قصاص النفس في العبد المدبر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
والمدبر كالقن ولو استرقه ولي الدم ففي خروجه عن التدبير قولان، وبتقدير ألا يخرج هل يسعى في فك رقبته؟ المروي: أنه يسعى.
والمدبّر في جميع ذلك
كالقنّ فيقتل إن قتل عمداً حرّا أو عبداً، أو يدفع إلى وليّ المقتول يسترقّه، أو يفديه مولاه بالأقلّ، كما مرّ.
ثم إن فداه أو بقي منه شيء بعد أرش الجناية بقي على تدبيره، إجماعاً على الظاهر، المصرّح به في
القواعد.
ولو استرقّه كلّه وليّ الدم ففي خروجه عن التدبير قولان اختار أوّلهما
الحلّي وأكثر المتأخرين، بل عامّتهم؛ لأنّه انتقل إلى ملك غير المدبِّر، فيخرج عن التدبير،
كالبيع؛ وللصحيح: عن مدبَّر قتل رجلاً عمداً؟ فقال: «يقتل به» قال: وإن قتله خطأ؟ قال: «يدفع إلى أولياء المقتول فيكون لهم، فإن شاؤوا استرقّوه، وليس لهم قتله، إنّ المدبّر مملوك»
.
وثانيهما
الشيخان والصدوق والإسكافي؛ لقولهم بلزوم الاستسعاء كما حكي، وهو فرع بقاء التدبير
لاستصحاب بقائه إلى أن يعلم المزيل.
وللصحيح: عن مدبّر قتل رجلاً خطأً، من يضمن عنه؟ قال: «يصالح عنه مولاه، فإن أبى دفع إلى أولياء المقتول يخدمهم حتى يموت الذي دبّره، ثم يرجع حرّا لا سبيل عليه»
.
مضافاً إلى
النص الآتي الدالّ على الاستسعاء المتفرّع عليه كما عرفت.
ويضعّف الأوّل: بثبوت المزيل، وهو ما مرّ من الدليل.
والصحيح: بمعارضته بمثله، بل وأجود منه، مع احتمال ضعف دلالته؛ إذ ليس فيه استرقاق وليّ الدم له، بل غاية ما فيه دفعه إليه يخدمه، وهو أعمّ من استرقاقه وعدمه، لو لم نقل بظهوره في الثاني، فيحمل عليه، ويكون المقصود من الدفع للخدمة احتساب أُجرتها عن
الدية مع بقاء العبد على الملكية، وحينئذٍ يصح الحكم ببقاء التدبير بلا شبهة، ويكون من قبيل ما لو افتداه المولى ببذل الدية أو
أرش الجناية.
ويحتمل الحمل على هذا ما سيأتي من
الرواية في الاستسعاء؛ إذ ليس فيها التصريح بدفعه رقّاً لأولياء الدم، بل غايتها الدفع إليهم مطلقاً، فيحتمل الحمل على ما ذكرنا.
مع ضعفها سنداً، وعدم مكافأتها كما قبلها لأدلّة القول الأوّل جدّاً، سيّما مع اشتهارها شهرة عظيمة بين أصحابنا، فالقول الأوّل أقوى.
وبتقدير أن لا يخرج عن التدبير هل يسعى بعد
موت المولى في فكّ رقبته من أولياء الدم، أم لا؟ المرويّ في بعض النصوص: أنّه يسعى وفيه: عن مدبّر قتل رجلاً خطأً؟ قال: «أيّ شيء رويتم في هذا؟» قال: روينا عن
أبي عبد الله (علیهالسّلام) أنّه قال: «يتلّ برمّته إلى أولياء المقتول، فإذا مات الذي دبره عتق» قال: «سبحان الله، فيطلّ دم امرئٍ مسلم» قلت: هكذا روينا، قال: «غلطتم على أبي (علیهالسّلام) يتلّ برمّته إلى أولياء المقتول، فإذا مات الذي دبّره استسعى في قيمته»
.
وضعف سنده كما مرّ يمنع عن العمل به، مع مخالفته
الأصل، وظاهر
الصحيح الثاني؛ لقوله: «ثم يرجع حرّا لا سبيل عليه» ولعلّه لذا قال
المفيد بالعدم كما حكي
.
وظاهر
الرواية الاستسعاء في قيمة نفسه، كما عن الصدوق والإسكافي
، وعن
الشيخ في
النهاية والكتابين
الاستسعاء في دية المقتول، وهو مع منافاته لظاهرها، والنصوص القائلة: إنّ الجاني لا يجنى على أكثر من نفسه لا دليل عليه، ولذا نسبه
الماتن في
الشرائع إلى الوهم
.
وأوّلَ بعض
الفقهاء كلام الشيخ بأنّ دية المقتول الآن هي قيمة العبد؛ لأنّه لا يطالب بأكثر من نفسه، فجاز أن يطلق عليها أنّها دية المقتول
.
ولا بأس به، وإن لم يرتضه في
التنقيح، قائلاً: إنّه عدول عن الحقيقة إلى المجاز بغير دليل
؛ صوناً لفتوى الشيخ عن المخالفة للخبر الذي استند هو إليه لها.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۲۲۵-۲۲۸.