دية كسر عظم من عضو
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إنّ في كسر عظم من عضو خمس ديته؛ فإن جبر على غير عيب: فأربعة أخماس
دية كسره؛ وفي موضحته ربع دية كسره؛ وفي رضّه ثلث
دية العضو؛ فإن برأ على غير عيب فأربعة أخماس دية رضّه؛ وفي فكه بحيث يتعطل ثلثا ديته، فإن جبر على غير عيب فأربعة أخماس ديه فكة.
قال الشيخان في
المقنعة والنهاية: إنّ في كسر عظم من عضو لقطعه مقدّر خمس دية ذلك العضو، فإن جبر على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره وبه قال
الحلّي وابن زهرة
مدّعياً عليه إجماع
الإمامية، وحكي عن
المراسم والإصباح والجامع والتحرير والقواعد والتلخيص
والإرشاد والتبصرة.
وعن الخلاف
أنّه قال: إذا كسرت يده فجبرت فإن انجبرت على الاستقامة كان عليه خمس دية اليد، وإن انجبرت على عثم كان عليه ثلاثة أرباع دية كسره، واستدلّ عليه بالإجماع والأخبار.
وعن
الوسيلة أنّ في كسر كل من العضد والمنكب والمرفق وقصبة الساعد وأحد الزندين أو الكفّين خمس دية اليد، وفي كسر الأنملة الأولى من الإبهام ثلث دية كسر الكفّ، وفي الثانية نصف دية كسر الكفّ، وفي كسر المفصل الثاني من الأصابع سوى الإبهام أحد عشر ديناراً وثلثاً، وفي كسر الأوّل نصفه، وفي صدع العضو أربعة أخماس دية الكسر.
وقالا في موضحته ربع دية كسره وبه قال أيضاً جميع من مرّ مدّعيا
ابن زهرة فيه أيضاً الإجماع
، ولم ينقل الخلاف هنا عمّن سبق نقل الخلاف عنه ولا غيره، بل عن
الخلاف الموافقة هنا مدّعياً عليه
الوفاق أيضاً
.
وقالا في رضّه ثلث دية ذلك العضو إن لم يبرأ أو عثم فإن بريء على غير عيب فأربعة أخماس دية رضّه وبه قال أيضاً جميع من سبق، مع دعوى ابن زهرة عليه أيضاً
الإجماع، وعن
ابن حمزة أنّه قال: فإن رضّ أحد خمسة أعضاء: المنكب، والعضد، والمرفق، والرسغ، والكفّ، وانجبر على عثم ففيه ثلث دية اليد، وقيل: مائة وثلاثون ديناراً وثلث
.
وقالا في فكّه من العضو بحيث يتعطل ثلثا ديته أي دية ذلك العضو فإن جبر على غير عيب فأربعة أخماس دية فكّه وبه قال من مرّ أيضاً عدا ابن زهرة، فلم يذكر هذه المسألة، ولم ينقل الخلاف هنا عن أحد.
وظاهر المتأخّرين الموافقة لهم في جميع الأحكام المتقدمة، وبه صرّح
الماتن في
النكت فيما حكي عنه، لكن في مسألتي الكسر والرضّ، فقال مشيراً إليهما: ذكرهما الشيخان وتبعهما المتأخّرون ولم يشيروا إلى المستند
.
وبشهرتها على الإطلاق صرّح
شيخنا في
الروضة، فقال بعد الحكم بجميع ما مرّ: هذا هو المشهور، والأكثر لم يتوقّفوا في حكمه إلاّ المحقق في النافع فنسبه إلى الشيخين، والمستند كتاب ظريف مع اختلاف يسير، فلعلّه نسبه إليهما لذلك
.
وقريباً منه ذكر في
المسالك، لكن جعل المستند كتاب ظريف من دون ذكر ما فيه من الاختلاف، وجعل وجه النسبة إلى الشيخين ضعف المستند دونه، ولذا اعترضه
المقدّس الأردبيلي فقال:
وقد عرفت عدم الضعف؛ فإنّ ما في كتابه منقول من غيره بطريق حسن، بل صحيح، ولكن ما رأيته، وكأنّه يفهم من رواية كتاب ظريف من مثل: «في العضد إذا كسر وجبر على غير عثم ولا عيب خمس
دية اليد، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون ديناراً».
ومن مثل: «وفي الركبة إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا
دينار، فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس دية كسرها مائة وستّون ديناراً، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون ديناراً» ولعلّ المراد كسر الركبتين معاً. ومن قوله: «ودية المنكب إذا كسر خمس دية اليد مائة دينار، فإن كان في المنكب صدع فديته أربعة أخماس دية كسره ثمانون ديناراً، فإن أوضح فديته ربع دية كسره خمسة وعشرون ديناراً»
.
وقال: في كتاب ظريف: «فإن رضّ أي المنكب فعثم فديته ثلث
دية النفس ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، فإن فكّ فديته ثلاثون ديناراً»
.
وأمثالها كثيرة، ولا يفهم ما ذكروه، بل يفهم غيره من ثلث دية النفس في رضّ العضو إذا عثم، ودية فكّه ثلاثون ديناراً، فقول
شارح الشرائع: ومستند هذا التفصيل كتاب ظريف؛ غير واضح
، انتهى.
وهو حسن، ولكن ما في الروضة لا يرد عليه شيء ممّا ذكره، وإنّما نقلنا كلامه بطوله لتكفّله مع ذلك لبيان مآخذ الأحكام من كتاب ظريف وما يتعلق به من النقض والإبرام، لكن مرجعه إلى الإشكال في ثبوتها كما ذكروه؛ لعدم دليل يدل عليها كما سطروه؛ لما في كتاب ظريف من الاختلاف المعلوم.
وهو حسن، إلاّ أنّ نقل
الإجماع في
الغنية المعتضد بالشهرة العظيمة الظاهرة والمحكية، وإجماع الخلاف في الموضحة، مع عدم دليل واضح على صحة ما عليه الخلاف في مسألة الكسر، وابن حمزة فيها وفي مسألة الرضّ، عدا الإجماع في الخلاف الموهون بمصير من عداه إلى الخلاف، مع معارضته بالمثل لعلّه كافٍ في إثباتها عدا الحكم الأخير، فيشكل من حيث عدم نقل الإجماع فيه، لكن الشهرة العظيمة مع عدم خلاف فيها أجده ولا نقله أحد من الطائفة لعلّها كافية في إثباته أيضاً، سيّما مع إمكان دعوى عدم القائل بالفرق بينه وبين ما سبقه من الأحكام، فكلّ من قال بها قال به أيضاً، فتأمّل جدّاً.
مع إمكان الاستدلال عليه بما ذكره
المولى الأردبيلي فقال: ويمكن أن يستدل على ما ذكره في المتن للفك بأنّه شلل، وبقوله في كتاب ظريف في ذكر الورك: «ودية فكّها ثلثا ديتها»
ونحوها، فافهم، وما يفهم منه في المجبور والمصلح على غير عيب أربعة أخماس الفك والكسر كثير في كتاب ظريف، وقد مرّ البعض
، انتهى المقصود من كلامه.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۴۸۹-۴۹۳.