النقص في فصول الأذان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ذكر بعض الفقهاء أنّه لو أخلّ
المؤذّن بشيء من فصول الأذان استحبّ للسامع والحاكي
إتمام ما نقص من
الأذان،
من دون فرق بين من يريد أن يصلّي بأذانه وعدمه، كما هو ظاهر
إطلاق كلمات الفقهاء.
واستدلّ له بأنّ في
إكمال الأذان مراعاة للسنّة وتحصيلًا لكمالها.
وبما رواه
عبد اللَّه بن سنان عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إذا أذّن مؤذّن فنقص الأذان وأنت تريد أن تصلّي بأذانه فأتمّ ما نقص هو من أذانه».
ونوقش فيها بأنّ موردها
الاجتزاء بذلك لمن أراد الصلاة جماعة؛ إذ الملحوظ في الصحيحة هي النسبة الإيجاديّة من غير نظر إلى حيثيّة
السماع بوجه، ومن ثمّ قال عليه السلام: «وأنت تريد أن تصلّي بأذانه»، ولم يقل: بسماع أذانه، وهذا من مختصّات صلاة الجماعة حيث يكفي صدور الأذان من أحدهم عن الباقين فيصلّون بأذانه وإن لم يسمعوه. إذاً فتتميم
النقص في الصحيحة ناظر إلى هذه الصورة، أمّا من أراد
الاكتفاء بمجرّد السماع فلا دليل فيه على جواز
التتميم ، بل لو نقص البعض استأنف الأذان من
الأصل ؛ لظهور دليله في سماع الأذان الكامل دون الناقص.
وهل يثبت ذلك- أي
استحباب إتمام ما نقص من الأذان- لما أخلّ به المؤذّن المخالف؟لم يتعرّض فقهاؤنا المتقدّمون لذلك، وإنّما اقتصروا فيه على بيان استحباب قول ما يتركه المؤذّن، وسيأتي لاحقاً.نعم تعرّض له بعض المتأخّرين فذهبوا إلى عدم استحبابه؛ لتصريح الأصحاب ودلالة الأخبار على عدم
الاعتداد بأذان المخالف، فلا فائدة في
الإتيان بما تركه.
إلّا أن يقال: إنّ ذلك مستحبّ برأسه وإن كان أذانه غير معتدّ به؛ لعدم المنافاة بين استحباب التلفّظ بالمتروك
إقامة لشعار الحقّ وتوطين النفس عليه وبين
إعادة الأذان.
هذا، ولا بأس بالتنبيه على أنّ الفقهاء إنّما تعرّضوا لعدم الاعتداد بأذان المخالف ضمن مسائل ثلاث:فمنهم من ذكره في سياق استحباب الحكاية، مع أنّه لا دليل على
اختصاص استحباب ذلك للحاكي، إلّا أنّه لا منافاة بينه وبين ما ذكروه من اشتراط
الإيمان .
ومنهم من ذكره في سياق مسألة:المصلّي خلف من لا يقتدى به يؤذّن لنفسه ويقيم،
ولا بدّ من حمله حينئذٍ على
إرادة كونه مستحبّاً برأسه؛ لتصريحهم فيها بعدم الاعتداد بأذان المخالف،
ولعلّ دليل الاستحباب المزبور ما رواه
الصدوق مرسلًا: «وأنّ من سمع الأذان فقال كما يقول المؤذّن زيد في رزقه».
ومنهم من ذكرها مستقلّة لا في سياق احدى المسألتين،
وقال
المحقق النجفي : «والأولى إرادتهم ذلك أيضاً».
أي كونه مستحباً برأسه.
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۲۵۸-۲۵۹.