الإرشاد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الارشاد وهو
الهداية والدلالة وأرشده أي هداه الى الطريق.
الإرشاد: الهداية و
الدلالة، وأرشده اللَّه، وأرشده إلى
الأمر، ورشَّده: هداه، و
إرشاد الضال هدايته الطريق وتعريفه.
ترد كلمة (إرشاد) في
الفقه بنفس معناها اللغوي، إلّا انّه يختلف استعمالها بحسب اختلاف الموارد والمقامات.
الامور التي ترد فيها فقد ترد صفة لقسم من
الأوامر و
النواهي، فيقال: الأوامر الإرشادية في مقابل الأوامر والنواهي المولوية.
واخرى: ترد مضافةً إلى كلمة (
الجاهل) فيقال: إرشاد الجاهل بمعنى إعلامه كما في صورة الجهل بالموضوع، أو بمعنى تعليمه كما في صورة الجهل بالأحكام الكلّية.
وثالثة: ترد مضافة إلى كلمة (
الضال) فيقال: إرشاد الضال بمعنى
هدايته إلى الطريق الصحيح كإرشاد
الباغي أو
المرتد ونحو ذلك.
وهما بالمعنى المصطلح الحمل على
الطاعة والمنع عن فعل المعصية قولًا أو فعلًا، ومن شروط وجوبهما:
التنجيز بمعنى أن يكون الحكم
منجّزاً في حقّ الفاعل أو التارك ولا يكون ذلك إلّا مع العلم بالحكم والموضوع معاً، فلو كان جاهلًا بالحكم أو الموضوع كمن لا يعلم أنّ الخمر- مثلًا- حرام، أو يعلم ذلك ولكن لا يعلم أنّ ما يشربه خمر فمثل هذا لا يكون مورداً للنهي عن
المنكر؛ لعدم صدق المنكر على ما يفعله، وهكذا الأمر في جانب المعروف، فموردهما هو العالم
بالحكم والموضوع معاً.
وأمّا الإرشاد فمورده
الجاهل بالحكمالشرعي أو موضوعه كما يأتي.
هذا مضافاً إلى أنّهما عبارة عن ردع أو حمل على فعل خاص، ولهما شرائط يجب توفّرها ومراحل ينتقل فيهما من القلب إلى اللسان، ومن اللسان إلى اليد، ولا يكتفى فيهما بالعمومات والوعظ والإرشاد، بخلاف الإرشاد فإنّه يكفي فيه بيان الحكم أو الإعلام بالموضوع بأيّ وسيلة كانت.
نعم، قد يطلق
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على بيان الأحكام الشرعية ونشر القيم و
التعاليم الإسلامية فيساوي الإرشاد بهذا المعنى.
قسّم
الفقهاء كلّاً من الأمر والنهي إلى
مولوي وإرشادي.
فمرادهم منه الأمر والنهي الحقيقي الصادر من المولى و
بتشريع منه، والذي يقع موضوعاً لحكم
العقل باستحقاق المثوبة على موافقته، والعقوبة على مخالفته إذا كان لزومياً أي وجوباً أو حرمة.
وغالب الأوامر والنواهي الواردة في الكتاب والسنّة يكون مولويّاً كالأمر بالصلاة والصوم، والنهي عن شرب الخمر و
الكذب وغير ذلك.
وقد ذكر علماء
الاصول أنّ ظاهر خطابات الشارع وأوامره ونواهيه أنّها مولوية.
المراد منه ما يكون بحسب الصورة، وظاهر اللفظ أمراً حقيقياً ولكن واقعه إخبارٌ وإرشاد إلى حكم عقلي أو قضيّة
خبرية أو نحو ذلك، نظير أوامر الطبيب للمريض فإنّها إرشاد إلى ما فيه علاج مرضه، ونظير الأمر بالإطاعة والنهي عن العصيان، فإنّ ذلك إرشاد إلى حكم العقل بقبح
المعصية وحسن
الإطاعة ولزومها.
ويستفاد من إطلاقات الفقهاء أنّ الإرشادية تارةً تطلق في قبال المولوية فيراد بها أنّ الأمر أو النهي ليسا من
تشريع المولى نفسه وتأسيسه بل هو
حكم ثابت في المرتبة السابقة بحكم
العقل والعقلاء،والشارع بأمره ونهيه يريد الإشارة إلى ذلك الحكم العقلي أو العقلائي، واخرى تطلق الإرشادية في قبال
التكليفية، ويراد بها أنّ الأمر أو النهي ليس طلباً للفعل أو الترك وإنّما هو إخبار عن أمر
تكويني كالمصلحة الخارجية، أو تشريعي كالصحّة والبطلان، أو المانعية والجزئية والشرطية، أو
الطهارة و
النجاسة، والتي قد تكون بدورها أحكاماً شرعية لكنّها
وضعية لا تكليفية.
ثمّ إنّ تعيين كون الأمر مولويّاً أو إرشاديّاً وتشخيص موردهما يختلف من مورد إلى آخر حسب اختلاف المناسبات والقرائن. ومحلّ تفصيل ذلك كلّه
علم الاصول.
ويكون في في
اصول الدين والعقيدة والمعارف الإلهية و الأحكام الشرعية والذي يعبّر عنه غالباً
بالتبليغ أو التعليم ، وتارة يكون في الموضوعات الخارجية والذي يعبّر عنه في لغة
الفقهاء بالإعلام.
فإنّه قد عدّ بعضهم من مكروهات التجارة إرشاد
الحضري للبدوي إلى الادّخار و
البيع على التدريج أو يرشده إلى السعر.
فإنّهم قد عرّفوا
الرشوة للقاضي بأنّها المال المأخوذ من أحد الخصمين أو منهما أو من غيرهما
للحكم على الآخر أو
إهدائه أو إرشاده في الجملة.
كما فعله أمير المؤمنين عليه السلام في حربهم بنفسه وبرسله حتى ذكر ما ذكر لهم جرياً على مذاقهم، ولم يكتف بذلك حتى بدءوه بالحرب، ففعل بهم ما فعل.
إنّ
الكفّار الحربيون لا يبدءون بالقتال مع عدم بلوغ الدعوة إليهم إلّا بعد دعائهم إلى محاسن الإسلام، وامتناعهم عن ذلك وعن إعطاء
الجزية إن كانوا من أهلها.
للروايات التي منها خبر مسمع بن عبد الملك عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن فقال: يا علي لا تقاتلنّ أحداً حتى تدعوه، وأيم اللَّه لأن يهدي اللَّه على يديك رجلًا خير لك ممّا طلعت عليه الشمس وغربت، ولك ولاؤه يا علي».
هذا، مضافاً إلى الأصل وغيره بعد ظهور الأدلّة في الأمر
بجهادهم وقتلهم كي يسلموا، فلا بدّ من إعلامهم أنّ المراد ذلك لا طلب المال والملك ونحوهما مما يستعمله الملوك.
وجوب إرشاد رؤساء الدول الإسلامية إذا عقدوا روابط مع
الأجانب مضرّة
بالمسلمين وموجبة للاستيلاء على بلادهم أو نفوسهم أو أموالهم أو لأسرهم السياسي، ويجب إلزامهم بتركها ولو بالمقاومة المنفية.
الموسوعة الفقهية ج۱۰، ص۹۹-۱۰۱
الموسوعة الفقهية ج۱۰، ص۱۱۱