مستحبات الوقوف بعرفات
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هي خمسة، أحدها : الخروج إلى منى بعد
صلاة الظهرين
يوم التروية ، ثانيها : المبيت بمنى حتى يطلع الفجر، ثالثها : عدم جواز
وادي محسِّر حتى تطلع الشمس، رابعها وخامسها :
الدعاء عند نزول منى وعند خروجها.
أحدها : (الخروج إلى منى بعد
صلاة الظهرين يوم التروية) عند جماعة؛
للصحيح : «إذا كان
يوم التروية إن شاء الله تعالى فاغتسل، ثم البس ثوبيك وادخل المسجد حافياً وعليك السكينة والوقار، ثم صلِّ الركعتين عند
مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحِجر، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصلِّ المكتوبة، ثم قل في دبر صلاتك» الحديث.
وليس فيه التصريح بالظهرين، وغايته المكتوبة، وظاهره الظهر خاصة، كما عليه جماعة،
ويعضده عموم الأخبار باستحباب
إيقاع الإحرام عقيب فريضة.
خلافاً لآخرين،
فاستحبوا الخروج إلى منى قبل صلاة الظهرين؛ للصحيح الآخر : «إذا انتهيت إلى منى فقال» إلى أن قال : «ثم تصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر، و
الإمام يصلّي بها الظهر لا يسعه إلاّ ذلك، وموسّع لك أن تصلّي بغيرها إن لم تقدر».
وقريب منه آخر : عن الوقت الذي يتقدم فيه إلى
المنى الذي ليس له وقت أول منه، فقال : «إذا زالت الشمس».
وجمع بين الأخبار جماعة من المتأخرين بالتخيير لمن عدا الإمام، واستحبوا فيه الأخذ بالقول الثاني.
وهو حسن
بالإضافة إلى ما اختاروه للإمام؛ لما يأتي. وأما بالإضافة إلى غيره فله وجه غير أن
اختيار الأول أحوط؛ لقوة
احتمال ورود الأخبار الأخيرة للتقية، فقد نقل القول بمضمونها عن العامة؛
مضافاً إلى
اعتضاد الأول بما مرّ، وبما استدل به له في المختلف بأن
المسجد الحرام أفضل من غيره فاستحب إيقاع الفريضتين فيه.
ثم إن ظاهر الرواية الأخيرة أنه لا يجوز الخروج إلى منى قبل الزوال كما صرّح به الشيخ (إلاّ لمن يضعف عن الزحام) كالمريض والشيخ الكبير و
المرأة التي تخاف ضغاط الناس، وغيرهم من ذوي الأعذار، قال فلا بأس أن يتقدمه بثلاثة أيام، فأما ما زاد عليه فلا يجوز على كل حال.
أقول : وله بكلا الأمرين الموثق،
وهو أحوط وإن ذكر الفاضل في
المنتهى أن مراد الشيخ بلا يجوز شدة
الاستحباب ، مشعراً بدعوى
الإجماع عليه.
(والإمام) يعني
أمير الحاج ، كما صرّح به جماعة من الأصحاب
(يتقدم) في خروجه (ليصلّي الظهرين بمنى) للصحاح المستفيضة
وإن اختلفت في التعبير ب «لا يسعه إلاّ ذلك» المفيد للزوم، كما هو ظاهر الشيخ في
التهذيب ،
أو ب «لا ينبغي» الظاهر في الاستحباب كما عليه الأصحاب، وأجرى الحمل السابق في كلام الشيخ في كلامه هنا أيضاً الفاضل في المنتهى.
وهذه الصحاح حجة على من أطلق استحباب الخروج بعد الفريضة من الأصحاب.
وكما يستحب الخروج في هذا اليوم يستحب إيقاع
الإحرام فيه، وفي المنتهى إنه لا يعلم فيه خلافاً.
وعن
التذكرة الإجماع عليه.
خلافاً لابن حمزة فأوجب الإحرام فيه،
قيل : ولعلّه لورود
الأمر به في الصحيح الماضي.
ويندفع بالأصل، مع كون أكثر أوامر الخبر للندب.
(و) ثانيها : (المبيت بها) أي بمنى للإمام وغيره (حتى يطلع
الفجر ) من يوم عرفة؛ لبعض الصحاح المتقدمة.
(و) ثالثها : أن (لا يجوز وادي محسِّر) بكسر السين، وهو حدّ منى إلى جهة عرفة (حتى تطلع الشمس) على الأشهر، بل قيل بتحريمه؛
للنهي عنه في الصحيح،
وهو أحوط.
(ويُكْرَه الخروج) من منى للإمام وغيره (قبل الفجر) في المشهور، قيل : للأمر بصلاته فيها في الصحيح المتقدم؛
وللصحيح : هل صلّى
رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الظهر بمنى يوم التروية؟ قال : «نعم، والغداة بمنى
يوم عرفة ».
وفيهما نظر، ولذا قيل : يمكن المناقشة في الكراهة؛ لعدم الظفر بما يتضمن النهي عن ذلك، نعم لا ريب أنه خلاف الأولى.
والأجود
الاستدلال عليه بالنهي عن الجواز عن وادي محسِّر قبل طلوع الشمس، فإنه بإطلاقه يشمل محل البحث، ولعلّه لذا قيل بتحريمه هنا كما فيما سبق،
فالمسألة من متفرعات الخلاف السابق، فتأمل.
والكراهة ثابتة لكل أحد (إلاّ للمضطر) وذوي الأعذار (كالخائف والمريض) فإن الضرورات تبيح المحظورات، فضلاً عن المكروهات، قيل
: وللصحيح : إنّا مشاة فكيف نصنع؟ فقال عليه السلام: «أما أصحاب الرجال فكانوا يصلّون الغداة بمنى، وأما أنتم فامضوا حتى تصلّوا في الطريق».
(ويستحب للإمام
الإقامة بها حتى تطلع الشمس) استحباباً مؤكداً؛ للصحاح.
وفي
التحرير : إن الأفضل لغير الإمام ذلك أيضاً، ولو خرج قبل طلوعها جاز، لكن لا يجوز وادي محسِّر حتى تطلع الشمس، والإمام لا يخرج حتى تطلع الشمس.
وفيه نوع
إشعار بوجوب ذلك على الإمام، وأكثر النصوص ظاهرة في الاستحباب، وفي
المرسل : «إن السنّة أن لا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتى تطلع الشمس».
وفي الصحيح في التقدم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس قال : «لا بأس به» الحديث.
فتدبر.
(و) رابعها وخامسها : (الدعاء عند) التوجه إليها و (نزولها وعند الخروج منها) بالمأثور، ففي الصحيح : «إذا توجهت إلى منى فقل : اللهم إياك أرجو وإياك أدعو، فبلّغني أملي وأصلح لي عملي».
وفيه : «إذا انتهيت إلى منى فقل : اللهم هذه منى، وهذه ممّا مننت بها علينا من
المناسك ، فأسألك أن تمن عليّ بما مننت به على أنبيائك فإنما أنا عبدك وفي قبضتك».
وفيه : «إذا غدوت إلى عرفة فقل وأنت متوجه إليها : اللهم إليك صمدت، وإياك اعتمدت، ووجهك أردت، فأسألك أن تبارك لي في رحلتي، وتقضي لي حاجتي، وأن تجعلني اليوم ممن تباهي به من هو أفضل مني».
رياض المسائل، ج۶، ۳۳۱- ۳۳۶.