• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الاستثناء (أثره وحكمه)

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



لتصفح عناوين مشابهة، انظر الاستثناء (توضيح) .
استعمل الفقهاء و الأصوليون الاستثناء بمعنى إخراج بعض ما تناوله اللفظ عن الحكم الثابت للمستثنى منه على وجهٍ لولاه لدخل فيه. وقع البحث عند الفقهاء في صحّة الاستثناء في الإنشاء و أثره عليه في أبواب متعدّدة، كما وقع البحث عن حكم الاستثناء بمشيئة اللَّه سبحانه، وهذا ما نستعرضه إجمالًا فيما يلي:




ورد الأمر بالاستثناء بالمشيئة ومذمّة تركه في جملة من الأخبار:
منها: ما عن أبي عبد اللَّه عن أبيه عن عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليهم قال: «إذا حلف الرجل باللَّه فله ثنيا إلى أربعين يوماً، وذلك أنّ قوماً من اليهود سألوا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن شي‏ء فقال: ائتوني غداً، ولم يستثن حتى أخبركم، فاحتبس عنه جبرئيل عليه السلام أربعين يوماً ثمّ أتى وقال: «وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ‏ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً• إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ»».
ومنها: ما عن مرازم بن حكيم قال: مرّ أبو عبد اللَّه عليه السلام بكتاب في حاجة فكتب ثمّ عرض عليه ولم يكن فيه استثناء، فقال: «كيف رجوتم أن يتمّ هذا وليس فيه استثناء؟! انظروا كلّ موضع لا يكون فيه استثناء فاستثنوا فيه».

۱.۱ - الاحتمالات في الآية الشريفة


وأمّا قوله عزّ وجلّ: «وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ‏ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً• إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ» ففيه احتمالات :
الأوّل: أن يكون معناه: ولا تقولنّ ذلك القول إلّا أن يشاء اللَّه أن تقوله بأن يأذن لك.
الثاني: أن يكون معناه: ولا تقولنّه إلّا بمشيئة اللَّه وهو في موضع الحال، يعني إلّا متلبّساً بمشيئة اللَّه تعالى قائلًا: إن شاء اللَّه.
الثالث: أن يكون (إن شاء اللَّه) بمعنى التأبيد ، كأنّه قيل: ولا تقولنّه أبداً مثل قوله تعالى: «وَ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ»؛ لأنّ عودهم في ملّتهم ممّا لن يشاء اللَّه.
[۵] الكشاف، ج۲، ص۷۱۴- ۷۱۵.


۱.۱.۱ - قول المحقق الأردبيلي


قال : «ظاهر هذه (الآية) تحريم الإخبار بفعله في المستقبل ، إلّا أن يقارنه بقوله: (إن شاء اللَّه) على أحد الوجوه، والقائل به غير معلوم، فيحتمل أن يكون من خصائصه عليه وآله السلام أو منسوخاً أو يكون النهي للكراهة و التأديب ».

۱.۲ - سائر أحكام الاستثناء بالمشيئة


هذا كلّه في حكم الاستثناء بالمشيئة في نفسه، وهناك بحث آخر: وهو أنّ الاستثناء بالمشيئة هل يمنع من انعقاد الطلاق والنذر والعتق واليمين ونحوها؟
وما هو حكم الإقرار إذا اقترن بالاستثناء بالمشيئة؟

۱.۲.۱ - جواز الاستثناء بالمشيئة في اليمين


قالوا: إنّ الاستثناء بالمشيئة في اليمين جائز قطعاً، وقالوا أيضاً: إنّ الحالف لو علّق اليمين على مشيئة اللَّه- بأن قال: واللَّه لأفعلنّ كذا إن شاء اللَّه- وكان المقصود التعليق على مشيئته تعالى واقعاً لا مجرّد التبرّك بهذه الكلمة لم تنعقد اليمين مطلقاً، أو إذا لم يكن المحلوف عليه فعل واجب أو ترك حرام .
[۱۰] وسيلة النجاة، ج۲، ص۱۹۳، م ۷.


