المستحق لإرث الخيار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يرث الخيار من يرث المال، ويحرم منه من يحرم من
إرث المال بالقتل أو الكفر أو الرقّ، ويحجب عنه من يحجب عن إرث المال.
ولو كان العقد الذي فيه الخيار متعلّقاً بمال يحرم منه الوارث-
كالحبوة المختصّة بالولد الأكبر، و
الأرض التي لا ترث منها الزوجة- ففي حرمان ذلك الوارث وعدمه أقوال
:
التفصيل بين كون ما يحرم عنه الوارث منتقلًا إلى الميّت أو منتقلًا عنه، فيرث في الصورة الاولى ويحرم في الثانية، صرّح به فخر الدين،
وقوّاه
الشيخ الأنصاري والنائيني
.
واستدلّ له بأنّ الثمن المنتقل إلى البائع ملك متزلزل للبائع، وإذا فسخ العقد ينتقل الثمن إلى الميّت، فيرث منه كلّ من الزوجة وغيرها. وهذا بخلاف ما إذا كان
العقار منتقلًا عن الميّت؛ لأنّ الزوجة لا ترث منه فيما إذا فسخ العقد ورجع المبيع إلى ملك الميّت، فلا
اختيار لها؛ لأنّ الخيار حقّ لصاحبه فيما انتقل عنه، يوجب سلطنته على ما انتقل عنه بإرجاعه إلى ملكه، والمفروض أنّ الزوجة ليست لها علاقة ولا سلطنة على العقار فيما إذا انتقل إلى الميّت
.
أنّها تحرم من
الإرث فيما انتقل إلى الميّت، والإشكال في غيره، وبه صرّح
المحقّق الثاني .
واستدلّ له بأنّ ما انتقل إلى الميّت ممّا لا ترث منه الزوجة، فإنّها لا سلطنة لها عليه حينئذٍ، ولا يتمكّن من إرجاعه إلى مالكه الأوّل، والخيار سلطنة
لإرجاع ما انتقل عنه بعد تسلّطه على ما وصل بإزائه.
واجيب عن التفصيلين بأنّ الخيار حقّ قائم بالعقد، ولا مساس له بالعوضين، ومع فسخه وحلّه يرجع العوضان قهراً بلا تصرّف من ذي الخيار فيهما، ولا سلطنة له عليهما، فالسلطنة قائمة بالعقد لا بالعين، بل أنّ ماهيّة الفسخ بالخيار تابعة لماهيّة العقد، ولا شبهة في أنّ ماهيّة العقد وما هو تحت قدرة المتبايعين ومورد جعلهما إنّما هو
إنشاء التبادل، والتبادل الإنشائي لا الحقيقي المتقوّم باعتبار العقلاء؛ ضرورة أنّ
اعتبار العقلاء أو الشرع ليس أمراً قابلًا للجعل، ولا تتعلّق قدرة المتعاملين به.
ولا إشكال في أنّ الخيار حقّ فسخ العقد المنشأ بإنشاء المتعاقدين، ولا يعقل أن يكون أمراً زائداً من ذلك، فالحلّ يتعلّق بالعقد الإنشائي، وعلى ذلك فلا مانع من
إرث الخيار بالنسبة إلى ما يحرم عنه الوارث من المال.
ثبوت الإرث مطلقاً، وهو ما قوّاه
المحقّق النجفي ،
وقد اختاره
السيّد اليزدي و
الإمام الخميني .
واستدلّ له بأنّ حقيقة الخيار السلطنة على فسخ العقد، ولازمه ردّ العوضين إلى مالكهما الفعلي حين الفسخ، ولا يعتبر فيه التسلّط على التصرّف فيها أزيد من هذا المقدار الذي هو داخل في حقيقته، ومعنى إرثه أيضاً ليس إلّا إرث هذا المقدار، وأمّا كون المال منتقلًا إلى فلان أو عنه فلمّا لم يكن داخلًا في حقيقته فلا يعتبر في الإرث أيضاً.
فظهر من ذلك أنّ الحقّ إرثها من الخيار مطلقاً وإن كان العوضان كلاهما من العقار؛ لما عرفت من عدم المانع من شمول الأدلّة.
عدم الإرث مطلقاً، وهو ما اختاره
السيد الخوئي .
واستدلّ له بأنّ إرث الخيار ليس طبقاً للقاعدة، فإنّها تقتضي
اختصاص الخيار بخصوص المورّث؛ لأنّ فسخه هو الذي قيّد به
الالتزام المعاملي، لا مطلق الفسخ، وإنّما ثبت بالإجماع على خلاف القاعدة، والمتيقّن منه هو صورة كون ذي الخيار وارثاً للمال، ولا
إجماع محقّق في إرث الزوجة من الخيار المبحوث عنه؛ لأنّه محلّ الخلاف.
هذا، ولكنّه اختار في المنهاج القول الثالث، قال: «ولو كان العقد الذي فيه الخيار متعلّقاً بمال يحرم منه الوارث- كالحبوة المختصّة بالذكر الأكبر، والأرض التي لا ترث منها الزوجة- ففي حرمان ذلك الوارث من إرث الخيار وعدمه أقوال، أقربها عدم حرمانه، والخيار لجميع الورثة، فلو باع الميّت أرضاً وكان له الخيار أو كان قد اشترى أرضاً وكان له الخيار ورثت منه الزوجة كغيرها من الورثة».
وعُلّل بأنّ كلّ حكم تابع لموضوعه، والدليل قد دلّ على اختصاص الحبوة بالولد الأكبر، وأمّا الخيار المتعلّق بها فلا وجه لاختصاصه به.
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۳۹۶- ۳۹۸.