الإعادة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإعادة (توضيح).
وهو تكرار الكلام وإرجاعه وإعادته.
الإرجاع والتكرير، يقال: أعدت الشيء إلى مكانه، أي رددته وأرجعته إليه، وأعاد الكلام: كرّره.
واستعدته الشيء فأعاده، إذا سألته أن يفعله ثانياً.
وليس لها لدى
الفقهاء اصطلاح خاص.
نعم، تطلق الإعادة في كتاب الصلاة في قبال القضاء ويراد بها تكرار العمل داخل الوقت.
وهو بمعنى الإعادة، إلّاأنّ كلمة (تكرار) تستعمل غالباً عندما تكون الإعادة مراراً،
بخلاف الإعادة فإنّها تستعمل في إعادة التصرّف مرّة واحدة.
وهو فعل العبادة بعد خروج وقتها المحدَّد،
بخلاف الإعادة فإنّها فعل المأمور به ثانية في وقته إن كان له وقت محدّد، أو في أيّ وقت كان إن لم يكن له وقت محدّد.
وهو إعادة العمل أو التصرّف من أوّله، كاستئناف الوضوء،
بخلاف الإعادة فإنّها تستعمل في إعادة التصرّف من أوّله أو إعادة جزء من أجزائه، كإعادة غَسل عضو من أعضاء الوضوء.
وهو صرف الشيء ورجعه، يقال: ردّ الشيء، إذا أرجعه.
وهو أحد معاني الإعادة.
يختلف حكم الإعادة
باختلاف المعاني والموارد، فإنّها قد تكون بمعنى التكرار، وقد تكون بمعنى الردّ، وفي الحالين ليس لها حكم بعنوانها، وإنّما يختلف حكمها باختلاف الموارد كما ستعرف، وحيث إنّ المستعمل في الفقه بدل الإعادة بالمعنى الثاني- أي
الإرجاع - الرد فيقال: ردّ المغصوب وردّ المبيع ونحو ذلك، يتركز الكلام هنا على الإعادة بالمعنى الأوّل.
الإعادة بمعنى التكرار قد تكون واجبة، كما إذا ظهر بطلان العمل الواجب.
وقد تكون راجحة ومستحبة، كما إذا كان العمل الأوّل صحيحاً، إلّاأنّ في إعادته فضلًا ومزيّة راجحة، أو كان العمل مستحبّاً وظهر بطلانه.
وقد تكون مرجوحة أو محرّمة، كما إذا انطبق عليها عنوان مرجوح، أو محرّم كالتشريع، كما في إعادة الغَسل في الوضوء للمرّة الثالثة، أو
الوسواس ، كما في إعادة الوسواسي في العبادات ومقدّماتها.
وقد تكون الإعادة مباحة كما في إعادة العقد الفاسد بعد ظهور بطلانه، وعدم وجود ما يلزم أو يرجح إعادته وإنشاؤه من جديد.
وينبغي أن يعلم أنّ مطلق تكرار العمل ليس إعادة، فإنّه قد يكون تكرار العمل شرطاً لازماً في ترتّب الأثر أو سقوط التكليف، كما في تكرار الغسل من البول مرّتين، أو تكرار الإقرار بالزنا أربع مرّات لترتّب الحد، أو تكرار التسبيحة في الركعتين الثالثة والرابعة، إلى غير ذلك.
فهذا النحو من التكرار ليس إعادة، بل هو تعدّد مأخوذ في نفس العمل المطلوب، وترتّب الأثر الشرعي عليه.
وإنّما الإعادة تكون بالتكرار، بمعنى استئناف العمل بشروطه من جديد وفعله ثانياً.
إذاً على هذا التعريف للإعادة لا يكون إعادة الغسل في الوضوء وتكراره للمرة الثالثة إعادة.
