المناسخات في الإرث
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
جمع مناسخة، وهي مفاعلة، (لا يخلو من تسامح؛ لأنّ المفاعلة لا تكون إلّا بفعل الطرفين كالمنازعة والمضاربة والمحاربة، وأمّا إذا كان الفعل من طرف واحد فلا تصدق عليه هذه المادّة، وهو هنا من هذا القبيل حيث يكون الرقم الجديد ناسخاً للرقم القديم دون العكس. )
من النسخ وهو النقل والتحويل، من نسخت الكتاب نقلته من نسخة إلى اخرى.
سمّيت هذه المسائل بها؛ لأنّ الأنصباء بموت الثاني تنسخ وتنقل من عدد إلى عدد، وكذا التصحيح ينقل من حال إلى حال، وكذا عدد مجموع الورثة يُنقل من مقدار إلى مقدار بموت واحد منهم، وقد يطلق على
الإبطال ، ومنه نسخت الشمس الظلّ إذا أبطلته، ولعلّ المناسبة حينئذٍ أنّ الغرض أبطل تلك القسمة، وتعلّق غرضه بغيرها وإن اتّفق موافقة الثانية للُاولى.
والمقصود منها في الإرث أن يموت
إنسان فلا تقسّم تركته، ثمّ يموت بعض ورّاثه، ويتعلّق الغرض بقسمة الفريضتين من
أصل واحد.
وطريق معرفة
استخراج الفريضتين من أصل واحد يتبيّن من المواضع التالية:
كيفيّة قسمة الفريضتين من أصل واحد مع اتّحاد
الاستحقاق والوارث، والمقصود من
اتّحاد الوارث كون وارث الميّت الثاني هو وارث الميّت الأوّل بعينه. والمقصود من اتّحاد الاستحقاق كون الجهة الموجبة لاستحقاق الميراث فيها واحدة، كالبنوّة والاخوّة والزوجيّة ونحوها.
وبناءً على ذلك إن اتّحد الورثة والاستحقاق كان كالفريضة الواحدة ولا يحتاج إلى عمل آخر.
مثاله: إخوة ثلاثة وأخوات ثلاث من جهة واحدة، مات أحد الإخوة، ثمّ مات الآخر، ثمّ ماتت
أخت ، ثمّ ماتت اخرى، وبقي
أخ واخت، فالمال بينهما أثلاثاً إن كانا من جهة الأب، وبالسويّة إن كانا من جهة الامّ.
كيفيّة قسمة الفريضتين من أصل واحد مع اختلاف الاستحقاق أو الورّاث. وفيه عدّة فروض:
اختلاف الاستحقاق خاصة، كما لو مات رجل وترك ثلاثة أولاد، ثمّ مات أحد الأولاد ولم يخلّف غير الأخوين، فإنّ جهة الاستحقاق في الفريضة مختلفة، فإنّها في الاولى البنوّة، وفي الثانية الاخوّة، والوارث واحد.
اختلاف الوارث خاصة، كما لو مات رجل وترك ابنين، فمات أحدهما وترك ابناً، فإنّ جهة الاستحقاق في الفريضتين واحدة، وهي البنوّة، والوارث مختلف.
اختلاف الوارث والاستحقاق معاً، كما لو مات رجل وخلّف زوجة وابناً وبنتاً، ثمّ ماتت الزوجة عن ابن وبنت من غير الميّت، فإنّ جهة الاستحقاق في الاولى الزوجيّة، وفي الثانية البنوّة، والوارث فيها أولادها، وفي الاولى الزوجة وأولادها.
ومتى كان هناك اختلاف فربّما ينهض نصيب الميّت الثاني بالقسمة على الصحّة، وربّما لا ينهض، فهنا حالتان:
الاولى: ما إذا نهض بذلك، فلا كلام ولا
إشكال فيه، مثل أن يموت إنسان ويترك زوجة وابناً وبنتاً من غيرها، فللزوجة الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين، مضروب مخرج الثمن في مخرج الثلث والثلثين، ثمّ تموت الزوجة فتترك ابناً وبنتاً تنقسم عليهما الثلاثة المزبورة على الصحّة.
الثانية: أن لا ينقسم نصيبه على وارثه على الصحّة، وهنا صورتان:
إحداهما: أن يكون بين نصيب الميّت الثاني من الفريضة الاولى وبين الفريضة الثانية وفق، فتضرب وفق الفريضة الثانية- لا وفق نصيب الميّت الثاني- في الفريضة الاولى، فما بلغ صحّت منه الفريضتان. ومثاله: أخوان من امّ ومثلهما من أب وزوج، ثمّ مات الزوج وخلّف ابناً وبنتين، فالفريضة الاولى ستّة لا تنقسم على أربعة، ولكن توافق الفريضة الثانية بالنصف، فتضرب جزء الوفق من الفريضة الثانية وهو اثنان- لا من النصيب- في الفريضة الاولى وهي اثنا عشر، فما بلغت صحّت منه الفريضتان.
ولكي تتّضح هذه المسألة ينبغي أن يعمل قسامين للميّتين أو قسامات بعدد الموتى، ثمّ ننظر إلى نسب الأرقام بعضها إلى بعض:
زوج أخ وأخ هما للأب أخ وأخ هما للُام ۶ ۳+ ۶ ۱+ ۶ ۲ ۱۲ ۶+ ۱۲ ۲+ ۱۲ ۴ ۶۱۲+ ۱۱۲+ ۱۱۲+ ۲۱۲+ ۲۱۲/ ۱۲۱۲/ ۱۱ ففي السطر الأوّل- كما هو معلوم- لا تنقسم بعض البسوط (۶ ۱) على الورثة بدون كسر، ومن هنا احتجنا إلى مضاعفتها في مخرج التقسيم وهو اثنان، فصارت اثني عشر في السطر الثاني، وصحّت منه الفريضة في السطر الثالث.
