تذكية الحيوان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الأطعمة والأشربة (توضيح).
وهي طريقة مهمة لحلية الحيوان وطهارته.
يشترط في حلّية أكل الحيوان التذكية، ويترتّب على ذلك ما يلي:
يحرم
أكل الميتة وما ينفصل عنها من أجزائها بلا خلاف،
بل عليه
الإجماع .
ويدلّ عليه- مضافاً إلى الضرورة
- قوله تعالى: «إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ».
نعم، يحلّ منها ما لا تحلّه الحياة كالصوف والشعر والوبر والريش والعظم والناب وغير ذلك، وكذا الأنفحة والبيض واللبن.
وتفصيل ذلك في محالّه من هذه الأسماء والعناوين، خصوصاً مصطلح (ميتة).
صرّح كثير من الفقهاء بأنّ كلّ ما ابين من الحيوان الحيّ فهو ميتة، يحرم أكله واستعماله، وكذا ما يقطع من أليات الغنم، فإنّه لا يؤكل.
وقد ادّعى بعضهم الإجماع عليه،
ونفى الريب عنه بعضهم
والخلاف آخرون.
واستدلّ له- مضافاً إلى صدق اسم الميتة عليه مع عدم التذكية
- بالنصوص المستفيضة
:
منها: ما في
كتاب عليّ عليه السلام: «أنّ ما قطع منها أليات الغنم ميّت لا ينتفع به».
ومنها: خبر
أبي بصير عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال في أليات الضأن تقطع وهي أحياء: «إنّها ميتة».
ومنها: ما رواه
الحسن بن علي، قال: سألت
أبا الحسن عليه السلام أنّ أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها، قال عليه السلام: «هي حرام».
ومنها: ما رواه محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما أخذت الحبالة من صيد فقطعت منه يداً أو رجلًا فذروه فإنّه ميّت، وكلوا ما أدركتم حيّاً وذكرتم اسم اللَّه عليه».
الجنين الذي يخرج من بطن الحيوان الحي أو الميّت ميّتاً لا يحلّ أكله بلا خلاف، سواء ولجته الروح أو لم تلجه»؛ لأنّ المستفاد من الأخبار
عدم ذكاته إذا لم تذكّ امّه، وإن خرج حيّاً فيحلّ مع تذكيته بنفسه وإلّا حرم، والوجه واضح.
وأمّا لو خرج من حيوان مذكّى، فإن كان ناقصاً غير تامّ الخلقة فإنّه يحرم أكله بلا خلاف فيه،
بل عليه
الإجماع .
وإن كان كامل الخلقة ولم تلجه الروح فالظاهر عدم الخلاف في حلّيته.
وإن كان كامل الخلقة وولجته الروح ففيه قولان، حيث ذهب جملة من الفقهاء- بل قيل: عليه كافّة المتأخّرين
- إلى أنّه حلال؛
لإطلاق النصوص، بل ظهور بعضها في صورة ولوج الروح، إمّا لأنّ الروح لا تنفك عن تمام الخلقة عادة،
أو من حيث صدق اسم التذكية، خصوصاً موثّق
عمّار ، فإنّ الموت في البطن ظاهر في ولوج
الروح .
بينما ذهب آخرون إلى عدم حلّيته حينئذٍ، وأنّه يشترط في حصول تذكية الجنين بتبع تذكية امّه- مع تمام الخلقة- أن لا تلجه الروح.
هذا بالنسبة إلى الجنين التامّ الذي خرج ميّتاً. وأمّا الجنين التامّ الذي خرج حيّاً فاشترط الفقهاء في الحكم بحلّيته لزوم تذكيته؛ لكونه مستقلّاً.
نعم، فصّل بعضهم
بين ما يتّسع الوقت لتذكيته فقالوا بلزوم تذكيته، بل عليه دعوى الإجماع،
وبين ما لا يتّسع فقالوا بعدم لزوم تذكيته.
واستدلّوا له بعموم ما دلّ على حرمة الميتة، فإنّه يشمل ما لم يذكّ لا ما لم يتّسع الوقت لتذكيته.
قال
الشيخ الطوسي : «إن عاش بقدر ما لا يتّسع الزمان لذبحه فهو حلال».
وفصّل
الشهيد الأوّل بين ما إذا خرج غير مستقرّ الحياة فحكم بالحلّ، وبين ما إذا خرج مستقرّ الحياة فلم يحكم به، حيث قال: «لو ضاق الزمان عنها (التذكية) فإن لم يكن فيه حياة مستقرّة حلّ، وإلّا ففي الحلّ وجهان».
وقد استدلّ
الأردبيلي على حلّ مستقرّ الحياة الذي لم يتّسع الزمان لتذكيته بأنّ النصوص تدلّ على الحلّ، وإن خرج حيّاً من دون حاجة إلى التذكية، خرج ما يسع لتذكيته وبقي الباقي. ويؤيّده الأصل والعمومات وحصر المحرّمات.
واشكل عليه بأنّ الأصل عدم تبعيّته لُامّه في الذكاة، خرج من ذلك ما خرج بالإجماع والنصّ، فيبقى الباقي على المنع،
مضافاً إلى تصريح الموثّق
باعتبار التذكية مع الحياة،
وعدم سعة الزمان لتذكيته لا يجعله حلالًا.
لو اختلط المذكّى بالميتة، فتارة يمكن التمييز فيحرم غير المذكّى بعينه؛ لحرمة أكل الميتة، واخرى لا يمكن ذلك، وحينئذٍ قد تكون الشبهة محصورة فيجب الاجتناب عن الجميع عند المشهور،
وقد تكون غير محصورة فلا
خلاف في الحكم بالإباحة وعدم وجوب الاجتناب.
الشكّ في تذكية الحيوان على تقدير ذبحه قد يكون من جهة الشبهة الحكمية، وقد تكون من جهة الشبهة الموضوعية، وعلى كلا التقديرين فقد يعلم قبوله للتذكية، وقد يشكّ في ذلك.
الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۱۸۶-۱۹۰.