الكافر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(الكافر) أصليا ومرتدّا وإن انتحل
الإسلام مع جحده لبعض ضرورياته، وضابطه من أنكر الإلهية أو الرسالة أو بعض ما علم ثبوته من الدين ضرورة.والحجة في الحكم بعد الإجماعات المستفيضة المحكية عن الناصريات
والانتصار والسرائر والغنية والمنتهى وظاهر نهاية الإحكام والتذكرة
: الآية الكريمة (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)
المتمم دلالتها ـ حيث اختصت بالمشرك، وتضمنت لفظ «النجس» الغير المعلوم
إرادة المعنى الاصطلاحي منه ـ بعدم القائل بالتخصيص، وظهور المعنى المصطلح هنا بقرينة (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) مع أن بيان النجاسة اللغوية خاصة ليس من وظيفة الحكمة الربانية.فإرادة ما ذكرنا متعيّنة، لا الخباثة الباطنية كما اختارها بعض الأجلّة،
إذ ليست من المعاني المعهودة المعروفة للفظ النجاسة حتى ينصرف إليها مع القرينة الصارفة عن اللغوية.
والنصوص المعتبرة بنجاسة
أهل الكتاب مستفيضة،
وبفحواها يستدل على نجاسة غيرهم من أصناف الكفّار.إلّا أنها معارضة بروايات أخر معتبرة الأسانيد.
لكنها موافقة للتقية، مخالفة للإجماعات المحكية والشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا، بل
إجماع البتّة، كيف لا؟! ويعدّ نجاستهم عوام العامة والخاصة ـ فضلا من فضلائهم ـ من خصائص
الإمامية .
فحملها على
التقية متعين البتة، مع
إشعار بعض أخبار الطهارة بها، ففي الحسن : «أمّا أنا فلا أدعوه ولا أؤاكله، وإني لأكره أن أحرّم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم»
ويؤيده مصير الإسكافي إليها.
ومخالفة المفيد لنا في العزّية
غير معلومة، لذكره الكراهة، وظهورها في المعنى المصطلح في زمانه غير معلوم، فيحتمل الحرمة.وكذا مخالفة
العماني،
لتصريحه بطهارة أسآرهم، ويحتمل إرادته الماء القليل من السؤر وهو قائل بعدم تنجّس الماء القليل بالملاقاة، كما حكي عنه في المعتبر،
كما قيل : إنه المصطلح بين الفقهاء من لفظ السؤر حيثما ذكروه
فتأمل. وأما الشيخ في
النهاية فعبارته فيها صريحة في النجاسة
وإن أتى بعدها بما ربما ينافيها قال : ويكره أن يدعو
الإنسان أحدا من الكفار إلى طعامه، فيأكل معه. فإن دعاه فليأمره بغسل يديه، ثمَّ يأكل معه إن شاء. لكنها مؤوّلة بتأويلات غير بعيدة تركن النفس إليها بعد إرادة الجمع بينه وبين العبارة الصريحة في النجاسة.
وعلى تقدير مخالفة هؤلاء المذكورين لا يمكن القدح في الإجماعات المستفيضة المحكية بخروجهم البتة، كما مرّ غير مرّة.
وحيث قد عرفت
انحصار أدلة نجاسة الكفّار في الإجماع وفحوى الأخبار المزبورة ظهر لك وجه قوّة القول بطهارة من عدا
الخوارج والغلاة والنواصب من فرق المسلمين ـ إلّا أن ينكر ضروريا من الدين على وجه يلحق بالكافرين ـ سواء كان جاحد النص أو غيره. وهو المشهور بين الأصحاب.لأصالة الطهارة وعموماتها. مع عدم جريان شيء من الدليلين المخرجين عنهما هنا، لفقد الإجماع في محل النزاع سيّما مع شهرة الطهارة، وعدم الأولوية، إذ ليسوا ـ لشرف الإسلام ـ أمرّ من
أهل الذمة .
هذا، مع لزوم الحرج على تقدير النجاسة، والإجماع على عدم احتراز
الأئمة : والأصحاب عنهم في شيء من الأزمنة على حدّ يظهر عدم كونه من جهة التقية.مضافا إلى النصوص المستفيضة بل المتواترة الحاكمة بحلّ ما يوجد في أسواق المسلمين والطهارة،
مع القطع بندرة الإمامية في جميع الأزمنة سيّما في أزمنة صدور تلك النصوص، وأنه لا ينعقد لخصوصهم سوق يكون الأحكام المزبورة واردة عليه، فهو من أقوى الأدلة على طهارة هؤلاء الكفرة وإن كانوا في المعنى أنجس من الكلاب الممطورة.خلافا للشيخ فحكم بنجاسة المجبرة،
وللسيّد ; فحكم بنجاسة المخالفين،
لإطلاق الكفر عليهم في كثير من الأخبار.
وهو كما ترى، فإنه أعم من الحقيقة، مع أنّ أمارات المجازات من عدم
التبادر أو تبادر الغير وصحة السلب موجودة. وعلى تقديرها فلا دليل على النجاسة كلية، وإن هو إلّا مصادرة محضة، لفقد الإجماع وما مضى من الأولوية.مضافا إلى معارضتها بكثير من المعتبرة الدالّة على إسلامهم من حيث الشهادتين، ففي الخبر : «الإسلام شهادة أن لا إله إلّا الله والتصديق برسول الله صلى الله عليه وآله، وبه حقنت الدماء وعليه جرت
المناكحة والمواريث وعلى ظاهره عامة الناس».
وقريب منه آخر : «الإسلام ما ظهر من قول أو فعل، وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلّها، وبه حقنت الدماء وعليه جرت المواريث وجاز
النكاح ».
والمعتبرة بمعناهما مستفيضة
وفيها الصحيح والحسن، لكن ليس فيها أن الإسلام هو الشهادتان وإن كان يظهر منها بنوع من التأمل.
فإذا ثبت إسلامهم ثبت طهارتهم، للخبر : أيتوضأ من فضل وضوء جماعة المسلمين أحب إليك أو يتوضأ من ركو أبيض مخمّر؟ فقال : «بل من فضل وضوء جماعة المسلمين، فإنّ أحبّ دينكم إلى الله تعالى الحنيفية السهلة السمحة».
وأمّا الحجّة على نجاسة الفرق الثلاث أي : الخوارج والغلاة والنواصب.ومن أنكر ضروري الدين فهو الإجماع المحكي عن جماعة.
ويدخل في الأخير المجسمة الحقيقية، لقولهم بالحدوث الباطل بالضرورة من الدين.ولولاه لكان القول بالطهارة متعينا، للأخبار المزبورة الحاكمة بإسلام من صدر عنه الشهادتان، المستلزم للطهارة، للرواية المتقدمة.
رياض المسائل، ج۲، ص۷۹-۸۳.