التشهد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو واجب بإجماعنا، بل الضرورة من مذهبنا وأخبارنا في كل صلاة ثنائية مرة بعدها وفي الصلاة الثلاثية والرباعية مرّتين مرّة آخرهما واخرى بعد ثانيتهما.
وأما الخبر : «إذا جلس الرجل للتشهّد فحمد الله تعالى أجزأه»
فمحمول إما على
التقية ، كما ذكره
شيخ الطائفة ،
أو على أن المراد بيان ما يستحب فيه، أي أدنى ما يستحب فيه ذلك، ففي الحسن : «التشهّد في الركعتين الأوليين الحمد لله، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صلّ على محمد وآل محمد، وتقبل شفاعته وارفع درجته».
وفي الخبر : عن التشهد، فقال : «لو كان كما يقولون واجبا على الناس هلكوا، إنما كان القوم يقولون أيسر ما يعلمون، إذا حمدت الله تعالى أجزأ عنك».
فتدبّر.
(وكل تشهّد يشتمل على) واجبات (خمسة : الجلوس بقدره) الواجب، للتأسّي و
الأمر به في خصوص الصلاة، مضافا إلى
الإجماع ، ففي المنتهى : أنه قول كل من أوجب التشهد،
وفي جملة من النصوص إيماء إليه أيضا، مع الأمر به في بعضها.
(والطمأنينة). (والشهادتان) مطلقا، على الأظهر الأشهر، بل عليه عامة من تأخّر، وفي الخلاف وغيره، وعن الغنية و
التذكرة والذكرى الإجماع عليه.
للمعتبرة المستفيضة، منها : عن أدنى ما يجزي من التشهد، قال : «الشهادتان».
ونحوه الرضوي. خلافا للمحكي عن
المقنع ، فأدنى ما يجزي في التشهد الشهادتان، أو قول : بسم الله وبالله.
وعن صاحب الفاخر، فيجزي شهادة واحدة في التشهد الأول.
وهما ـ مع شذوذهما وضعفهما بما قدمناه ـ لم أعرف مستندهما، نعم في
الصحيح : ما يجزي من التشهد في الركعتين الأوليين؟ قال : «أن تقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له» قال : قلت : فما يجزي من التشهد في الركعتين الأخيرتين؟ قال : «الشهادتان».
وفي الخبر : «إن نسي الرجل التشهّد في الصلاة فذكر أنه قال : بسم الله فقط فقد جازت صلاته وإن لم يذكر شيئا من التشهّد أعاد
الصلاة ».
وفي آخر مروي عن
قرب الإسناد : عن رجل ترك التشهّد حتى سلّم، قال : «إن ذكر قبل أن يسلّم فليتشهّد وعليه سجدتا السهو، وإن ذكر أنه قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله، أو بسم الله، أجزأه في صلاته، وإن لم يتكلّم بقليل ولا كثير حتى يسلّم أعاد الصلاة».
وهذه النصوص ـ مع قصور الأخيرين منها سندا، وعدم
انطباقهما كما هو على شيء من القولين كما ترى ـ لا تقاوم شيئا مما قدّمناه، سيّما مع تضمّن الأخيرين ما يخالف الإجماع قطعا، من فساد الصلاة ولزوم إعادتها بترك التشهّد و
الإيمان . وكتاب التحبير وغيرها.
شكّا أو نسيانا.
(والصلاة على النبي وآله) : مطلقا، على الأظهر الأشهر، بل عليه عامة من تأخّر، وفي الخلاف وعن الغنية و
المعتبر والمنتهى والتذكرة والذكرى
الإجماع عليه. وهو الحجة، مضافا إلى قوله سبحانه (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
لإفادته الوجوب، وليس في غير الصلاة إجماعا، كما في
الناصرية والخلاف وعن المعتبر والمنتهى،
فليكن واجبا فيها خاصة، وتقييده بهذا أولى من حمله على
الاستحباب مطلقا.
والنصوص المستفيضة، منها ـ زيادة على ما يأتي إليه
الإشارة ـ الصحيح : «إن الصلاة على
النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تمام الصلاة، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم».
ومنها : «من صلّى ولم يصلّ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وترك ذلك متعمّدا فلا صلاة له»
الخبر. ومنها : «إذا صلّى أحدكم ولم يذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صلاته يسلك بصلاته غير سبيل الجنة».
ومنها : «من صلّى ولم يصلّ فيها عليّ وعلى آلي لم تقبل منه تلك الصلاة»
إلى غير ذلك من النصوص. قيل
: خلافا للصدوق، فلم يذكر في شيء من كتبه شيئا من الصلاتين في شيء من التشهدين، كأبيه في الأوّل، للأصل، وظاهر الخبرين الماضيين بإجزاء الشهادتين،
كالصحاح، ومنها : «إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته، فإن كان مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلّم وانصرف أجزأه».
