إتباع الجنازة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إتباع
الجنازة وتشييعها من سنن
الدفن، ويكره الركوب، وينبغي المشي خلفها أو مع جانبيها،
وكراهة المشي أمام الجنازة.
إتباع
الجنازة وتشييعها من سنن الدفن، بإجماع العلماء كافة، والنصوص في فضله مستفيضة بل متواترة. ففي خبرين: «من شيّع ميتا حتى صلّى عليه كان له قيراط من الأجر، فإذا مشى معه حتى يدفن كان له قيراطان، والقيراط مثل
جبل احد»
. وفي آخر: «من شيّع جنازة حتى دفن في قبره وكلّ
اللّه تعالى به سبعين ملكاً من المشيّعين يشيّعونه ويستغفرون له إذا خرج من قبره إلى الموقف»
. وفي آخر: «من تبع جنازة مسلم اعطي
يوم القيامة أربع شفاعات ولم يقل شيئا إلّا قال الملك: ولك مثل ذلك»
.
ويكره الركوب إجماعاً من العلماء كما عن
المنتهى؛ للمعتبرة ففي
المرسل كالصحيح: «رأى
رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) قوما خلف جنازة ركباناً فقال: ما أستحيي هؤلاء أن يتبعوا صاحبهم ركباناً وقد أسلموه على هذه الحالة؟!»
.
وينبغي المشي خلفها أو مع جانبيها مطلقاً وفاقاً للمعظم للنصوص منها
الموثق: «المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها»
. وفي الخبر: «من أحب أن يمشي مشي
كرام الكاتبين فليمش جنبي السرير»
. خلافاً للمقنع
والخلاف فالخلف خاصة
. ويجوز إضافيته بالنسبة إلى أمام الجنازة؛ لجعلهما إياه مقابلاً له، وهو على ما ذكرنا أوضح قرينة.
ثمَّ المشهور كراهة الأمام مطلقاً، كما عن صريح
السرائر والوسيلة والبيان والتذكرة، وظاهر المقنع
والمقنعة والاقتصاد والمراسم وجمل العلم والعمل؛ إلّا أنّ في
المقنع: وروي إذا كان الميت
مؤمناً فلا بأس أن يمشي قدّام جنازته فإنّ الرحمة تستقبله، والكافر لا يتقدم جنازته فإنّ اللعنة تستقبله
. وفي الأخير: وقد روي جواز المشي أمامها.
وهو الأظهر؛ لإطلاق النهي عنه في الخبرين. أحدهما: الرضوي: «وإذا حضرت جنازة فامش خلفها ولا تمش أمامها، وإنما يوجر من تبعها لا من تبعته»
. والثاني: خبر
السكوني: «اتبعوا الجنازة ولا تتبعكم، خالفوا
أهل الكتاب»
. وقصور
السند لو كان منجبر بالشهرة، مع أن احتمال الكراهة المطلقة كافية بناءً على المسامحة. خلافاً للمحكي عن صريح
المعتبر والذكرى، وظاهر
المبسوط والنهاية وموضع من المنتهى
، فلا كراهة مطلقاً لظاهر
إطلاق المعتبرة
كالصحيح: عن المشي مع الجنازة، فقال: «بين يديها وعن يمينها وعن شمالها وخلفها»
ونحوه آخر
. وهو ظاهر تفضيل الخلف عليه مع نفي البأس عنه في الموثق المتقدم.
وهي؛ مع احتمال الأوّلين منها للتقية لكون
استحباب الأمام مشهوراً بين
العامة وعدم صراحة الجميع في نفي الكراهة؛ معارضة بالأخبار المفصّلة بين المعادي وأهل الولاية المصرّحة بالنهي عنه في الأول، وهي كثيرة كالخبر: «امش أمام جنازة
المسلم العارف، ولا تمش أمام جنازة الجاحد، فإنّ أمام جنازة المسلم
ملائكة يسرعون به إلى
الجنة، وإنّ أمام جنازة
الكافر ملائكة يسرعون به إلى
النار»
. ولذا قيل بالتفصيل
. وهو ضعيف؛ لضعف أخباره.
وعن
العماني: المنع عن تقدم جنازة المعادي لذوي القربى
. وفي الأخبار المفصّلة دلالة عليه. لكنها مضافاً إلى ضعفها مردودة بالأخبار المطلقة للمنع المعتضدة بالشهرة العظيمة، فلتحمل على تفاوت مراتب الكراهة. وعن
الإسكافي: يمشي صاحب الجنازة بين يديها، والقاضون حقّه وراءها
؛ جمعا بين الأخبار الناهية مطلقا، والمصرّحة بتقدم
مولانا الصادق (علیهالسّلام) على سرير ابنه إسماعيل كما في الخبر
. وهو ضعيف بضعفة، مع احتمال
التقية فيه.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱، ص۴۲۳-۴۲۶.