• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

مقدار ما يحرم من استعمال آنية الذهب

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



واختلفت كلمات الفقهاء أيضاً في تحديد ما يحرم من الاستعمال فهل هو الفعل المباشر لمساورة الآنية أو يعمّ الفعل المترتّب عليه أيضاً، ففي الأكل من الاناء هل الحرام خصوص تناول الطعام وأخذه باليد من الآنية أو أنّ الوضع في الفم وبلعه حرام أيضاً- سواء قيل بحرمة الاستعمال في الأكل والشرب بالخصوص أو حرمة مطلق الاستعمال- أو هناك تفصيل؟
احتمالات، بل أقوال:
القول الأوّل: حرمة الفعل المباشر بالخصوص وهو التناول والانتزاع من الآنية خاصة. قال السيد الگلپايگاني :«والمحرَّم نفس استعمالها وتناول المأكول أو المشروب مثلًا منها دون أكله وبلعه». وقد نسب هذا إلى ظاهر الأصحاب أو إلى جماعة منهم. وفي صحة النسبة نظر [۳]    .وقد عرفت أنّ جملة من الروايات تعلّق النهي فيها بنفس الأكل والشرب.وقد يستدلّ له بتنزيل النهي عن الأكل والشرب فيها على النهي عن الاستعمال، ضرورة عدم الفرق بينهما وبين غيرهما من أنواع الاستعمال، فيكون المحرّم فعل الأخذ والانتزاع من الآنية لا غير.
ويمكن المناقشة فيه- مضافاً إلى أنّه لا قرينة عليه- إنّ تعلّق النهي بالاستعمال يشمل فعل الأكل والشرب من الآنية أيضاً؛ لأنّه الاستعمال المناسب لها عرفاً، وليس خصوص الأخذ والتناول منها استعمالًا.بل ذهب بعضهم كالسيد الإمام الخميني قدس سره في تحرير الوسيلة إلى أنّه في مورد الأكل لا يكون التناول محرّماً، وإنّما المحرّم هو الأكل والشرب فيها أو منها، فليس هناك محرّمان، فإنّه قال: «وهل التناول الذي هو مقدّمة للأكل والشرب أيضاً محرّم من باب حرمة مطلق الاستعمال حتى يكون في الأكل والشرب محرّمان هما والاستعمال بالتناول؟ فيه تأمّل وإشكال ، وإن كان عدم حرمة الثاني لا يخلو عن قوة».
القول الثاني: حرمة كل ما يكون استعمالًا للاناء فيه ولو لم يكن هو الفعل المباشر كالأكل والشرب والوضوء، وهذا هو مختار صاحب الجواهر مستدلّاً عليه بأنّه: «المفهوم المتبادر منها (الأدلّة وإن لم يكن صريحاً)، خصوصاً بعد اشتمالها على النهي عن الأكل والشرب فيها المتّفق بين الأصحاب على عدم الفرق بينهما وبين غيرهما في كيفيّة الحرمة؛ إذ قد سمعت معقد الإجماع المحكيّ بل الاجماعات على حرمة غير الأكل والشرب فانّه كالصريح في اتّحادهما بذلك، كما هو واضح، فيكون حينئذٍ بمنزلة قوله: لا تأكل في الآنية ولا تشرب فيها ولا تتوضّأ فيها ولا تغتسل فيها ونحو ذلك».
وقد ذكر في صدر كلامه أنّ ما لا يصدق عليه عرفاً أنّه استعمال للآنية فيه لا يكون محرّماً: «نعم، قد يقال هو منه بالنسبة للشرب إذا كانت الآنية ممّا تستعمل بالشرب من دون نقل منها، فلو وضع‌ حينئذٍ ما فيها في يده بقصد التفريغ ولو للشرب لم يكن ذلك الشرب استعمالًا لها فيه، فالواجب حينئذٍ ملاحظة العرف في صدق استعمالها في الشي‌ء فانّه مختلف جدّاً باختلاف المستعمل فيه، بل والمستعمَل من الابريق والقمقمة ونحوهما بل والقصد أيضاً، فتأمّل». وهذا القول مبني على استفادة تعلّق النهي بعناوين الأفعال التي تكون مصداقاً لاستعمال الآنية، كتعلّقه بعنوان الأكل والشرب أو تعلّقه بعنوان الاستعمال ويدّعى صدقه على الفعل غير المباشر أيضاً، كما إذا كان طبع الاستعمال للاناء يقتضي ذلك كالأكل من الاناء بأخذ الطعام منه أوّلًا ثمّ أكله، فيكون نفس الأكل منه بهذا النحو استعمالًا للاناء أيضاً.
قال المحقق العراقي : «ثمّ إنّ المراد من الاستعمال في المقام معنى أوسع من التصرّف في باب الغصب، ومرجعه إلى حرمة العناوين المترتّبة على تصرّفه ولو لم تكن متّحدة مع عنوان التصرّف.والشاهد عليه النهي عن الأكل منه والشرب منه، ومعلوم أنّ ذلك- خصوصاً الأكل- لا يعدّ تصرّفاً في الاناء، فبهذا المقياس ربما يحرم الوضوء منه ولو باهراق مائه ولو دفعة، وهذا بخلاف باب الغصب، حيث لا يحرم فيه إلّا نفس التصرّف، لا العناوين المترتّبة على التصرّف. وأيضاً فمقتضى مرآتيّة الاستعمال للعناوين المخصوصة من الأكل والشرب وأمثالهما: حرمة العناوين المزبورة بذاتها، ولازمه كون النهي المتعلّق بالوضوء من باب النهي في العبادة».
[۶] شرح تبصرة المتعلّمين، ج۱، ص۲۶۶.