وهذا المعنى للإعادة قد يكون وجوبه أو رجحانه عقلياً في مقام الخروج عن عهدة
التكليف الشرعي أو ترتب الأثر الوضعي المطلوب من الفعل، فلا تكون الإعادة في هذا القسم بعنوانها واجبة ومتعلّقة للحكم الشرعي، وإنّما متعلّق الحكم الشرعي نفس العنوان الأوّل، كالصلاة
والصيام ونحو ذلك.
ولكن حيث إنّه لم يمتثل في الفعل الأوّل صحيحاً أو لم يحرز امتثاله وتحقّقه، فيحكم العقل بلزوم أو رجحان استئناف العمل وإعادته للخروج عن عهدة ذلك التكليف، أو إحراز ترتّب الأثر الوضعيّ المطلوب خارجاً.
وفي هذه الموارد إذا ورد في دليل شرعي ما ظاهره الأمر بالإعادة أيضاً يكون محمولًا على
الإرشاد إلى بقاء التكليف الأوّل، أو عدم تحقّق
الأثر الشرعيّ المطلوب، ولا يكون أمراً شرعيّاً تأسيسيّاً بالإعادة.
وقد تكون الإعادة متعلّقة للأمر الشرعي بنحو التأسيس، فتكون واجبة أو راجحة شرعاً مولويّاً، كما هو الحال فيمن أفسد حجّه
بالجماع ، فإنّه تجب عليه الإعادة من قابل شرعاً ككفّارة عليه، وكما في أمر الشارع بإعادة الفريضة جماعة لمن صلّاها فرادى أوّلًا، وكما في الأوامر الشرعيّة بالقضاء إذا اعتبرناه من الإعادة خارج الوقت، فإنّها أوامر شرعيّة تأسيسيّة بعنوان الإعادة أو القضاء.
وهي متعدّدة، فمنها ما يوجبها، ومنها ما يوجب استحبابها.
موارد وجوب إعادة العمل وأسبابه عديدة، نشير فيما يلى إلى أهمّها:
إذا كان الفعل الواقع أوّلًا غير صحيح- لفقدان جزء أو شرط- وجب إعادته صحيحاً إذا لم يكن موقّتاً بزمان، أو كان موقتاً وكان وقته باقياً. وكذا خارج الوقت إذا كان ممّا يجب قضاؤه إن اعتبرنا ذلك من الإعادة.
وهذا هو مقتضى القاعدة والأصل، أي
إطلاق دليل الواجب الأدائي داخل الوقت، أو إطلاق دليل القضاء خارج الوقت، من غير فرق بين الإخلال الواقع عمداً أو سهواً أو جهلًا.
إلّاأنّه في جملة من العبادات يثبت عدم الإعادة
بالإخلال سهواً أو جهلًا؛ لاختصاص الجزئيّة والشرطيّة بحال الذكر والعلم، كما في الإخلال بغير الأركان في الصلاة.
وقد جاء ذلك في حديث: «لا تعاد الصلاة إلّامن خمس»
الذي يعبّر عن مضمونه بقاعدة (لا تعاد) بل قد يثبت عدم الإعادة بالإخلال ببعض الواجبات في عبادة حتى عمداً، كما في ترك بعض الأفعال الواجبة غير الركنيّة في
الحجّ .
فكلّما ثبت بدليل عامّ أو خاصّ في عمل من الأعمال اختصاص أجزائه أو شرائطه بحال الذكر أو العلم، أو بحال الاختيار وعدم العذر، أو بحال خاصّ غير الحال الواقع فيه العمل أوّلًا، كان ذلك الدليل بنفسه دالّاً على صحّة ذلك العمل، فلا تجب الإعادة حينئذٍ؛ لانتفاء سببه.
وكلّما لم يثبت ذلك وكان لدليل ذلك الجزء أو الشرط
إطلاق ثبت لا محالة فساد العمل، وبالتالي لزوم إعادته إذا لم يكن موقّتاً، أو كان ولكن وقته كان باقياً، وإلّا وجب قضاؤه خارج الوقت إن كان ممّا فيه القضاء وكان لدليل القضاء إطلاق، وإلّا لم يجب القضاء أيضاً؛ لأنّ القضاء بأمر جديد يحتاج إلى إطلاق في دليله.