وفي الجميع نظر، لضعف
الأصل بما مرّ، وقصور النصوص عن مقاومته، بل وعن الدلالة على خلافه بعد قوة
احتمال ما قيل : من أن الغرض منها بيان ما يجب من التشهّد،
وإنما يصدق حقيقة على التشهّد، مع احتمال الحمل على التقية، وعلى كون ترك الصلاة على محمد وآله للعلم بوجوبها من الكتاب، أو لعدم
اختصاص وجوبها بالتشهّد بل بوقت ذكره عليه السلام على القول به، وهذه الاحتمالات محتملة في كلام الصدوقين أيضا، فلا خلاف كما يشعر به الإجماعات المحكية، وما يحكى عن
الصدوق في أماليه أنه قال : من دين الإمامية الإقرار بأنه يجزي في التشهد الشهادتان والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ثمَّ إن مقتضى
الأصل و
إطلاق الأدلّة الموجبة للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما عدا الإجماعات المنقولة إنما هو وجوبها في الصلاة مطلقا ولو مرّة، كما عن
الإسكافي ،
إلاّ أن الإجماعات عيّنتها في التشهدين، وبها يقيّد الإطلاق، مضافا إلى
انصرافه إلى المعهود من النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة : و
المسلمين في الأعصار والأمصار.
وفي الصحيح الوارد في بدء
الأذان والصلاة : أنه صلى الله عليه وآله وسلم بعد ما جلس للتشهّد أوحى الله تعالى إليه : «يا محمد، صلّ على نفسك وعلى
أهل بيتك ، فقال : صلّى الله عليّ وعلى أهل بيتي»
ويوافقه الحسن المتقدم في أوّل البحث.
(وأقله) أي التشهد المجزي (أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، ثمَّ يأتي بالصلاة على النبي وآله) فيقول : اللهم صلّ على محمّد وآل محمد. ولا خلاف في
إجزاء هذا المقدار، بل عليه الإجماع في
الروضة والمدارك،
وإنما اختلفوا في وجوب ما زاد عن الشهادتين من قوله : وحده لا شريك له، وعبده. فقيل : نعم، كما هو ظاهر المتن وجماعة،
لوروده في جملة من المعتبرة، منها ـ زيادة على ما مرّ من الصحيح وغيره
ـ المروي في
الخصال : «إذا قال العبد في التشهد الأخير وهو جالس : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، ثمَّ أحدث حدثا فقد مضت صلاته».
خلافا للأكثر على الظاهر، المصرّح به في كلام جمع،
فلا يجب، بل يجزي الشهادتان مطلقا، لإطلاق جملة من النصوص، ومنها : الرضوي المتقدم وسابقة.
ويضعف بوجوب حمل المطلق على المقيّد.
وهو حسن لو لا
اشتمال جملة من المقيّدات على ما لم يجب إجماعا، واخرى على ترك ما يجب كذلك، وهو الصلاة على النبي وآله، كما مضى، مع قصور سند بعضها. وأما معه فيشكل، سيّما بعد
اشتهار الإطلاق بين الأصحاب، حتى أن الشهيد ; في الذكرى عزاه إليهم بصيغة الجمع المفيد
للاستغراق ، فقال : وظاهر الأصحاب وخلاصة الأخبار
الاجتزاء بالشهادتين مطلقا، فعلى هذا لا يضرّ ترك : وحده لا شريك له، ولا لفظة : عبده، وفي رواية أبي بصير : «وأنّ محمدا» بغير لفظة : أشهد.
وهو كما ترى مشعر بالإجماع عليه، ولكنه في
اللمعة والدروس
عبّر بما في المتن، ولا ريب أنه أحوط، وإن كان القول بتعيّنه لعلّه لا يخلو عن نظر، لما مر، مضافا إلى أن جملة ممّا دلّ على إجزاء الشهادتين الصادقتين على ما عليه الأكثر أوضح دلالة على عدم وجوب الزائد عليهما من دلالة المقيّدات على وجوبه وأظهر، من حيث التصريح فيها بأنهما أدنى ما يجزي، بخلافها، فإنّ غايتها الدلالة على الأمر به ورجحانه، وهو ظاهر في الوجوب، وأدنى ما يجزي صريح في العدم، سيّما مع ضمّ بعض النصوص المعبّر عن الشهادتين بلفظهما من دون ذكر للزيادتين أصلا،
فلا يمكن صرف الشهادتين إلى ما يشملهما والزيادتين، وقصور السند أو ضعفه منجبر بالأصل، والشهرة بين الأصحاب.
رياض المسائل، ج۳، ص۲۳۲- ۲۳۹.