الوصية بعتق الرقبة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إذا أوصى بعتق
رقبة أجزأ الذكر والأُنثى، والصغير والكبير ولو قال : مؤمنة، لزم ،فإن لم يجد أعتق من لا يعرف بنصب ولو ظنّها مؤمنة فأعتقها ثم بانت بخلافه أجزأت. إذا أوصى بعتق رقبة بثمن معيّن فإن لم يوجد توقّع وإن وجد بأقلّ أعتقها ودفع إليها الفاضل.
(السادسة : إذا أوصى بعتق رقبة) وأطلق ولم يكن ثمة قرينة معينة (أجزأ الذكر والأُنثى، والصغير والكبير) للإطلاق. وفي الخبر، بل الحسن على بعض النسخ، عن
مولانا الصادق عليه السلام أنه قال : «إن فاطمة
أُمّ ابنتي أوصت أن أُعتق عنها رقبة، فأعتقت عنها
امرأة ».
(ولو قال : مؤمنة، لزم) لحرمة تبديل
الوصية . (فإن لم يجد أعتق من لا يعرف بنصب) كما عن الشيخ،
بل ظاهر التنقيح وصريح غيره
عدم الخلاف فيه؛ لرواية
علي بن أبي حمزة المنجبر ضعفه بالشهرة المحكية في الروضة وغيرها
كما حكي، وبدعوى الشيخ
الإجماع على قبول روايته،
وبرواية
ابن أبي عمير عنه في هذه الرواية : عن رجل أوصى بثلاثين ديناراً يعتق بها رجل من أصحابنا، فلم يوجد بذلك، قال : «يشترى من الناس فيعتق».
وهي وإن لم يكن فيها تقييد بعدم النصب إلاّ أنه مستفاد من الخارج؛ لكفر
الناصب ، وعدم جواز عتق الكافر، مع ظهوره من روايته الأُخرى : عن رجل هلك فأوصى بعتق نسمة مسلمة بثلاثين ديناراً، فلم يوجد له بالذي سمّى لهم، قال : «ما أرى لهم أن يزيدوا على الذي سمّى» قلت : فإن لم يجدوا؟ قال : «فيشترون من عرض الناس ما لم يكن ناصباً».
خلافاً لجماعة،
فلم يجوّزوا ذلك، وقالوا بلزوم
الصبر وتوقّع المكنة؛ للأصل، والقاعدة. وهو حسن لولا الرواية المتقدّمة، المنجبرة بالشهرة وعدم الخلاف المحكيين في المسألة.
ثم إن في التنقيح أنه قيل في تفسير الناصب وجوه :
الأول : أنه الخارجي الذي يقول في علي عليه السلام ما قال. الثاني : أنه الذي ينسب إلى أحد المعصومين ما يثلم العدالة. الثالث : من إذا سمع فضيلة لعلي عليه السلام أو لغيره من المعصومين أنكرها. الرابع : من اعتقد فضيلة غير
علي عليه السلام عليه. الخامس : من سمع النص على علي عليه السلام من
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بلغه تواتراً أو بطريق يعتقد صحته فأنكره. ثم قال : والحق صدق النصب على الجميع. أمّا من يعتقد
إمامة غيره عليه السلام للإجماع أو لمصلحة ولم يكن من أحد الأقسام فليس بناصب. والمرتضى ; وابن إدريس أطلقاه على غير
الاثني عشرية .
(ولو ظنّها) أي
الرقبة المؤمنة الموصى بعتقها (مؤمنة فأعتقها ثم بانت بخلافه أجزأت) بلا خلاف أجده. قيل : لأنه متعبّد في ذلك بالظاهر لا بما في نفس
الأمر ، إذ لا يطّلع عليه إلاّ الله سبحانه، فقد امتثل الأمر، وهو يقتضي
الإجزاء .
والأجود الاستدلال عليه بالصحيح : عن رجل أوصى بنسمة مؤمنة عارفة، فلمّا أعتقناه بان لنا أنه لغير رِشْدَة،
فقال : «قد أجزأت عنه، إنما مثل ذلك مثل رجل اشترى أُضحية على أنها سمينة فوجدها مهزولة فقد أجزأت عنه».
(السابعة : إذا أوصى بعتق رقبة بثمن معيّن) وجب شراؤها به (فإن لم يوجد) أو وجدت لكن بأزيد (توقّع) المكنة من الشراء به، ولم يجب
بذل الزيادة، بل لا يجوز؛ لحرمة تبديل الوصية، وبه صرّحت بعض الروايات المتقدمة في المسألة السابقة. (وإن وجد) ها (بأقلّ) من ذلك الثمن (أعتقها ودفع إليها الفاضل) منه مع اليأس عن الرقبة الموصى بها، بلا خلاف؛
استناداً في العتق إلى أنه الأقرب إلى الوصية فيتّبع؛ للمعتبرة الدالّة على أن : «الميسور لا يسقط بالمعسور».
وفي دفع الفاضل إليها إلى أنه صرفٌ له في وجوه
البرّ مع تعذّر العمل فيه بالوصية، وإن هو حينئذٍ إلاّ كمسألة من كان وصياً في أُمور قد نسيها في عدم
إمكان العمل بالوصية. إلاّ أن هذا الوجه لا يوجب الدفع إلى الرقبة، بل غايته الجواز، وهو أعم من الوجوب الذي هو ظاهر العبارة وغيرها من عبائر الجماعة، إلاّ أن يقال : بأن الدفع إليها أقرب إلى الوصية، فتأمّل.
هذا، مضافاً إلى الموثّق في الأمرين : عن رجل أوصى أن يعتق عنه نسمة بخمسمائة درهم من ثلثه، فاشترى الوصي نسمة بأقلّ من خمسمائة درهم، وفضلت فضلة، فما ترى؟ قال : «تدفع الفضلة إلى
النسمة من قبل أن تعتق ثم تعتق عن الميت».
وقصوره سنداً بسماعة، ودلالةً بأعميّته مما ذكره الجماعة من تقييد الحكم بفقد الرقبة الموصى بشرائها بالثمن المعيّن، نظراً إلى ترك
الاستفصال عنه وعن الوجدان المفيد للعموم لهما غير قادح بعد
الانجبار بالشهرة، وكون العام المخصّص في الباقي حجة.
مضافاً إلى موافقته للقاعدة في صورة اليأس، كما مرّ إليه
الإشارة . مع إمكان الذبّ عن الأوّل : بما قيل من وثاقة
سماعة .
وعن الثاني : باقتضاء السؤال بناءً على
أصالة حمل أفعال
المسلم على الصحة وقوع شراء الرقبة في الصورة التي وقع تقييد الحكم بها في كلام الجماعة. ومما ذكرنا يظهر وجه
انسحاب الحكم في صورتي اليأس عن التمكّن من شراء
الموصى بها وعدمه كما أطلقه الجماعة، إلاّ أن الأحوط قصره على الصورة الأولى خاصّة، ويتوقع في غيرها المكنة.
رياض المسائل، ج۱۰، ص۳۸۳- ۳۸۷.