ومن هنا يفصّل في بعض الفروع الفقهيّة بين الإعادة داخل الوقت فتجب، والقضاء لو زال العذر أو الجهل والنسيان خارج الوقت، فلا يجب.
كما أنّه إذا فرض أنّ دليل الجزئيّة والشرطيّة لم يكن له إطلاق من أوّل الأمر لغير حال الذكر والعلم أو الاختيار وعدم الاضطرار والعذر، ولم يكن دليل خاصّ على الإعادة- الذي يكشف لامحالة عن إطلاق الجزئيّة أو الشرطيّة- فلا تجب الإعادة في الوقت أيضاً بمقتضى الأصل العملي المعبّر عنه بالبراءة عن إطلاق الجزئيّة أو الشرطيّة.
وتفصيل ذلك موكول إلى محلّه.
من موارد وجوب الإعادة ما إذا تردّد الواجب بين فعلين متباينين- كما إذا تردّدت الصلاة بين القصر والتمام، أو تردّدت القبلة بين جهتين أو أكثر، أو تردّد اللباس أو الماء الطاهر بين فردين- فإنّه يجب عقلًا في هذه الموارد الخروج عن التكليف المعلوم بالإجمال، بإعادة الصلاة أو الوضوء ضمن الفردين أو الأفراد حتى يقطع بالموافقة، وإتيان الواجب الواقعي ضمن أحدها.
وهذا ما يسمّى بأصالة الاحتياط في الشكّ في المكلّف به، أو منجّزيّة
العلم الإجمالي بين متباينين.
وهذه القاعدة لها أركان وشروط إذا اختلّ شيء منها لم يجب الاحتياط، ولم يكن العلم الإجمالي منجّزاً. وهي العلم الإجمالي بالتكليف، وعدم ما يوجب انحلاله حقيقة أو حكماً، والتعارض بين الاصول العمليّة المرخّصة في أطرافه ومحتملاته.
وتفصيل الكلام عنها متروك إلى محلّه في
علم الاصول .
وهناك فروع وتطبيقات تفصيليّة كثيرة يحصل فيها التردّد والعلم الإجمالي المذكور يتعرّض لها الفقهاء في مواطنها من الأبواب الفقهيّة، خصوصاً في باب الصلاة والعلم الإجمالي بالخلل فيها- الذي يعبّر عنه بفروع العلم الإجمالي- حيث يبحث الفقهاء عن مقتضى القواعد والاصول المصحّحة أو المتمّمة للصلاة فيها، وهي أبحاث دقيقة وجليلة يأتي التعرّض إليها في المصطلحات المرتبطة كلّ بحسبه.
نعم، هناك كلام وبحث بين الفقهاء في جواز الاحتياط بتكرار العبادة لإحراز ما هو المأمور به واقعاً مع إمكان الامتثال التفصيلي.
من جملة أسباب وجوب الإعادة الشكّ في امتثال الواجب مع بقاء وقته، فإنّه يجب عقلًا الاحتياط فيه بالإتيان بالعمل ثانية، ويسمّى بقاعدة أنّ
الشغل اليقيني يستدعي
الفراغ اليقيني ، وهي قاعدة عقليّة عمليّة يبحث عنها في علم الاصول.
وكذلك إذا شكّ في صحّة ما أتى به من العمل، فإنّه أيضاً تجب الإعادة ما لم يجري في حقّ المكلّف أصل شرعيّ يقتضي البناء على صحّة ما أتى به، كما في أكثر العبادات حيث يجري فيها قاعدة الفراغ بعد العمل والتجاوز قبله أيضاً إذا تجاوز محلّ ذلك الجزء أو القيد.