ولد بنت بنت ۴ ۲+ ۴ ۱+ ۴ ۱/ ۴ ۴ فننظر إلى حصّة الميّت الثاني من القسام الأوّل وهو الزوج الذي حصل على (۶)، وننسبه إلى مخرج (مقام) القسام الثاني وهو (۴)، وهما متوافقان بالنصف، فنأخذ جزء الوفق من مقام القسام الثاني- وهو اثنان- وهو نصف الأربعة في مقام القسام الأوّل وهو (۱۲) فيحصل الزوج على ۲۴ ۱۲، والبسط فيه ينقسم على أربعة، فيمكن تقسيم حصص القسام الثاني عليه، فيكون القسام الأوّل هكذا: ۱۲۲۴+ ۲۲۴+ ۲۲۴+ ۴۲۴+ ۴۲۴/ ۲۴۲۴
والقسام الثاني: ۲۴ ۶+ ۲۴ ۳+ ۲۴ ۳/ ۲۴ ۱۲، وهي بمقدار حصة الزوج تماماً.
ثانيتهما: أن يتباين النصيب والفريضة، فتضرب الثانية في الاولى، فما بلغ صحّت منه الفريضتان، فكلّ من كان له من الفريضة الاولى شيء يأخذه مضروباً في الثانية. مثاله: زوج واثنان من كلالة
الامّ وأخ لأب، ثمّ مات الزوج وترك ابنين وبنتاً
:
قسام الميّت الأوّل: زوج أخ لأب أخ لُامّ أخ لُامّ ۶ ۳+ ۶ ۱+ ۶ ۱+ ۶ ۱/ ۶ ۶ قسام الميّت الثاني: ولد ولد بنت ۵ ۲+ ۵ ۲+ ۵ ۱/ ۵ ۵ والنسبة بين العددين (۳ و۵) هو التباين، فيجب ضرب أحد المقامين (المخرجين) في الآخر، وهما هنا متباينان. ومن المعلوم في القسام الأوّل أنّنا نضرب المقامات والبسوط كلّها بنفس الرقم ۵، وهو مقام القسام الثاني. وأمّا القسام الثاني فنضرب مقامه بالمقام الأوّل، وأمّا بسطه وهو تقسيم حصّة الزوج بعد التضعيف الأخير على مقام القسام الثاني، ثمّ ضرب الناتج بكلّ بسط منه، فإنّ القسام الأوّل يكون هكذا:
۶• ۳۵• ۵+ ۶• ۱۵• ۵+ ۶• ۱۵• ۵+ ۶• ۱۵• ۵ ۳۰ ۱۵+ ۳۰ ۵+ ۳۰ ۵+ ۳۰ ۵/ ۳۰ ۳۰ ۱۵.. ۵/ ۳.
فيأخذ الولدان نصيبهما منه مضروباً في اثنين، والبنت نصيبها مضروباً في واحد فقط، فيكون القسام الثاني بعد المناسخة هكذا:
۵• ۳۶• ۲+ ۵• ۳۶• ۲+ ۵• ۳۶• ۱ ۳۰ ۶+ ۳۰ ۶+ ۳۰ ۳/ ۳۰ ۱۵، وهي حصّة الزوج (الميّت الثاني) من القسام الأوّل.
ويكون قسام المناسخة كما يلي
: ولد الزوج ولد الزوج بنت الزوج أخ لأب أخ لُام أخ لُام:
۳۰ ۶+ ۳۰ ۶+ ۳۰ ۳+ ۳۰ ۵+ ۳۰ ۵+ ۳۰ ۵/ ۳۰ ۳۰ ج- كيفيّة القسمة إذا كانت المناسخات أكثر من فريضتين، لو كانت المناسخات أكثر من فريضتين نظرت في الثالثة، فإن انقسم نصيب الثالث على ورثته على صحّة، وإلّا عملت في فريضته مع الفريضتين ما عملت في فريضة الثاني مع الأوّل، وكذا لو فرض موت رابع أو ما زاد على ذلك.
قال
الشهيد الثاني : «يمكن فرض ذلك بأقسامه في المثال السابق بأن يموت أحد ولدي الزوج، فإنّ نصيب الولد المذكور من نصيب أبيه ستّة من خمسة عشر، فهذه مناسخة ثالثة، فإن خلّف ابنين وبنتين أو ستّة أولاد متساوين ذكوريّة وانوثيّة ونحو ذلك انقسمت فريضته من سهمه بغير كسر. وإن خلّف ابناً وبنتين كانت فريضته من أربعة، وهي توافق نصيبه بالنصف، فتضرب نصف فريضته- وهو اثنان- فيما اجتمع من المسألتين- وهو ثلاثون- يبلغ ستّين ويكمل العمل، وكلّ من كان له شيء من الفريضة الثانية أخذه مضروباً في اثنين. وإن خلّف ابنين وبنتاً باينت فريضته وهي خمسة لنصيبه وهو ستّة، فتضرب فريضته في ثلاثين تبلغ مائة وخمسين، ومن كان له شيء من الفريضة الثانية أخذه مضروباً في خمسة».
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۳۲۷- ۳۳۲.