۱.۲.۲ - عدم جواز الاستثناء بالمشيئة في غير اليمين


وأمّا في غير اليمين كالعتق والطلاق و النذر ونحوها ففيه قولان يتضحان من خلال نقل كلام الفاضل الإصفهاني في المقام، فإنّه قال: «ولا يدخل الاستثناء بالمشيئة في غير اليمين من طلاق أو عتاق أو نذر، بمعنى أنّه لا يوقف شيئاً من ذلك بل تقع لاغية؛ لخروجها بالنصّ و الإجماع كما في السرائر ، وهو أحد قولي الشيخ الطوسي‌ ، وقوله الآخر دخوله في جميع ذلك. والأولى ما في المختلف من اتّحاد القولين وكونهما بمعنى البطلان مع الاستثناء؛ لاشتراط النيّة فيها، فإذا لم ينوها إلّا معلّقة بالمشيئة لم يقع؛ لعدم التنجيز والجهل بالشرط. وهو قويّ إن لم تتجدّد له نيّة التعليق بعد الإيقاع ، وفي دخوله في الإقرار و إبطاله له إشكال، أقربه عدم الدخول، وفاقاً لأحد قولي الشيخ والمحقّق؛ لأنّه إنكار بعد الإقرار».
وقال المحقّق النجفي : «الظاهر عدم قبول غير المستقبل المستفاد من قوله تعالى: «وَ لا تَقُولَنَّ» إلى آخره؛ للتعليق بالمشيئة؛ إذ لا معنى لتعليق الواقع في الماضي ومنه الإقرار بحقّ سابق، كما أنّه لا معنى لتعليق الأسباب الشرعية التي شاء اللَّه تعالى تسبيبها على المشيئة ».




۲.۱ - الاستثناء في الإقرار


الاستثناء في الإقرار نافذ وصحيح، فإن كان الاستثناء من المثبت فالمقرّ به ما بقي بعد الاستثناء، وإن كان الاستثناء من المنفي فالمقرّ به هو نفس المستثنى؛ وذلك لما هو مقرّر في علم الأصول من أنّ الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفي إثبات، فلو قال له: (عليّ عشرة إلّا درهماً) أو (هذه الدار التي بيدي لزيد إلّا القبّة الفلانيّة) كان إقراراً بالتسعة وبالدار ما عدا القبّة، ولو قال: (ما له عليّ شي‏ء إلّا درهم) أو (ليس له من هذه الدار إلّا القبّة الفلانيّة) كان إقراراً بدرهم والقبّة. هذا إذا كان الإخبار بالإثبات أو النفي متعلّقاً بحقّ الغير عليه.
وأمّا لو كان متعلّقاً بحقّه على الغير كان الأمر بالعكس، فلو قال: (لي عليك عشرة إلّا درهماً) أو (لي هذه الدار إلّا القبّة الفلانيّة) كان إقراراً بالنسبة إلى نفي حقّه عن الدرهم الزائد على التسعة ونفي ملكيّة القبّة، فلو ادّعى بعد ذلك استحقاقه تمام العشرة أو تمام الدار حتى القبّة لا يسمع منه، ولو قال: (ليس لي عليك إلّا درهم) أو (ليس لي من هذه الدار إلّا القبّة الفلانيّة) كان إقراراً منه بنفي استحقاق ما عدا درهم وما عدا القبّة.
[۱۳] وسيلة النجاة، ج۲، ص۱۲۱- ۱۲۲، م ۱۶.

ويشترط في قبول الاستثناء في الإقرار أن يكون المستثنى متّصلًا بالمستثنى منه عادةً؛ بأن لا يفصل بينهما بأجنبي ولا سكوت طويل يخرج عن الاتّصال عادةً، و مضافاً إلى ذلك لا بدّ أن لا يكون الاستثناء مستغرقاً للمستثنى منه، وعليه فإذا لم يكن الاستثناء مستغرقاً جاز، مساوياً كان المخرج أو أكثر، واستثناء الأكثر وإن كان مجازاً إلّا أنّه لا تأثير لذلك في المقام؛ لأنّ المطلوب في الإقرار ونحوه إنّما هو الالتزام الذي لا تفاوت فيه بين الحقيقة والمجاز.
ثمّ إنّ في الاستثناء في الإقرار مسائل وفروعاً كثيرة وقع البحث فيها بين الفقهاء من قبيل البحث في حكم الاستثناء من غير الجنس في الإقرار وحكم استثناء المجهول أو المتردّد، والبحث في حكم الاستثناءات المتعدّدة، وكذا البحث في حكم الاستثناء الواقع عقيب جمل متعدّدة في الإقرار، والكلام في جميع ذلك في مواطنه.