وأمّا حين العمل وقبل التجاوز فيجب الإتيان بالمشكوك؛ للأصل العقلي المذكور، وعدم شمول القاعدة الشرعية المصحّحة، بل قد تجب الإعادة بعد الإتيان أيضاً، كما إذا كان الإتيان به في المحلّ على تقدير كونه تكراراً زيادة مانعة عن صحّة العمل، حيث يدور الأمر بين الجزئيّة والمانعيّة، فيتشكّل علم إجمالي مردّد بين متباينين.
وتفصيل ذلك في علمي الاصول والقواعد الفقهية، وكذا بعض التفاصيل والتطبيقات في محالّه من الموسوعة كمصطلح (الفراغ والتجاوز).
يجب حفظ الركعات في الثنائية والثلاثية والأوّلتين من الرباعية قبل إكمال السجدتين، وإذا شكّ في العدد وجب إعادة الصلاة.
وأمّا إذا شكّ في العدد بين الثلاث والأربع- في أيّ موضع كان- فإنّه يبني على الأربع ويتمّ صلاته. ولكن يحتاط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً إن كانت وظيفته الصلاة قائماً، وإن كانت وظيفته الصلاة جالساً فإنّه يحتاط بركعة جالساً.
وكذلك إذا شكّ في عدد أشواط الطواف، فإن كان بعد الفراغ والدخول في غيره فلا شيء عليه ولا إعادة، وإن كان في الأثناء فإن تيقّن السبعة وشكّ في الزيادة عليها فقط قطع طوافه وصحّ بلا خلاف؛ لأصالة عدم الزيادة، وإن كان الشك في الأثناء في النقيصة كأن شكّ بين ستّة وسبعة، وجب عليه إعادة الطواف في الفريضة على المشهور، خلافاً لجماعة حيث قالوا بالبناء على الأقلّ واستحبّ له الإعادة.
إذا زال العذر الذي كان هو المسوّغ لعمل ناقص وجب الإتيان بذلك العمل على الوجه التام مع بقاء وقته، كالصلاة مع التيمّم لفقدان الماء، فإنّه إذا وجد الماء في الوقت وجب إعادة الصلاة مع الوضوء؛ لانكشاف عدم فقدان الماء في تمام الوقت، فيكون قادراً على الواجب الاختياري؛ لكونه قادراً على بعض أفراده، والقدرة على الفرد قدرة على الجامع بنحو صرف الوجود الذي هو الواجب.
وهذا هو مقتضى القاعدة، وهو بحسب الدقّة من مصاديق انكشاف وقوع العمل السابق غير صحيح؛ لبقاء شرطيّة الطهور المائي في حقّه.
إلّاأنّه قد يثبت خلاف ذلك بالنسبة لبعض الأعذار أو بعض الموارد لدليل خاصّ، كما في مثل الصلاة مع العامّة تقيّة، حيث لا تجب إعادتها، بل تكون صحيحة ومجزية، أو لعدم
إطلاق في دليل الجزئيّة والشرطيّة فيما تعذّر على المكلّف، أو لاستفادة الإجزاء من أدلّة جواز البدار لمن له عذر في أوّل الوقت، أو غير ذلك من الوجوه والتعليلات المذكورة في مواطنها.
يجب على من أفسد حجّه
بالجماع قبل الوقوف بالمشعر إعادة الحجّ في السنة القادمة،
مضافاً إلى وجوب الإتمام والكفارة، وقد دلّت عليه بعض الروايات.
قيل: يجب عليه إعادة أعماله السابقة؛ لأنّها بطلت
بالارتداد ،
ولأنّه يوجب حبط الأعمال السابقة.
قال
الشيخ الطوسي في المبسوط: «المرتد إذا حجّ حجّة الإسلام في حال إسلامه، ثمّ عاد إلى
الإسلام لم يجب عليه
الحجّ ، وإن قلنا: إنّ عليه الحجّ كان قويّاً؛ لأنّ إسلامه الأوّل لم يكن إسلاماً عندنا؛ لأنّه لو كان كذلك لما جاز أن يكفر، وإن لم يكن إسلاماً لم يصحّ حجّه، وإذا لم يصحّ فالحجّة باقية في ذمّته»،
فعليه من حجّ ثمّ ارتدّ، ثمّ أسلم في العام نفسه أو بعد أعوامٍ وجب عليه إعادة الحجّ.
