الاستسعاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعني
سعي العبد في
فك ما بقي من
رقّه إذا عتق بعضه،
بالعمل والكسب وصرف
ثمنه إلى
مولاه .
الاستسعاء لغة:
سعي الرقيق في فكاك ما بقي من رقّه إذا عتق بعضه، فيعمل ويكسب ويصرف
ثمنه إلى
مولاه .
واستسعى العبد: كلّفه من العمل ما يؤدّي به عن نفسه إذا عتق بعضه ليعتق به ما بقي، واستسعيته: طلبت منه السعي.
واستعمل
الفقهاء الاستسعاء بنفس
المعنى اللغوي ، ومن ذلك قولهم: استسعى العبد في الباقي، أي سعى في فكّ الباقي.
۱-
المشهور بين الفقهاء أنّ المولى الذي كان صحيحاً
جائز التصرّف لو أعتق شقصاً من عبده يسري العتق فيه كلّه ولا يستسعي العبد حينئذٍ.
وأمّا إذا كان العبد بين
شريكين فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان المعتق موسراً قوّم عليه الباقي وأدّى
قيمته إلى شريكه، من دون فرق في ذلك بين ما إذا أعتق نصيبه
مضارّة لشريكه أم لا. وإن كان معسراً استسعى العبد في فكّ ما بقي منه، سواء أعتق المعتق نصيبه مضارّة لشريكه أم لا.
وذهب
الشيخ الطوسي في
النهاية إلى أنّه لو أعتق أحدهما نصيبه مضارّة لشريكه الآخر وكان موسراً وجب عليه أن يشتري ما بقي ويعتقه، وأمّا إن لم يكن موسراً ولا يملك غير ما أعتقه كان العتق
باطلًا .
وأمّا لو لم يقصد بذلك مضارّته بل قصد به وجه اللَّه تعالى لم يلزم
شراء الباقي وعتقه، بل يستحبّ له ذلك، فإن لم يفعل استسعى العبد في الباقي، ولم يكن
لصاحبه الذي يملك منه ما بقي
استخدامه ، ولا له عليه
ضريبة ، بل له أن يستسعيه فيما بقي من ثمنه، فإن امتنع العبد من السعي في فكّ رقبته كان له من نفسه قدر ما أعتق ولمولاه قدر ما بقي.
لكنه اختار قولًا آخر في
الخلاف ، وهو
ضمان الموسر مطلقاً مضارّاً كان أو لا، وبطلان عتق المعسر المضارّ وسعي العبد مع عدم المضارّة.
وهناك قول رابع، وهو ما حكي عن
ابن الجنيد من
تخيير الشريك في صورة عدم المضارّة واليسار بين أن يلزم المعتق قيمة حقّه
بجنايته عليه إن كان موسراً وبين أن يعتق أو يستسعي العبد في قيمة حقّه، فإن اختار الأوّل كان للمعتق
الرجوع على العبد يستسعيه فيما غرمه من حصّة شريكه إن لم يقصد بذلك العتق
التبرّر به؛ لأنّه إنّما غرم ذلك عن العبد وقام مقامه، وإن اختار الشريك استسعاءه فيه، فإن كان المعتق معسراً وتنحّى الشريك عن حقّه استسعى
العبد في قيمته. ولم يتعرّض ابن الجنيد في هذا الكلام المحكي عنه لغير الصورة المذكورة، وحكاه عنه في
المختلف .
وقال
أبو الصلاح الحلبي : «إن كان مشتركاً فعتق أحد الشركاء لوجه اللَّه تعالى تحرّر منه بمقدار حصّته واستسعى في الباقي».
وتفصيل الكلام موكول إلى محلّه.
۲- لو دلّست
أمة نفسها فادّعت أنّها
حرّة فتزوّجها
حرّ ودخل بها ثمّ تبيّن الخلاف وجب عليه
المفارقة .
ولو جاءت
بولد فذهب بعض
الفقهاء إلى أنّه
رقّ ،
ولكن يجب على
الأب فكّه بدفع قيمته يوم سقط حيّاً، وإن لم يكن عنده ما يفكّه به استسعى في قيمته، وإن أبى وجب على
الإمام دفعها من
سهم الرقاب أو من مطلق
بيت المال .
وأنكر
العلّامة في
المختلف الاستسعاء وكذا وجوب الأخذ من بيت المال؛ لأنّه
دين يجب فيه
الانتظار ، ولا يؤدّى من بيت المال.
وناقشه
السيد الحكيم بأنّه لا مجال لذلك بعد ورود
النصّ المعتبر به. والطعن في
السند وحمل الأمر على
الاستحباب غير ظاهر.
ففي
موثّقة سماعة : «... وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه»، قلت: فإن لم يكن لأبيه ما يأخذ ابنه به؟ قال: «يسعى أبوه في ثمنه حتى يؤدّيه ويأخذ ولده»، قلت: فإن أبى الأب أن يسعى في
ثمن ابنه ؟ قال: «فعلى الإمام أن يفتديه ولا يملك ولد حرّ».
وتفصيل الكلام متروك إلى محلّه.
۳- الاستسعاء في
الدين يكون من جملة
العيوب التي لو وجدها
المشتري في
العبد أو
الأمة فهو
بالخيار بين
الفسخ والإمساك بالأرش .
۴- قال
المحقّق الحلّي : «تصحّ {/ الوصية} لعبد الموصي ولمدبّره
ومكاتبه وامّ ولده، ويعتبر ما يوصي به لمملوكه بعد خروجه من
الثلث ، فإن كان بقدر قيمته اعتق، وكان الموصى به
للورثة ، وإن كانت قيمته أقلّ اعطي الفاضل، وإن كانت أكثر سعى للورثة فيما بقي ما لم تبلغ قيمته ضعف ما أوصى له به، فإن بلغت ذلك بطلت
الوصية .
وقيل: تصحّ، ويسعى في الباقي كيف كان...».
۵- إذا اشترى
العامل في
المضاربة أباه أو غيره ممّن ينعتق عليه، فإن كان بعد ظهور
الربح أو كان فيه ربح وكان العامل
جاهلًا بالحال، فذهب بعض الفقهاء-
كالسيّد اليزدي - إلى أنّه ينعتق بمقدار حصّته من الربح منه، ويسري في البقيّة، وعليه عوضها
للمالك مع يساره، ويستسعى العبد فيه مع إعساره.
بينما ذهب بعض آخر إلى أنّه يسري الانعتاق في البقيّة، ويجب على العبد السعي في
عوض حصّة المالك من دون فرق في ذلك بين يسار العامل وإعساره؛ لإطلاق صحيحة
محمد بن قيس عن
الإمام الصادق عليه السلام: في رجل دفع إلى رجل
ألف درهم مضاربة، فاشترى أباه وهو لا يعلم، قال عليه السلام: «يقوّم، فإن زاد درهماً واحداً انعتق واستسعى في
مال الرجل».
ولا
دليل على
ضمان العامل العوض للمالك في صورة اليسار.
وتفصيل الكلام موكول إلى محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۳۳۴-۳۳۷.