الشهيد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو
المسلم ومن بحكمه الميّت بمعركة قتال أمر به
النبي صلي الله عليه و آله وسلم أو
الإمام عليه السلام أو نائبهما أو في كل جهاد حقّ.
(الرابعة : الشهيد) وهو
المسلم ومن بحكمه الميّت بمعركة قتال أمر به
النبي صلي الله عليه و آله وسلم أو
الإمام عليه السلام كما عن
المقنعة و
المراسم والشرائع،
أو نائبهما كما عن
المبسوط والنهاية والسرائر والمهذّب والوسيلة والجامع والمنتهى،
أو في كل جهاد حقّ كما عن المعتبر والغنية و
الإشارة ،
وظاهر الكافي ومحتمل
نهاية الإحكام والتذكرة،
ورجّحه في
الذكرى وجماعة،
لإطلاق الشهيد في المعتبرة.
والحسن : «الذي يقتل في سبيل اللّه يدفن بثيابه ولا يغسل».
والخبر : «اغسل كلّ الموتى الغريق وأكيل السبع وكلّ شيء إلّا ما قتل بين الصفّين».
والخروج عن مقتضى
الأصل القطعي من وجوب تغسيل كلّ مسلم بمثل هذا
الإطلاق مشكل، سيّما مع مخالفته الشهرة العظيمة لانصرافه إلى ما هو المتبادر منه وهو الذي قتل بين يدي الإمام أو نائبه الخاص.
نعم : ربما أشعر بعض المعتبرة بالعموم و
إناطة حكم الشهيد بالطاعة و
ارتفاعه عنه بالمعصية، كالرضوي : «وإن كان الميت قتيل المعركة في طاعة اللّه لم يغسّل ودفن في ثيابه التي قتل فيها بدمائه» إلى أن قال : «وإن كان قتل في معصية اللّه غسّل كما يغسّل الميت وضمّ رأسه إلى عنقه» الحديث .
ولكن في مقاومته للأصل المعتضد بالشهرة إشكال. والأحوط عند الفقير عدم إجراء أحكام الشهيد عليه وإن كان
الإجراء لا يخلو عن قوة.
وكيف كان : لا يجري عليه الأحكام إلّا (إذا مات في المعركة) ولم يدركه المسلمون وبه رمق، فحينئذ (لا يغسّل ولا يكفّن) إلّا إذا جرّد فيكفّن حينئذ، ذكره جماعة،
وأشعر به بعض المعتبرة.
(بل يصلّى عليه ويدفن بثيابه) وجوباً إجماعاً حكاه جماعة،
وعن المعتبر أنه
إجماع أهل العلم كافة خلا شذوذ من العامة.
والنصوص به مستفيضة كالصحيح أو الحسن يقول : «الذي يقتل في سبيل اللّه يدفن في ثيابه ولا يغسل، إلّا أن يدركه المسلمون وبه رمق ثمَّ يموت بعد فإنه يغسل ويكفن ويحنط، إنّ
رسول اللّه صلي الله عليه وآله وسلم كفّن حمزة في ثيابه ولم يغسّله ولكن صلّى عليه».
وبمعناه غيره من الصحاح وغيرها.
وظاهرها الاكتفاء في وجوب التغسيل
بإدراك المسلمين له حيّاً وإن لم ينقض الحرب ولا نقل من المعركة بل مات فيها، وفاقاً للمهذّب والذكرى وظاهر شيخنا المفيد في
المقنعة .
خلافاً لإطلاق عبارة المصنف وجماعة،
وعلّل في
المنتهى بما روي عن النبي صلي الله عليه و آله وسلم أنه قال يوم اُحد : «من ينظر ما فعل
سعد بن ربيع ؟» فقال رجل : أنا أنظر لك يا رسول اللّه، فنظر فوجده جريحا به رمق فقال له : إن رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات، فقال : أنا في الأموات فأبلغ رسول اللّه عني السلام، قال : ثمَّ لم أبرح أن مات ولم يأمر النبي صلي الله عليه و آله وسلم بتغسيل أحد منهم.
(وينزع عنه الخفّان) مطلقاً كما عن المقنعة والغنية والشرائع و
المعتبر والمبسوط والمهذّب والنهاية
لخروجهما عن الثياب عرفاً فيتعلق بدفنهما النهي عن تضييع المال المحترم جزماً. وعن المراسم و
الوسيلة والسرائر
: تخصيص ذلك بعدم
إصابتهما الدم وإلّا فيدفن؛ لعموم الأخبار بدفنه بدمائه.
وفيه : أنّ المعنى النهي عن التغسيل، فإنّ من المعلوم أن العموم غير مراد، لنزع السلاح عنه.
وأما الخبر : «ينزع عن الشهيد الفرو والخف والقلنسوة والعمامة والمنطقة والسراويل إلّا ان يكون أصابه دم، فإن أصابه دم ترك».
فلا دلالة فيه؛
لاحتمال عود الضمير إلى الأخير مضافاً إلى ضعف سنده، ومخالفته لعموم الصحاح وغيرها الدالة على
الأمر بدفنه بثيابه، ولا ريب في شمولها لكثير ممّا فيه، ولذا اقتصر الأكثر على دفنها خاصة ونزع ما عداها، ومنها
السراويل (والفرو) على إشكال فيه وإن كان الظاهر عدم إطلاق الثوب عليه عرفا فنزعه لازم ظاهرا. وهنا أقوال اُخر ضعيفة المستند والمأخذ، والمحصّل من الأدلة ما ذكرناه وفاقا للأكثر.
رياض المسائل، ج۱، ص۴۵۶- ۴۶۰.