إلّاأنّ المشهور خلافه،
فإنّ الحبط بالارتداد مشروط بالوفاة على الكفر، لا مطلقاً؛ لقوله تعالى: «وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُت وَهُوَ كافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَت أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ».
يستحبّ إعادة العمل الواقع مجزياً أوّلًا فيما إذا كان في إعادته مزيّة وفضل زائد.
وهذه المزيّة قد تكون عقلية، كما إذا كان فيه احتياط غير واجب، فإنّ الاحتياط راجح وحسن عقلًا كمن شكّ في صحّة صلاته بعد الفراغ وكان يمكنه الاكتفاء به اعتماداً على قاعدة الفراغ، إلّاأنّه احتياطاً أراد إعادة العمل، وهذه إعادة ظاهرية، أي قد لا يكون مصداقاً للواجب واقعاً، كما إذا كان عمله الذي فرغ منه واجداً للقيد المشكوك، فيكون الامتثال متحقّقاً به، فلا موضوع للعمل الثاني.
وقد تكون المزيّة شرعيّة واقعيّة، كما في إعادة الصلاة جماعة لمن صلّاها فرادى؛ لأفضليّة الجماعة من الفرادى، والإعادة لهذه المزيّة بحاجة إلى دليل على مشروعيّة الإعادة، وإلّا فلو لم يكن دليل في البين كان مقتضى القاعدة سقوط الأمر- وهو الفريضة- بالفرد الأوّل الصحيح بحسب الغرض، ومع سقوطه لا فريضة في البين لكي يمكن الإتيان بها جماعة ما لم يدلّ دليل خاصّ على مشروعيّة مثل هذه الإعادة، وقد يسمّى ذلك بتبديل الامتثال بالامتثال.
تختلف نيّة المكلّف بالنسبة للعمل الذي يريد إعادته بحسب نوع الإعادة وحكمه، فإنّه إذا كانت الإعادة واقعيّة- بأن كان العمل الذي جاء به أوّلًا فاسداً- أعاده المكلّف بنفس النيّة الأوّليّة، أي إن كان الفعل واجباً نوى الوجوب، وإن كان مستحبّاً نوى الاستحباب.
وإذا كانت الإعادة ظاهرية ومن باب الاحتياط- كما في موارد
العلم الإجمالي أو الشكّ في الامتثال أو الاحتياط الاستحبابي- أعاد العمل بنيّة الرجاء والاحتياط، ولا يجوز له الإعادة بنيّة الوجوب تعييناً؛ لكونه تشريعاً.
وإذا كانت الإعادة واقعيّة ولكن بأمر شرعي جاء بها مع قصد ذلك الأمر تعييناً إلّا أنّه إذا كانت الإعادة مستحبّة- كما في إعادة الصلاة جماعة- فهل يمكنه نيّة الوجوب واعتبار ما يأتي به جماعة هو فرضه الواجب بدلًا عن صلاته الاولى فرادى، أم يأتي به بنيّة الاستحباب؟ فيه خلاف بين الفقهاء.
قد
يستظهر من فتاوى بعض الفقهاء وبعض النصوص
بل صرّح به عدّة منهم
أنّه يأتي به بنيّة الاستحباب؛ وذلك لسقوط الأمر الوجوبي بالصلاة الاولى، فلا تكون المعادة بما أنّها كذلك فرداً للواجب، ومعه كيف يقصد الوجوب بها؟! نعم، الطبيعة هي تلك الطبيعة بعينها، غير أنّ الأمر المتعلّق بها حينئذٍ استحبابي، وهذا الأمر هو الباعث على إعادتها، دون الوجوبي الساقط الذي كان باعثاً على الصلاة الاولى، فلو أراد نيّة الوجه ليس له إلّا أن ينوي الندب، فيقصد نفس تلك الطبيعة المتعلّقة للأمر الاستحبابي.