وقد وسّعه بعضهم- كالسيد اليزدي- فجعل تفريغ ما في الاناء إلى غيره ثمّ الأكل من الثاني أيضاً استعمالًا للأوّل قال:«وكذا لو فرَّغ ما في الاناء من أحدهما في ظرف آخر- لأجل الأكل والشرب- لا لأجل نفس التفريغ فإنّ الظاهر حرمة الأكل والشرب؛ لأنّ هذا يعدّ أيضاً استعمالًا لهما فيهما، بل لا يبعد حرمة شرب الشاي في مورد يكون السماور من أحدهما وإن كان جميع الأدوات ما عداه من‌ غيرهما».
القول الثالث: ما قد يظهر من بعض العبارات
[۸] مصباح الفقيه، ج۸، ص۳۵۸- ۳۵۹.
من أنّه في الأكل والشرب بالخصوص المحرّم هو الأكل والازدراد من الآنية ولو لم يكن هو الفعل المباشر؛ لورود النهي عنهما بعنوانهما، وأمّا في سائر الاستعمالات كالوضوء والغسل بالآنية فالمقدار المتيقن ثبوت النهي فيه إنّما هو خصوص النقل والانتزاع خاصة لا أكثر؛ لأنّه لم يرد دليل على النهي عن تلك العناوين ولا عن عنوان الاستعمال لكي يقال بانطباقه على الفعل غير المباشر أيضاً، فيقتصر في استفادة التحريم على القدر المتيقّن، وهو النقل والتناول من الاناء خاصة.
إلّا أنّ الملاحظ على هذا القول بأنّه لو فرض الإجمال وعدم استفادة الاطلاق من الروايات فالقدر المتيقّن منها حينئذٍ هو حرمة خصوص الأكل والشرب لا مطلق الأخذ والانتزاع من الآنية، كما تقدّمت الاشارة إلى ذلك.
القول الرابع: ما قد يستظهر من ذيل عبارة السيد اليزدي - حيث قال:«والحاصل: انّ في المذكورات كما أنّ الاستعمال حرام كذلك الأكل والشرب أيضاً حرام» - من أنّ هناك عنوانين محرّمين: أحدهما الأكل والشرب من آنية الذهب والفضّة، والآخر الاستعمال لهما.
ففي العنوان الأوّل يحرم الأكل والشرب ولو لم يكن فعلًا مباشراً، بل ولو لم يصدق استعمال للاناء فيه، وأمّا في الثاني فيحرم ما يكون استعمالًا لها فيه، فإذا كان الفعل غير المباشر ممّا لا يصدق عليه الاستعمال للاناء فيه فلا يكون محرّماً.
وهذا القول أوسع الأقوال حيث يكون- بناءً عليه- الأخذ والتناول من الاناء حراماً؛ لكونه استعمالًا، وأكل الطعام بعد ذلك أيضاً حراماً للنهي عنه، وأيّ فعل آخر كالوضوء والغسل بعد الأخذ والتناول أيضاً يكون حراماً؛ لكونه استعمالًا للاناء.وهذا مبتنٍ على استفادة تعلّق النهي بعنوانين كذلك، وقد عرفت المناقشة فيه.




 
۱. هداية العباد، ج۱، ص۱۲۳، م ۶۲۳.    
۲. جواهر الكلام، ج۶، ص۳۳۲.    
۳. تحرير الوسيلة، ج۱، ص۱۳۳، م ۲.    
۴. جواهر الكلام، ج۶، ص۳۳۳.    
۵. جواهر الكلام، ج۶، ص۳۳۳.    
۶. شرح تبصرة المتعلّمين، ج۱، ص۲۶۶.
۷. العروة الوثقى، ج۱، ص۳۰۹، م ۱۱.    
۸. مصباح الفقيه، ج۸، ص۳۵۸- ۳۵۹.
۹. مستمسك العروة الوثقى، ج۲، ص۱۷۵- ۱۷۷.    
۱۰. العروة الوثقى، ج۱، ص۳۱۰، م ۱۱.    




الموسوعة الفقهية، ج۱، ص۳۴۳-۳۴۶.    



جعبه ابزار