۲.۲ - الاستثناء في اليمين


يجوز تعليق اليمين على مشيئة غيره تعالى بلا إشكال ولا خلاف في ذلك؛ لإطلاق الأدلّة، سواء كان التعليق لعقدها أو لحلّها، فلو قال الحالف: (واللَّه لأدخلنّ الدار إن شاء زيد) - مثلًا- فقد علّق عقد اليمين على مشيئته، فإن قال: (شئت) انعقدت اليمين؛ لتحقّق الشرط حينئذٍ، فإن ترك حنث. وإن قال: (لم أشأ) لم تنعقد اليمين؛ لفقد الشرط، وكذا لو جهل حاله إمّا بموت أو غيبة أو غيرهما لم تنعقد اليمين؛ لفوات الشرط.
ولو قال: (واللَّه لأدخلنّ الدار إلّا أن يشاء زيد) فقد عقد اليمين ولكن له حلّها بالدخول قبل مشيئته، سواء شاء بعد ذلك أو لا؛ لحصول الحلّ بفعل مقتضي اليمين، فلا تؤثّر المشيئة بعده فيه، كما أنّها تنحلّ بما اشترطه في حلّها من مشيئة زيد بعدم الدخول، فإن لم يدخلها وشاء زيد أن لا يدخلها برّ بمشيئته أيضاً؛ لأنّه جعل الاستثناء مشيئة زيد. فإن قال زيد: (قد شئت أن لا يدخل) فقد انحلّت اليمين؛ لأنّ متعلّق المشيئة المذكورة هو عدم دخوله، فكأنّه قال: لأدخلنّ إلّا أن يشاء زيد أن لا أدخل، فلا ألتزم بالدخول؛ لأنّ المستثنى والمستثنى منه متضادّان، ولذا كان الاستثناء من النفي إثباتاً ومن الإثبات نفياً. ولمّا كان المحلوف عليه إثبات الدخول كان الاستثناء عدم الدخول، فإذا شاءه فقد حلّ اليمين، ولو فرض أنّه قد شاء الدخول فاليمين بحالها؛ لأنّ مشيئته بالفعل غير مستثناة. ولو قال: (واللَّه لا دخلت الدار إلّا أن يشاء فلان دخولها)، فإن قال فلان: (قد شئت أن تدخل) فقد سقط حكم اليمين؛ لأنّ الاستثناء من النفي إثبات كما عرفت.
وحينئذٍ فإن دخل بعد ما شاء برّ يمينه، كما أنّه يبرّه أيضاً إن لم يدخل قبل مشيئة الدخول. نعم، إن دخل وقد شاء أن لا يدخل حنث ولا تنفع مشيئة الدخول بعد ذلك، وإن لم تعرف المشيئة فهي منعقدة أيضاً كما عرفت. هذا ما اقتضاه لفظ الاستثناء عند الإطلاق أو مع قصده.
أمّا لو قصد في استثنائه عكس ذلك بأن قال: (أردت بالاستثناء مخالفة مشيئته) فأردت بقولي: (لأدخلنّ الدار إلّا أن يشاء الدخول، فإنّي اخالفه ولا أدخل)، وكذا لو قصد بقوله: (لا أدخل إلّا أن يشاء أن لا أدخل فإنّي اخالفه وأدخل) قُبِلَ منه ودِينَ بنيّته. وينعكس الحكم إن شاء في الأوّل قبل أن يدخل انحلّت اليمين وارتفع وجوب الدخول؛ لوقوع الشرط، وإن شاء أن لا يدخل في الثاني انحلّت اليمين أيضاً؛ لوجود شرط الحلّ، و التضادّ بين المستثنى والمستثنى منه حاصل على هذا التقدير أيضاً.

۲.۳ - الاستثناء في الطلاق


من جملة ما يشترط في صيغة الطلاق التنجيز ، فلو علّقه على شرط أو صفة لم يقع، كما إذا قال: (أنت طالق إن دخلت الدار أو إذا جاء رأس الشهر). ولو قال: (أنت طالق إلّا أن يشاء زيد) لم يصحّ، وكذا لو قال: (إن شاء اللَّه). ونظير الطلاق في ذلك عقد النكاح .