خلافاً للآخرين، فجوّزا إيقاعها على وجه الوجوب أيضاً؛
وعلّلوا ذلك بصحيح
هشام بن سالم عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال في الرجل يصلّي الصلاة وحده ثمّ يجد جماعة، قال: «يصلّي معهم ويجعلها الفريضة إن شاء».
وبخبر
حفص بن البختري عنه عليه السلام أيضاً في الرجل يصلّي الصلاة وحده ثمّ يجد جماعة، قال: «يصلّي معهم ويجعلها الفريضة».
واختار
السيّد الحكيم في
المستمسك تعيّن نيّة الوجوب.
لو اعيد العمل لخلل فيه موجب لفساده
فالمعاد هو الذي يسقط به الواجب؛ لأنّ الفعل الأوّل لم يحصل به الامتثال فلم يسقط به الواجب، كالصلاة المعادة لخلل فيها، فإنّ الواجب يسقط بالثاني.
وأمّا إذا اعيد عملٌ لا لخللٍ بل لأمر شرعي واجباً كان كإعادة الحج الفاسد بالجماع أو مستحباً كإعادة الصلاة المأتيّ بها فرادى جماعةً- فقد اختلف الفقهاء فيه من جهة المسقط في أنّه هو الأوّل أو الثاني.
نعم، صرّح عدّة من القائلين بإتيان الثانية بنيّة الندب بجواز الاجتزاء بها لو تبيّن خلل في الاولى؛
وذلك لأنّ المعادة ليست صلاة اخرى مستقلّة، بل هي إعادة لنفس الصلاة الاولى فهي ذاتاً تلك الفريضة بعينها، غايته أنّه يستحبّ إعادتها جماعة، فإذا تبيّن الخلل في الاولى تحقّق الامتثال في ضمن الفرد الثاني لا محالة، هذا بناءً على أنّه لا يعتبر في صحة العبادة عدا الإتيان بذات العمل، وأن يكون ذلك بداعي القربة، وكلاهما متحقق في المقام، فالحكم بالاجتزاء مطابق للقاعدة..
وتؤيّده رواية
أبي بصير ، قال: قلت
لأبي عبد اللَّه عليه السلام: اصلّي ثمّ أدخل المسجد فتقام الصلاة وقد صلّيت، فقال: «صلّ معهم، يختار اللَّه أحبّهما إليه»؛
إذ من المعلوم أنّ اللَّه تعالى يختار الصحيح منهما دون الفاسد.
خلافاً لظاهر
الشهيد الأوّل ، حيث نقل عنه انّ الفائدة في النزاع المتقدم في نية المعادة تظهر فيما لو تبين أنّ صلاته الاولى باطلة؛ فالثانية تجزيه لو نوى بها الوجوب.
هذا كلّه في الصلاة المعادة، وأمّا في
الحج الفاسد المعاد ففيه قولان: للشيخ في أحد قوليه
والحلّي في
السرائر وغيرهما أنّه يتمّ الأداء عقوبة والمسقط للفرض هو القضاء، والقول الآخر للشيخ أيضاً ويحيى بن سعيد وجماعة آخرين أنّ الأداء فرضه والقضاء عقوبة.
قد تجب أو ترجّح الإعادة في العقود والإيقاعات إذا وقعت على وجه باطل وكان ذلك العقد واجباً أو راجحاً شرعاً، أو كان لازماً من أجل التحرّز عن الوقوع في الحرام، مثل: أكل مال الغير بالباطل،
ونكاح امرأة بنكاح غير صحيح، أو نكاح امرأة باقية في نكاح آخر بسبب بطلان
الطلاق ، ونحو ذلك من المحاذير الشرعية.
ولتفصيل أكثر انظر
قاعدة الإتعاد
الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۲۵۵-۲۶۵.