناء
استفعال من ثنبت
الشيء إذا عطفته ورددته، واستعمل الاستثناء أيضاً بمعنى قول: (إن شاء
اللَّه )، ويسمّى الاستثناء بهذا
المعنى بالاستثناء
بالمشيئة ، ويكون حقيقة
متصلاً و
منفصلاً ، واستعمل
الفقهاء و
الأصوليون الاستثناء بمعنى
إخراج بعض ما تناوله
اللفظ عن
الحكم الثابت للمستثنى منه على وجهٍ لولاه لدخل فيه.
الاستثناء من ثنى
الشيء ثنياً: إذا ردّ بعضه على بعض، يقال: ثنيت الشيء أثنيه ثنياً- من باب رمى-: إذا عطفته ورددته، وثنيته عن
مراده : إذا صرفته عنه، يقال: حلف فلان
يميناً ليس فيها ثُنيى ولا ثنوى ولا ثنيّة ولا مثنويّة ولا استثناء كلّه واحد، و
أصل هذا كلّه من الثني والكفّ والردّ؛ لأنّ
الحالف إذا قال:
واللَّه لا أفعل كذا وكذا إلّا أن يشاء اللَّه غيره، فقد ردّ ما قاله
بمشيئة اللَّه غيره.
واستعمل الاستثناء أيضاً بمعنى قول: (إن شاء اللَّه)، ويسمّى الاستثناء بهذا المعنى
بالاستثناء بالمشيئة ،
ومن ذلك قوله تعالى: «وَ لا يَسْتَثْنُونَ»
أي لم يقولوا: إن شاء اللَّه في يمينهم فأحرق اللَّه جنّتهم. وإنّما سمّي ذلك استثناءً وهو شرط؛ لأنّ معنى قولك: (لأخرج إن شاء اللَّه، ولا أخرج إلّا أن يشاء اللَّه) واحد.
نعم، فيه
احتمال آخر وهو: أن يكون الاستثناء فيه بالمعنى الأوّل وهو
الإخراج و
العزل ، فالمعنى: ولا يخرجون ولا يعزلون حصّة
الفقراء و
المساكين .
كما أنّ منه ما ورد في بعض الأخبار كخبر
حمزة بن حمران قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «وَ اذْكُرْ
رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ»
؟ قال: «ذلك في اليمين، إذا قلت: واللَّه لا أفعل كذا وكذا، فإذا ذكرت أنّك لم تستثن فقل: إن شاء اللَّه».
كثيراً ما يستعمل
الفقهاء و
الاصوليّون الاستثناء بمعنى إخراج بعض ما تناوله
اللفظ عن الحكم الثابت للمستثنى منه على وجهٍ لولاه لدخل فيه، والإخراج قد يكون ب (إلّا) التي ليست للصفة أو إحدى
أخواتها ، وقد يكون بالفعل الدالّ على الاستثناء ك (استثني واخرج وأحطّ)، وقد يكون بغير ذلك كما إذا قال: هذه الدار لزيد وهذا
البيت منها لي، أو قال: هذا الخاتم له وفصّه لي، فإنّ الجملة الثانية دالّة على إخراج بعض ما تناولته الجملة الاولى، فالإخراج في هذه
الصورة ليس ب (إلّا) وأخواتها ولا بالفعل الدالّ عليه.
وهو في
اصطلاح الاصوليّين إخراج بعض الأفراد من شمول حكم العامّ بعد أن كان اللفظ في نفسه شاملًا له لو لا
التخصيص ،
والاستثناء وإن كان كذلك لكن ليس من
الضروري أن يكون المخصّص
مرتبطاً ، بل ناظراً إلى خروجه من تحت العامّ بخلاف المستثنى فإنّه يتضمّن هذا المعنى.
وعليه فالتخصيص يكون أعمّ من الاستثناء بالمعنى الأخير؛ إذ
التخصيص قد يكون بغير لسان الاستثناء، بل بلسان جعل حكم لبعض الأفراد الخاصّة كما إذا قال: (أكرم العلماء) و (لا يجب
إكرام النحويّين)، كما أنّ التخصيص قد يكون بدليل
منفصل عن العامّ، وهذا بخلاف الاستثناء فإنّه
متّصل دائماً.
