نجاسة الدم
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وكذا الدم) نجس إذا كان ممّا له نفس سائلة، وهو الخامس. وعليه
الإجماع عن
المعتبر والمنتهى والتذكرة،
وهو الحجة فيه مع النصوص بضميمته، ففي الصحيح في نقط
الدم إذا كانت أقلّ من درهم : «يغسله ولا يعيد الصلاة».
وفي الصحاح المستفيضة وغيرها
الأمر بإعادة الصلاة منه مطلقا مع الأمر بغسله في بعضها بعده، كالصحيح : أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من مني، فعلّمت أثره إلى أن أصيب له الماء، فأصبت وقد حضرت الصلاة، ونسيت أنّ بثوبي شيئا وصلّيت، ثمَّ إني ذكرت بعد ذلك، قال : «تعيد الصلاة وتغسله».
وقد استدل بها لنجاسته مطلقا حتى في الناقص عن سعة الدرهم أو قدر الحمصة، ردّا على
الإسكافي والصدوق، حيث إنّ ظاهر الأول الحكم بطهارة الأول، والثاني الحكم بطهارة الثاني،
لإطلاقها أو عمومها.وليس في محله، إذ الأمر
بإعادة الصلاة قرينة على زيادته على المقدارين، ولا كلام لهما في نجاسته. وكيف كان فقولهما شاذّ، ومستندهما قاصر
معارض بالإجماعات وخصوص المتقدم على الصحاح.
ثمَّ إنّ مقتضى
الأصل واختصاص الأخبار بدم ذي النفس بحكم التبادر يوجب المصير إلى تقييد الحكم به والقول بالطهارة في غيره، مضافا إلى الإجماع عليها في
السمك المحكي عن الخلاف والمعتبر والمنتهى والذكرى والغنية والسرائر.
وفي الخبر : «إنّ
عليا عليه السلام كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذكر يكون في الثوب، فيصلي فيه يعني دم السمك».
وعن الأربعة الأول الإجماع عليها في غيره من مطلق غير ذي النفس، والمستند فيه الصحيح : ما تقول في دم البراغيث؟ قال : «ليس به بأس» قال، قلت : إنه يكثر ويتفاحش، قال : «وإن كثر».
ونحوه الخبر فيه : هل يمنعه ذلك من الصلاة؟ قال : «لا وإن كثر».
ونحوهما الخبر في دم البقّ.
وجمعهما آخر : «لا بأس بدم البراغيث والبقّ» الخبر.
ولا قائل بالفرق، وقصور الأسانيد منجبر بالعمل والأصل.
وفي حكمه عند أصحابنا الدم المتخلف في الذبيحة المأكولة اللحم بعد القذف المعتاد، لتخصيص الحرمة في
الآية بالمسفوح
الظاهر في الحلّ في غيره المستلزم للطهارة، مع استلزام الحكم بالنجاسة عدم جواز حلّ الذبيحة، لعدم
انفكاكها عن الدم ولو غسل اللحم مائة مرّة، مضافا إلى عمل المسلمين في الأعصار والأمصار بالضرورة، وأيّ دليل أقوى من هذه الأدلة؟ فلا وجه للمناقشة معهم في الحكم بالطهارة بشبهة عدم الدلالة.
رياض المسائل، ج۲، ص۷۴-۷۶.