ثبوت السرقة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يثبت الموجب
بالإقرار مرتين أو بشهادة عدلين، ولو أقر مرة عزر ولم يقطع. ويشترط في المقر بالسرقة:
التكليف،
والحرية،
والاختيار؛ ولو أقر بالضرب لم يقطع؛ نعم لو رد
السرقة بعينها قطع؛ وقيل: لا يقطع لتطرق الاحتمال وهو أشبه؛ ولو أقر مرتين تحتم ولو أنكر.
يثبت الموجب للقطع
بالإقرار به مرّتين، أو بشهادة عدلين بلا خلاف ولا إشكال؛ للعمومات، وخصوص ما يأتي من بعض الروايات.
ولو أقرّ به مرّة واحدة اغرم الذي أقرّ به بلا خلاف، ولكن لم يقطع كما قطع به
الأصحاب على الظاهر، المصرّح به في بعض العبائر
، بل فيه عن
الخلاف التصريح بالإجماع
؛ وهو
الحجّة.
مضافاً إلى المعتبرين ولو بالشهرة، المرويّ أحدهما هنا في
الكافي والتهذيب: «لا يقطع السارق حتى يقرّ بالسرقة، مرّتين، فان رجع ضمن
السرقة، ولم يقطع إذا لم يكن شهود»
.
ونحوه الثاني المرويّ في التهذيب في باب
حدّ الزناء، وهو أوضح من الأول سنداً؛ إذ ليس فيه إلاّ
عليّ بن السندي، وقد قيل بحسنه
، بخلافه؛ لتضمّنه عليّ بن حديد الضعيف،
والإرسال بعده، لكنّه لجميل ابن درّاج المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه.
خلافاً للمحكيّ عن
المقنع، فيقطع
؛ للعموم، وإطلاق ما دلّ على القطع بالسرقة من
النصوص، وخصوص الصحيح: «إن أقرّ الرجل الحرّ على نفسه بالسرقة مرّة واحدة عند
الإمام قطع»
. ونحوه آخر يأتي ذكره، مع ضعف المعارض بما مرّ.
وهو حسن لولا ما مرّ من الجابر، وبه يترجّح على المقابل، فيخصّ به العموم، وكذا
الإطلاق يقيّد به، والصحيحان يصرفان به عن ظاهرهما:
باحتمال أن يكون معنى القطع فيهما: قطعه عن الإقرار ثانياً، كما روي: أنّ سارقاً أقرّ عند مولانا
أمير المؤمنين (علیهالسّلام)، فانتهره، فأقرّ ثانياً، فقال: أقررت مرّتين، فقطعه
؛ وهو حجّة أُخرى على المختار، وبالجابر المتقدّم يجبر ما فيه من الضعف أو الإرسال.
أو يكون متعلّق الظرف بالسرقة، فيكون مطلقاً في عدد الإقرار، بل مجملاً، كما صرّح به
شيخ الطائفة. قيل: ويقر به إمكان توهّم المخاطب أو بعض الحاضرين في المجلس أنّه لا قطع ما لم يتكرّر السرقة
.
ولكن الإنصاف بُعد هذين الحملين، ولعلّه لذا لم يُجب الشيخ عنهما في الكتابين إلاّ بالحمل على
التقيّة، قال: لموافقتها لمذهب بعض
العامّة.
وربما يشير إليه
الموثّق كالصحيح بفضالة، عن
أبان، المجمع على تصحيح ما يصحّ عنهما، عن
مولانا الصادق (علیهالسّلام)، أنّه قال: «كنت عند عيسى بن موسى، فأُتي بسارق وعنده رجل من آل عمر، فأقبل يسألني، فقلت: ما تقول في
السارق إذا أقرّ على نفسه أنّه سرق؟ قال: يقطع، قلت: فما تقولون في الزاني إذا أقرّ على نفسه أربع مرّات؟ قال: نرجمه، قلت: وما يمنعكم (من السارق) إذا أقرّ على نفسه مرّتين أن تقطعوه، فيكون بمنزلة الزاني؟!»
.
وهو أيضاً ظاهرٌ في اعتبار الإقرار مرّتين هنا، من حيث جعل السارق بمنزلة الزاني؛ بناءً على أنّ
الزناء لمّا كان بين اثنين يشترط فيه الأربعة، كما ورد في بعض الأخبار في
البيّنة، فيكون لكلّ منهما إقراران، ففي السرقة أيضاً لا بُدّ من إقرارين.
ولعلّ هذا إلزام عليهم بما يعتقدونه من الاستحسانات.
قيل: مع أنّه موافقٌ للعلّة الواقعيّة
.
هذا، مع ظهور الدلالة فيه عليه من وجه آخر، وهو: أنّ صدره ظاهرٌ في قطعهم السارق بالإقرار ولو مرّة، فقوله (علیهالسّلام) في ذيله: «وما يمنعكم (من السارق) إذا أقرّ» إلى آخره. إن حُمِلَ على ظاهره من عدم قطعهم بالإقرار مرّتين نافي ذيله صدره، فينبغي أن يحمل على أنّ المراد: ما يمنعكم أن تشترطوا في القطع بالإقرار وقوعه مرّتين، بمناسبته لاعتبار تعدّده أربعاً في الزناء.
هذا، ولو سلّم خلوصهما عن جميع ذلك، فهما شاذّان لا عامل بهما حتى
الصدوق لظهورهما في اشتراط وقوع
الإقرار مرّة عند الإمام في الاكتفاء بها، وأنّه ليس مطلقاً، ولم يقل به الصدوق لاكتفائه بها مطلقاً، فتأمّل جدّاً.
نعم، في
المختلف احتمل العمل بهما، والفرق بين الإقرار عند الإمام فمرّة، وعند غيره فمرّتين، بوجهٍ لا يصلح له سنداً. هذا، مع أنّ الاحتمال ليس بقول.
وكذا قول المقنع بما مرّ ليس بمتحقّق وإن حكي عنه في المختلف وغيره، فقد قال بعض الأفاضل بعد نقل حكايته عنه: لم أره فيما عندي من نسخه
.
وعلى هذا يتقوّى
الإجماع الظاهر والمدّعى، ويتعيّن القول الذي اخترناه قطعاً، مضافاً إلى تأيّده زيادة على ما مضى
بالاستقراء؛ لاتّفاق
الفتاوى على اعتبار المرّتين في جميع الحدود ما عدا الزناء، مع بناء
الحدود على التخفيف، ودرئها بالشبهة الحاصلة في المسألة من الاختلاف المتقدّم إليه الإشارة، ولا أقلّ منها.
•
شروط المقر بالسرقة، ويشترط في المقر بالسرقة:
التكليف،
والحرية،
والاختيار؛ ولو أقر بالضرب لم يقطع
؛ نعم لو رد
السرقة بعينها قطع
وجماعة ممّن تبعه
؛ وقيل: لا يقطع
، لتطرق الاحتمال وهو أشبه؛ ولو أقر مرتين تحتم ولو أنكر
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۱۲۰-۱۳۰.