وهو في عرف
النحويّين والاصوليّين: رفع ما يتوهم ثبوته من كلام سابق أو إثبات ما يتوهم نفيه. والفرق بينه وبين الاستثناء هو أنّ الاستثناء الحقيقي إنّما هو فيما إذا كان المستثنى داخلًا في المستثنى منه، وأمّا في
الاستدراك فقد لا يكون مدخول أداة الاستدراك داخلًا فيما قبله لا موضوعاً ولا حكماً ولكن يتوهم دخوله فيه أو سريان الحكم عليه، كما أنّه قد يكون مدخول
الأداة نفس موضوع المستدرك منه ولكن يتوهم
سريان حكم آخر أو عدم سريانه عليه نحو: (ما زيد شجاعاً لكنه
كريم )، وقد يستعمل بعض أدوات الاستثناء في الاستدراك مجازاً وهو ما يسمّى
بالاستثناء المنقطع .
الاستثناء- كما تقدّم- قد يكون ب (إلّا) التي ليست للصفة أو إحدى أخواتها وهي: (غير) و (سوى) و (ليس) و (لا يكون) و (خلا) و (عدا) و (حاشا).
وقد يكون بفعل دالّ على الإخراج كأستثني ونحوه، كما أنّه قد يكون بغير ذلك، كما إذا قال: هذه الدار لزيد وهذا البيت منها لي. وقد وقع
البحث عند الاصوليّين في تحليل معنى الاستثناء أو
النسبة الاستثنائيّة وكونها نسبة ناقصة أو نسبة تامّة كما وقع البحث عندهم في
تعقّب الاستثناء لأكثر من جملة، وأنّه هل يكون راجعاً إلى الأخيرة منها أو إليها جميعاً، إلى غير ذلك من البحوث اللفظيّة الاصوليّة التي يطلب تفاصيلها من
علم الأصول . وأمّا الاستثناء بالمشيئة فهو أن يقال بعد كلام خبريّ أو
إنشائي : (إن شاء اللَّه) ونحوه.
ينقسم الاستثناء إلى قسمين:
وهو ما كان فيه المستثنى بعض المستثنى منه، نحو أكرم العلماء إلّا
الفسّاق منهم.
وهو ما لم يكن فيه المستثنى بعض المستثنى منه، مثل قوله تعالى: «ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا
اتِّباعَ الظَّنِّ»،
وقول المقرّ: له عليّ مائة درهم إلّا ثوباً.
وعليه فالاستثناء المنقطع كما يكون فيه المستثنى خارجاً من المستثنى منه حكماً يكون خارجاً منه موضوعاً، خلافاً
للاستثناء المتّصل فإنّ المستثنى داخل في
المستثنى منه موضوعاً لكنّه خارج منه حكماً. وبعبارة اخرى: الاستثناء المنقطع يكون من باب
التخصّص لا التخصيص، بينما الاستثناء المتّصل يكون تخصيصاً لا تخصّصاً.
ولا
إشكال في جواز الاستثناء من
الجنس ونفوذه في
الإقرار ، وأمّا من غير الجنس فقد نفى بعض الفقهاء
الخلاف في جوازه
وإن تردّد فيه بعضهم،
ويتفرّع على ذلك أنّه إذا قال له: (ألف إلّا درهماً) فإن منعنا الاستثناء من غير الجنس فهو إقرار بتسعمائة وتسعة وتسعين درهماً، وإن أجزناه كان تفسير الألف إليه، فإن فسّرها بشيء يصحّ وضع قيمة
الدرهم منه صحّ، وإن كان يستوعبه قيل: يبطل الاستثناء؛ لأنّه عقّب الإقرار بما يبطله فيصحّ الإقرار ويبطل
المبطل . وقيل: لا يبطل، ويكلّف تفسيره بما ينفي منه بقيّة بعد إخراج قيمة الدرهم.
وتفصيل ذلك في محلّه.
•
الاستثناء (أثره وحكمه) ، وقع البحث عند الفقهاء في صحّة الاستثناء في
الإنشاء و
أثره عليه في أبواب متعدّدة، كما وقع البحث عن حكم الاستثناء بمشيئة اللَّه سبحانه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۵۷-۶۶.