صفة الإجارة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الحكم الشرعي
للإجارة ومشروعيته يأتي فيما يلي.
لا إشكال في مشروعية الإجارة بمعنى جوازها تكليفاً ووضعاً فتصح إجارة الأعيان لنقل
منافعها إلى المستأجر، وكذا إجارة الأعمال؛ لدلالة الأدلّة اللفظية القطعية من الكتاب الكريم المتمثل في عمومات صحة العقود
والتجارة عن تراض الشامل لعقد الإجارة،
والسنّة القطعية
بالتواتر المتعرّضة لصحة هذا العقد إجمالًا ولتفاصيلها وأنواعها وشروط كلّ قسم منها.
وكذلك دلالة الأدلّة غير اللفظية (اللبّية) على صحتها من
السيرة العقلائية الممضاة شرعاً،
والسيرة المتشرعية القطعية،
والإجماع ، والتسالم، بل الضرورة الفقهية.
ويدلّ على صحة إجارة الأعمال بالخصوص ما يستفاد من الكتاب من مشروعية الاستخدام بالاجرة كقوله تعالى:
«يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ»،
ومن جواز أخذ الاجرة مقابل الأعمال كقوله تعالى: «لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً»،
وأيضاً قوله تعالى: «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ».
وكذا الأخبار الواردة في موارد متفرّقة الدالّة على جواز الإجارة على العمل
كالروايات الواردة في التسريع في دفع
اجرة الأجير قبل جفاف عرقه،
والروايات الواردة في
الإعلام بأُجرة الأجير كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من استأجر أجيراً فليعلمه أجره»،
والروايات الواردة في
كراهة إجارة الإنسان نفسه،
وروي فعل ذلك عن
أمير المؤمنين علي عليه السلام حيث آجر نفسه للاستقاء كلّ دلو بتمرة.
وهناك وجوه اعتبارية أو عقلية مؤيّدة لصحة إيجار الأعيان والأعمال مذكورة في بعض الكتب نصرف النظر عن ذكرها.
لا خلاف
في أنّ الإجارة من
العقود اللازمة من الطرفين، وليس لأحدهما الانفراد
بالفسخ ، بل عليه دعوى الإجماع من غير واحد من الفقهاء،
فلا تنفسخ إلّا بالتقايل أو بأحد الأسباب المقتضية للفسخ كما سيأتي.
ويدلّ عليه- مضافاً إلى الإجماع بل الضرورة الفقهية وعمومات لزوم العقود والشروط المستفادة من
الكتاب والسنّة
واستصحاب بقاء العقد وآثاره- أدلّة خاصة بالإجارة:
منها: السيرة العقلائية الممضاة شرعاً والسيرة العملية القطعية لدى المتشرعة؛ فإنّه لا إشكال في بنائهم على لزوم عقد الإجارة، وعدم جواز فسخها ونقضها من أحد الطرفين ما لم يكن له الخيار، والحق في الفسخ كما في سائر العقود اللازمة.
ومنها: الروايات الخاصة في أبواب الإجارة وهي كثيرة:
كرواية
علي ابن يقطين قال: سألت
أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يتكارى من الرجل البيت أو السفينة سنة أو أكثر من ذلك أو أقلّ؟ قال عليه السلام: «الكراء لازم له إلى الوقت الذي تكارى إليه».
ومكاتبة
محمد بن عيسى في باب الإيجار للأعمال، قال: في رجل دفع ابنه إلى رجل وسلّمه منه سنة بأُجرة معلومة ليخيط له، ثمّ جاء رجل فقال: سلّم ابنك منّي سنة بزيادة، هل له
الخيار في ذلك؟ وهل يجوز له أن يفسخ ما وافق عليه الأوّل أم لا؟
فكتب عليه السلام: «يجب عليه
الوفاء للأوّل ما لم يعرض لابنه
مرض أو ضعف».
وكثير غيرها في الأبواب المتفرقة.
الموسوعة الفقهية، ج۴، ص۲۶-۲۷.