طلاق الغائب
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لو طلق غائبا ثم حضر ودخل بها ثم ادعى
الطلاق لم تقبل دعواه ولا بينته، ولو أولدها لحق به. إذا طلق الغائب وأراد
العقد على أختها، أو على خامسة تربص تسعة أشهر احتياطا.
لو طلّق حال كونه غائباً بائناً أو رجعيّاً ثم حضر ودخل بها بعد البينونة ثم ادّعى
الطلاق لم تقبل دعواه فيما يتعلّق بحق الزوجة خاصّة، دون حقّه؛ لأنّ: «
إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»
.
ولا بيّنته التي أقامها بنفسه، دون غيره، فتقبل في الثاني لو ورّخت بما ينافي فعله، ويحكم عليه بالفرقة في مفروض المسألة، وهو الدخول بعد البينونة، وإلاّ فيعدّ فعله
رجعة.
ويتفرّع على عدم قبول قوله وبيّنته أنّه لو أولدها لحق به.
والأصل في المسألة
رواية في سندها جهالة، إلاّ أنّها مجبورة بعمل الجماعة من غير خلاف بينهم أجده، مع ما في المجهول وهو إسماعيل ابن مرّار من قوة: عن رجل طلّق امرأته وهو غائب، وأشهد على طلاقها، ثم قدم فقام مع المرأة أشهراً ولم يُعلِمها بطلاقها، ثم إنّ المرأة ادّعت
الحبل، فقال الرجل: قد طلّقتك وأشهدت على طلاقك، قال: «يلزمه الولد، ولا يقبل قوله»
.
وليس فيها عدم قبول البيّنة، لكنّه مأخوذ من
الإطلاق، والقاعدة، وهي: أنّها بفعله مكذوبة.
وهو حسن إن لم يُظهر لفعله تأويلاً كنسيان أو جهالة، وإلاّ فلا وجه له بالمرّة، مع عموم ما دلّ على لزوم قبول البيّنة.
إذا طلّق الغائب زوجته وأراد
العقد على أُختها، أو على خامسة واحتمل حمل المطلّقة تربّص تسعة أشهر من حين الطلاق، على المفهوم من العبارة هنا وكلام جماعة
، وبه صرّح بعض الأجلة
.
إلاّ أنّ التعليل هنا وفي كلام جماعة
بكونه احتياطاً عن احتمال
الحمل ربما أشعر بكون مبدأ التسعة من حين المواقعة، وقد صرّح بإفادة التعليل ذلك بعض الأجلة
.
إلاّ أنّ
الأحوط الأوّل؛ عملاً بظاهر الصحيحة التي هي المستند لإثبات الحكم في المسألة: في رجل له أربع نسوة، طلّق واحدة منهنّ وهو غائب عنهنّ، متى يجوز له أن يتزوّج؟ قال: «بعد تسعة أشهر، وفيها أجلان: فساد
الحيض، وفساد الحمل»
إلاّ أنّ التعليل ربما أشعر بالثاني.
ويكون الحكم في
المسترابة بالحمل خاصة، ولذا قيّد به العبارة، تبعاً للجماعة، والتفاتاً فيما عداها إلى عموم المستفيضة القائلة: إنّ عدّتها ثلاثة أقراء أو أشهر ثلاثة.
مضافاً إلى خصوص الصحيحة: «إذا طلّق الرجل امرأته وهو غائب فليشهد عند ذلك، فإذا مضى ثلاثة أقراء فقد انقضى عدّتها»
.
وهي وإن كانت مطلقة، إلاّ أنّها كما عداها من المستفيضة محمولة على غير المسترابة بالحَبَل؛ جمعاً بينها وبين الصحيحة المتقدّمة، إمّا لظهورها فيها، كما يستشعر به من التعليل في ذيلها، أو لحمل إطلاقها عليها؛ جمعاً بين الإطلاقين، التفاتاً إلى
النصوص المفصّلة في البين، كالموثق
وغيره
.
ومن هنا ينقدح الوجه في تعميم الماتن الحكم لما عدا مورد الرواية، وهو
التزويج بالأُخت، وأنّه كالتزويج بالخامسة؛ لظهور أنّ العلّة في الأمر بالصبر إلى انقضاء التسعة إنّما هو الاسترابة بالحبل، كما أفصح عنها التعليل في الرواية، وظهرت من النصوص المفصّلة، فلا يضرّ اختصاص المورد بالتزويج بالخامسة، فعدم الفرق أقوى، وفاقاً لأكثر أصحابنا.
خلافاً
للحلي، فخصّ الحكم بالمورد؛ لوجوه بما ذكرناه مدفوعة.
ثم هنا قول باعتبار السنة دون التسعة
لقواعد العلاّمة، إمّا لكونها أقصى مدّة الحمل، أو للأمر بها في أخبار المسترابة.
وفيهما نظر، مع كونهما
اجتهاداً في مقابلة صريح
النص المعتبر، الذي عليه عمل أكثر الأصحاب قد استقر.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۲۶۰-۲۶۲.