شرائط ثوبي الإحرام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
والمعتبر منهما ما يصح
الصلاة فيه للرجل
(والمعتبر) منهما (ما يصح
الصلاة فيه للرجل) كما هنا وفي
الشرائع والتحرير والمنتهى والقواعد واللمعتين والمسالك،
وعن
المبسوط والنهاية والمصباح ومختصره والاقتصاد والكافي والغنية و
المراسم ،
وفي
الكفاية : إنه المعروف بين الأصحاب،
معرباً عن عدم خلاف فيه، كما صرّح به في المفاتيح،
وهو ظاهر
المنتهى وغيره
ممن ديدنهم نقل الخلاف حيث كان، ولم ينقلوه هنا.
فإن تمّ إجماعاً، وإلاّ فمستنده من النصّ غير واضح، عدا الصحيح «كلّ ثوب تصلّي فيه فلا بأس أن تحرم فيه».
وهو بعد
تسليمه لا يدل على الحرمة صريحاً؛ لأعمية البأس المفهوم منها ومن الكراهة، لو سلّم فلم يفهم منه العموم، وخصوصاً إن الجلود لا تدخل في الثوب عرفاً فلا يجوز
الإحرام فيها مطلقاً.
نعم، لا شبهة في حرمة لبس المغصوب والميتة مطلقاً، و
الحرير للرجل. ويحتمل حرمة النجس؛ لفحوى الصحيح : عن المحرم يصيب ثوبه الجنابة، قال : «لا يلبسه حتى يغسله، وإحرامه تامّ».
وأما سائر ما يشترط في ثوب الصلاة من عدم كونه مما لا يؤكل لحمه ولا شافاً فلا أعرف عليه دليلاً سوى
الاتفاق المستشعر مما مرّ، مع أن المحكي عن كثير من الأصحاب أنهم لم يتعرضوا لذلك كالشيخ في الجمل وابني إدريس وسعيد، ولم يذكر المرتضى في الجمل سوى الحرير، فقال : ولا يحرم في
إبريسم .
وابن حمزة سوى النجس.
وقال المفيد : ولا يحرم في
ديباج ولا حرير ولا خزّ مغشوش بوبر الأرانب والثعالب.
فالتعدي مشكل، سيّما بعد
الأصل وإن كان أحوط. واعلم أنه يحرم على المحرم
لبس المخيط كما سيأتي، وعليه
الإجماع في المنتهى هنا.
(و) عليه فلا (يجوز) له (أن يلبس القباء) إلاّ (مع عدمهما) أي
ثوبي الإحرام (مقلوباً) بلا خلاف فيه في الجملة، وعلى الظاهر، المصرح به في عبائر جماعة،
بل قيل : بالإجماع،
والمعتبرة المستفيضة :
منها الصحيح : «إذا اضطر المحرم إلى القباء ولم يجد ثوباً غيره فيلبسه مقلوباً ولا يدخل يديه في يدي القباء».
والصحيح : «وإن لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه أو قباءه بعد أن ينكسه».
والصحيح المروي في آخر
السرائر عن
جامع البزنطي : «من اضطرّ إلى ثوب وهو محرم وليس له إلاّ قباء فلينكّسه ويجعل أعلاه أسفله وليلبسه»
ونحوه الحسن.
ويستفاد من هذه الأخبار عدا الأول أن المراد من القلب هو النكس، وبه صرّح جمع، ومنهم الحلّي مبالغاً فيه.
خلافاً
لظاهر إطلاق المتن، والمحكي عن النهاية والمبسوط والمهذّب و
الوسيلة وغيرها،
فالتخيير بينه وبين قلب ظهره لباطنه، وبه صرّح من المتأخرين كثير، ومنهم الفاضل في المنتهى والمختلف؛
جمعاً بينها وبين ظاهر الأول وغيره، وصريح الخبر، بل الصحيح كما قيل
ـ : «ويلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء ويقلب ظهره لباطنه».
وليس بذلك البعيد وإن كان الأول أولى وأحوط؛ لكثرة ما دلّ عليه وصحته وصراحته، مضافاً إلى نقل الإجماع في
المسالك على
إجزائه .
والجمع بينهما أكمل، كما صرّح به جمع.
وظاهر أكثر النصوص
اشتراط فقد الثوبين معاً، كما هو صريح المتن وكثير، حتى جعل مشهوراً بين القدماء، بل الفتاوي كلّها، عدا الشهيدين، فاكتفيا بفقد الرداء خاصّة؛ للصحيح الثاني والأخير، وزاد ثانيهما فقال : أو أحدهما.
