جواز النافلة على الراحلة وماشيا
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ورخّص في النافلة سفرا) أن تصلّي على الراحلة (حيثما توجهت الراحلة) ولو إلى غير
القبلة ، إجماعا ظاهرا، ومصرّحا به في المعتبر والمنتهى والذكرى
وغيرها،
وللصحاح المستفيضة وغيرها.ويستفاد من جملة منها صحيحة عدم
الاختصاص بالسفر وجوازها في الحضر، بل وماشيا أيضا مطلقا، ففي الصحيح في الرجل يصلي
النافلة وهو على دابته في الأمصار، قال : «لا بأس».
ونحوه آخر.
وفيه : عن صلاة النافلة في الحضر على ظهر الدابة إذا خرجت قريبا من أبيات
الكوفة أو كنت مستعجلا بالكوفة، فقال : «إن كنت مستعجلا لا تقدر على النزول وتخوّفت فوت ذلك إن تركته وأنت راكب فنعم، وإلّا فإنّ صلاتك على الأرض أحبّ إليّ».
وفيه : «ولا بأس بأن يصلّي الرجل صلاة الليل بالسفر وهو يمشي، ولا بأس إن فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار وهو يمشي، يتوجه إلى القبلة ويقرأ، فإذا أراد أن يركع حوّل وجهه إلى القبلة وركع وسجد ثمَّ مشى».
إلى غير ذلك من النصوص.وهو خيرة الشيخ في الخلاف،
لكن في خصوص الجواز على الراحلة في الحضر مدعيا هو عليه، وكذا الفاضل في ظاهر المنتهى في الماشي مطلقا،
إجماع الأصحاب، وتبعهما عامة متأخّري الأصحاب.
والنصوص المتقدمة وإن لم يستفد منها جواز الصلاة ماشيا في
الحضر ، لكنه مستفاد من إطلاق
الإجماع المنقول، مضافا إلى
إطلاق الخبرين، في أحدهما : «إن صلّيت وأنت تمشي كبّرت ثمَّ مشيت ثمَّ قرأت، فإذا أردت أن تركع أومأت بالركوع ثمَّ أومأت بالسجود، وليس في السفر تطوع».
وفي الثاني : أنه لم يكن يرى بأسا أن يصلّي الماشي وهو يمشي ولكن لا يسوق
الإبل .
كذا قيل.وفيه نظر، بل العمدة في
التعميم للماشي في الحضر هو الإجماع المنقول، بل المحقق، لعدم قائل بالمنع عن صلاته فيه مع تجويز صلاة الراكب فيه، فكل من صحّحها صحّح صلاة الماشي حضرا، وكل من
أبطلها أبطلها، وهو العماني،
والحلي في ظاهر كلامه، حيث خصّ صلاة النافلة على الراحلة بالسفر خاصة.
ولعل مستندهما إمّا
الاقتصار فيما خالف الأصل ـ الدال على لزوم الصلاة إلى القبلة مطلقا ولو نافلة من العموم وتوقيفية العبادة ـ على المجمع عليه، وهو في السفر خاصة.أو ظهور بعض الصحاح المتقدمة المرخّصة لها فيه في التقييد به، مؤيّدا بجملة من النصوص الواردة في تفسير قوله سبحانه (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)
أنه ورد في النوافل في السفر خاصة.
وفي الجميع نظر، لضعف النصوص المفسّرة سندا، بل ودلالة، إذ غايتها بيان ورود
الآية فيه خاصّة، وهو لا يستلزم عدم المشروعية في غيره.
والصحيح غير صريح، بل ولا ظاهر في التقييد إلّا بالمفهوم الضعيف بورود القيد فيه مورد الغالب.والاقتصار على المتيقّن غير لازم حيث يوجد ما يقوم مقامه، وهو النصوص الصحيحة المتقدّمة الظاهرة في الجواز حضرا على الراحلة، ولا قائل بالفرق كما عرفته.وبها يذبّ عن النصوص المفسّرة والصحيحة المقيّدة على تقدير تسليم صحة السند ووضوح الدلالة، فإنّ هذه النصوص أقوى دلالة منها بلا شبهة، سيّما بعد
الاعتضاد بالشهرة العظيمة والإجماعات المنقولة.
وهل يتعيّن هنا
الاستقبال بتكبيرة الإحرام كما في الصحيح،
وعن الحلي حاكيا له عن جماعة
؟ أم لا، بل يستحب كما عليه آخرون،
لإطلاق النصوص، وصريح الصحيح الآخر
؟قولان، ولعل الثاني أظهر وإن كان الأوّل أحوط.ويكفي في الركوع والسجود هنا
الإيماء . وليكن السجود أخفض من الركوع، كما في النصوص.
ولا يجب في الإيماء للسجود وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، للصحيح : «يضع بوجهه في الفريضة على ما أمكنه من شيء ويومئ في النافلة إيماء».
ولو ركع وسجد مع
الإمكان كان أولى، للصحيح. وأولى منه أن يصلّي على الأرض مستقرّا، للصحيح الآخر الماضي كسابقه.
رياض المسائل، ج۲، ص۲۹۲-۲۹۵.