ضمان دية حمل المتاع على الرأس
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولو حمل
إنسان على رأسه متاعاً فكسره، أو أصاب به إنساناً، ضمن ذلك في ماله.
ولو حمل
إنسان على رأسه متاعاً فكسره، أو أصاب به إنساناً أو غيره فقتله أو جرحه ضمن ذلك في ماله كما هنا وفي
الشرائع والتحرير والقواعد والإرشاد واللمعة، لكن في الجناية على الإنسان خاصة، وعن
النهاية والمهذّب وفي
السرائر، لكن في ضمان المتاع خاصّة، ومع ذلك قالوا: إلاّ أن يدفعه غيره، فضمانه عليه.
والأصل في المسألة رواية
داود بن سرحان الثقة، المروية بعدّة طرق، وفيها
الصحيح وغيره: في رجل حمل متاعاً على رأسه فأصاب إنساناً فمات أو انكسر منه، فقال: «هو ضامن»
.
وردّها في
المسالك بأنّ في طريقها
سهل بن زياد، وهو ضعيف، وهي بإطلاقها مخالفة للقواعد؛ لأنّه إنّما يضمن المصدوم في ماله مع قصده إلى فعله وخطائه في القصد، فلو لم يقصد الفعل كان خطأً محضاً، كما تقرّر، وأمّا المتاع المحمول فيعتبر في ضمانه لو كان لغيره التفريط إذا كان أميناً عليه كغيره من الأموال
، انتهى.
وفيه نظر؛ لعدم الضعف إلاّ بالطريق المروي في
الكافي والتهذيب في باب ضمان النفوس، وأمّا الطريق الآخر المروي في الأخير
والفقيه في كتاب
الإجارات منهما فليس بضعيف، بل صحيح، ومع ذلك الضعف بسهل سهل، سيّما بعد الانجبار بعمل الأصحاب، كما يظهر منه في
الروضة، حيث إنّه بعد ما استشكل في إطلاق الحكم بمخالفة القاعدة بنحو ما في المسالك قد ذكره قال: إلاّ أنّهم أطلقوا الحكم هنا
.
ومن هنا ينقدح الجواب عنها بمخالفتها القاعدة؛ إذ هي لا توجب قدحاً في
الرواية المعمولة، بل سبيلها كسبيل الروايات المخصّص بها القاعدة.
نعم لو لا صحة
السند وعمل الأصحاب لاتّجه ما ذكره، ولكنّهما يصححان ما في العبارة، بل لعلّ الصحة مع
فتوى جماعة أيضاً كافية.
ولقد أيّد المختار بعض الأجلة مع زعمه ضعف الرواية، ومخالفتها القاعدة، فقال بعد تضعيفها بهما: إلاّ أنّه قد يقال: إنّه من الأسباب، وإنّه غير معلوم دخوله في الخطأ؛ لما مرّ من تفسيره في الروايات وسيأتي أيضاً، وتضمين شخص بجناية غيره خلاف القواعد العقلية والنقلية، فلا يصار إليه إلاّ في المجمع عليه والمتيقن
.
أقول: وفيما ذكره أخيراً نظر واضح لا يحتاج وجهه إلى بيان، وإن استسلفه واعتمد عليه في غير مقام، هذا.
ويؤيّد المختار في ضمان المتاع على الإطلاق الخبر: أنّه اتي بحمّال كانت عليه قارورة عظيمة فيها دهن فكسرها فضمّنها إيّاه، وكان (علیهالسّلام) يقول: «كل عامل مشترك إذا أفسد فهو ضامن» فسألته من المشترك: فقال: «الذي يعمل لي ولك ولذا»
ونحوه آخر
، منجبر ضعف سندهما بالعمل.
وأمّا الصحيح: في الحمّال (في الكافي
والوسائل: الجمّال) يكسر الذي حمل أو يهريقه، قال: «إن كان مأموناً فليس عليه شيء، وإن كان غير مأمون فهو ضامن»
.
فشاذّ غير معلوم العامل، والتفصيل بالتفريط وعدمه غير مذكور فيه، وحمل التفصيل فيه عليه ليس بأولى من حمله على ما إذا ادّعى كسر الحمل من دون علم صاحبه به، ويكون المراد حينئذٍ أنّه يستحب أن لا يكلّفه البينة إذا كان مأموناً، وإلاّ فهو ضامن، ويكون حينئذٍ سبيله كسبيل كثير من الأخبار الدالّة على هذا التفصيل، هذا.
وعن المرتضى
دعوى
الإجماع على ضمان الأجير ما يتلف في يده ولو بغير سببه، وتمام الكلام في هذه المسألة يطلب من كتاب الإجارة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۳۸۲-۳۸۵.