ولم نجد له مستنداً، وما عليه الأكثر أحوط وأولى. وفي اشتراط
الاضطرار كما في أكثر النصوص، أو العدم كما في الباقي، وجهان. أحوطهما الأول؛
اقتصاراً في الرخصة على المتيقن، مضافاً إلى التأيد بالشرط وإن لم يصلح سنداً، لاحتمال وروده كالإطلاق مورد الغالب، وهو الاضطرار، فلا ينصرفان إلى غيره.
ثم ظاهر النصوص والفتاوي أنه ليس بذلك فداء، إلاّ إذا أدخل اليدين في الكمّين فكما إذا لبس مخيطاً. وبه صرّح جماعة من أصحابنا، كالفاضل في
التحرير والتذكرة والمنتهى،
و
الفاضل المقداد في التنقيح،
وغيرهما،
ونفي الخلاف عنه إذا توشّح به في الخلاف.
(وفي جواز لبس الحرير) المحض (للمرأة روايتان، أشهرهما المنع) وهو مستفيض :
منها الصحيح : «
المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والقُفّازَين».
_
القفاز بالضم والتشديد شيء يعمل لليدين ويمشي بقطن وتكون له أزرار تلبسه المرأة من نساء العرب تتوقى به من البرد ._
والصحيح المروي عن جامع البزنطي : عن المتمتع كم يجزيه؟ قال : «شاة» وعن المرأة تلبس الحرير؟ قال : «لا».
وعليه الشيخ والصدوق،
ويوافقه إطلاق عبارتي المفيد والمرتضى المتقدّمتين.
خلافاً للمفيد في كتاب
أحكام النساء والحلّي وأكثر المتأخرين،
فالجواز مع الكراهة؛ أخذاً بالأصل، والرواية الثانية، وهي الصحيح : المرأة تلبس القميص تزرّه عليها وتلبس الحرير و
الخزّ والديباج؟ فقال : «نعم لا بأس به».
والخبر : عن المحرمة أيّ شيء تلبس من الثياب؟ قال : «تلبس الثياب كلّها إلاّ المصبوغة
بالزعفران والورَس، ولا تلبس القُفّازَين».
_
الوَرس : صبغ يتخذ منه الحمرة للوجه، وهو نبات كالسمسم ليس إلاّ باليمن._
والأول مخصِّص بما مرّ من الأدلة. والصحيحة غير صريحة في المحرمة. والخبر ضعيف السند والدلالة؛ لقبوله التخصيص بما عدا الحرير، كما وقع التصريح به في آخر، وفيه : ما يحلّ للمرأة أن تلبس وهي محرمة؟ فقال : «الثياب كلّها ما خلا القفّازَين و
البرقع والحرير» الحديث.
وهو أولى من الجمع بالكراهة حيثما حصل بينهما معارضة، كما مرّ غير مرة.
وأما
الاستدلال على الجواز بالصحيحة المتقدّمة
: «كلّ ثوب تصلّي فيه فلا بأس أن تحرم فيه» والأخبار المعتبرة
المتضمنة للفظ «لا يصلح» أو «لا ينبغي» أو الكراهة الظاهرة فيها بالمعنى المصطلح عليه الآن، ففيه ما فيه : لأن الخطاب في الصحيح إلى الرجل حتماً أو احتمالاً متساوياً، وهو غير ما نحن فيه. هذا على القول بجواز صلاة المرأة في الحرير، وإلاّ فالاستدلال ساقط من أصله.
والألفاظ المزبورة كثيرة الورود في الأخبار للحرمة، ولذا كانت فيها أعم منها ومن الكراهة. لكن
الإنصاف أن الصحيحة الأُولى ظاهرة الورود في المحرمة، لا يقصر ظهورها عن ظهور النهي في الحرمة. فالمسألة محل إشكال وشبهة، ولكن المنع أحوط بلا شبهة.
(ويجوز أن يلبس أكثر من ثوبين) إن شاء يتّقي بها الحر و
البرد ، كما في الصحيح،
وفي آخر : «لا بأس إذا كانت طاهرة».
(وأن يبدّل ثياب إحرامه) كما في الصحيحين
وغيرهما.
(و) لكن (لا يطوف إلاّ فيهما) كما في أحدهما، وظاهر
الأمر فيه الوجوب، قيل : وقد يوهمه عبارات الشيخ وجماعة،
إلاّ أن ظاهر المتأخرين الاتفاق على كون ذلك (
استحباباً ) قيل : للأصل، وعدم نصوصية الخبر في الوجوب.
وفيه لولا الاتفاق نظر. ولا خلاف أجده في شيء من هذه الأحكام، وبه صرّح في الأول بعض الأصحاب.
رياض المسائل، ج۶، ص۲۲۶- ۲۳۲.