الطلقات الثلاث
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لا يهدم استيفاء
العدّة وانقضاؤها، وعدم رجوع الزوج فيها في كلّ مرّة تحريم الثالثة حتى تنكح زوجاً غيره، وكذا لو استوفت العدة في إحدى
الطلقات خاصّة.
من أقسام
الطلاق الصحيح وهو ما إذا رجع فيها وتجرّد عن
الوطء، أو بعدها بعقدٍ جديدٍ وإن وطِئ تحرم المطلّقة في كل ثالثة للحرّة، وفي كل ثانية للأمة حتى تنكح زوجاً غيره كحرمتها كذلك لو طلّقت للعدّة.
فالفارق بين الطلاق للعدّة وغيرها حصول التحريم المؤبّد بالتاسعة في الأوّل خاصّة، دون الثاني، فلا تحرم فيه أبداً ولو ارتفع إلى مائة بعد حصول
المحلّل بعد كل ثلاثة، كما تقدّمت إليه الإشارة مع الأدلّة فيه وفي المسألة السابقة، وهي
الحرمة بالتاسعة في العِدّية في السبب الرابع بعد الثالث في
المصاهرة.
لا يهدم استيفاء
العدّة وانقضاؤها، وعدم رجوع الزوج فيها في كلّ مرّة تحريم الثالثة حتى تنكح زوجاً غيره، وكذا لو استوفت العدة في إحدى الطلقات خاصّة، بإجماع
الطائفة، كما حكاه جماعة
، بل ربما ادّعى عليه بعض الأجلة
الإجماع عليه من العلماء كافة
.
والأصل فيه بعد الإجماع عموم
الكتاب والسنّة، منها
الصحيح: في امرأة طلّقها زوجها ثلاثاً قبل أن يدخل بها، قال: «لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره»
.
مضافاً إلى خصوص الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة، منها الصحيح: في رجل طلّق امرأته، ثم تركها حتى انقضت عدّتها، ثم تزوّجها، ثم طلّقها من غير أن يدخل بها، حتى فعل ذلك ثلاثاً، قال: «لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره»
.
خلافاً لابن بكير؛ استناداً إلى رواية أسندها إلى
زرارة: قال: سمعت
أبا جعفر (علیهالسّلام) يقول: «الطلاق الذي يحبّه
الله تعالى، والذي يطلّق الفقيه، وهو
العدل بين المرأة والرجل: أن يطلّقها في استقبال
الطهر بشهادة شاهدين وإرادة من
القلب، ثم يتركها حتى تمضي ثلاثة قروء، فإذا رأت الدم في أوّل قطرة من الثالث، وهو آخر
القرء لأنّ الأقراء هو الأطهار فقد بانت منه، وهي أملك بنفسها، فإن شاءت تزوّجته وحلّت له، فإن فعل هذا بها مائة مرّة هدم ما قبله وحلّت بلا زوج»
الحديث.
ونحوه روايات أُخر
.
هي كهذه
الرواية قاصرة الأسانيد، ظاهرة الدلالة على عدم صحة الإسناد في هذه الرواية إلى زرارة؛ لتضمّنها أنّه قال حينما سئل عنه: هذا ممّا رزق الله تعالى من
الرأي.
وليس مثل ذلك قدحاً فيه، ومنافياً لدعوى إجماع العصابة على صحة ما صحّ عنه من الرواية، كما ذكره جماعة
؛ لاحتمال رؤيته المصلحة في ذلك لتشييد ما رآه وصحّحه بأدلّة هي مستند عنده، وحجة شرعيّة، بعد أن رأى أنّ قدماء
الرواة وأصحابه في تلك الأزمنة لا يقبلون منه ذلك بالمرّة؛ لنسبة ذلك إلى رأيه، فالتجأ إلى اختراع تلك النسبة إلى زرارة إعلاءً لما هو
المذهب عنده
والحجّة، ويكون ذلك عنده كذباً لمصلحة، ولعلّ مثل ذلك عنده لا ينافي
العدالة.
وكيف كان فلا ريب في ضعف هذا القول، وإن ذهب إليه في
الفقيه، تبعاً للرضوي
، وأخباره تنادي بضعفه في الأزمنة السابقة؛ لدلالتها كما مضى على وقوع أصحاب القائل فيه في فتواه بالهدم باستيفاء العدّة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۲۴۷-۲۴۹.