۲.۴ - الاستثناء في البيع


الاستثناء في البيع لا يوجب بطلان البيع، إلّا إذا كان الاستثناء موجباً لتعليق الصيغة على شرط أو صفة، كما إذا قال: (بعتك الدار إلّا إذا استأجرها زيد)، أو كان موجباً للجهالة والغرر، كما إذا قال: (بعتك الدار إلّا جزءاً). وأمّا إذا قال- مثلًا-: (بعتك الدار إلّا هذه الغرفة منها) صحّ البيع وكان المبيع هو الدار بجميع أجزائها ما عدا الغرفة المستثناة.
[۲۱] مفتاح الكرامة، ج۴، ص۳۰۰.
ويجري هذا الحكم في الإجارة و الصلح .

۲.۵ - الاستثناء في الوقف


يصحّ الوقف فيما إذا وقف شاة واستثنى صوفها الموجود عليها حال إجراء صيغة الوقف، وكذا يصحّ لو وقف بستاناً واستثنى ثمره الموجود أو ثمره سنةً واحدةً، ونحو ذلك.
ويصحّ الوقف أيضاً إذا ما وقف عيناً مستثنياً مقدار مئونته ما دام حيّاً من منافع الوقف أو ما يعود إليه نفعه، فإنّ المستثنى في جميع ذلك يكون خارجاً عن الوقف.
وكذا لو استثنى مقدار أداء دينه سواء كان بنحو التوزيع على السنين كلّ سنة كذا، أو تقديم أداء الدين على الصرف في مصارف الوقف، ولا يضرّ تأخير الصرف في مصارف الوقف، فهو نظير وقف العين المستأجرة إلى مدّة. وبالجملة: انتفاع الواقف بالعين الموقوفة على الفقراء أو غيرهم بنحو الاستثناء ليس وقفاً على نفسه ولا انتفاعاً بالوقف بما هو وقف.
[۲۲] العروة الوثقى، ج۶، ص۳۰۲، م ۱۷.
نعم، لو كان الاستثناء موجباً لتعليق الوقف على الشرط لبطل الوقف، كما إذا قال: (وقفت هذه الدار إلّا إذا جاء فلان).
[۲۴] العروة الوثقى، ج۶، ص۲۹۷، م ۱۱.


۲.۶ - الاستثناء في الهبة


يجوز استثناء جزء من الموهوب، ولا يوجب ذلك بطلان الهبة ، كما لو وهب أمته واستثنى الحمل أو الشاة واستثنى صوفها.


 
۱. الكهف/سورة ۱۸، الآية ۲۳، ۲۴.    
۲. البحار، ج۱۰۱، ص۲۲۸، ح ۶۰.    
۳. الوسائل، ج۱۲، ص۱۳۸، ب ۹۷ من أحكام العشرة، ح ۱.    
۴. الأعراف/سورة ۷، الآية ۸۹.    
۵. الكشاف، ج۲، ص۷۱۴- ۷۱۵.
۶. زبدة البيان، ج۱، ص۳۵۸.    
۷. جواهر الكلام، ج۳۵، ص۲۴۳.    
۸. المنهاج (الخوئي)، ج۲، ص۳۱۸، م ۱۵۴۸.    
۹. القواعد، ج۲، ص۱۳۰.    
۱۰. وسيلة النجاة، ج۲، ص۱۹۳، م ۷.
۱۱. كشف اللثام، ج۹، ص۱۶.    
۱۲. جواهر الكلام، ج۳۲، ص۸۱.    
۱۳. وسيلة النجاة، ج۲، ص۱۲۱- ۱۲۲، م ۱۶.
۱۴. المختصر النافع، ج۱، ص۲۳۴.    
۱۵. تمهيد القواعد، ج۱، ص۱۹۵.    
۱۶. المبسوط، ج۵، ص۶۰.    
۱۷. جواهر الكلام، ج۳۵، ص۸۷.    
۱۸. الشرائع، ج۳، ص۶۹۷.    
۱۹. جواهر الكلام، ج۳۵، ص۲۴۸- ۲۵۰.    
۲۰. القواعد، ج۲، ص۱۲۸.    
۲۱. مفتاح الكرامة، ج۴، ص۳۰۰.
۲۲. العروة الوثقى، ج۶، ص۳۰۲، م ۱۷.
۲۳. المسالك، ج۵، ص۳۵۷.    
۲۴. العروة الوثقى، ج۶، ص۲۹۷، م ۱۱.
۲۵. التذكرة، ج۲، ص۴۱۶ (حجرية).    




الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۶۱-۶۶.    



جعبه ابزار