الآنية النفيسة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهي
الآنية التي
ثمنها يبلغ حتى أكثر من
الذهب و
الفضة.
يجوز استعمال الآنية
النفيسة و
الغالية الثمن غير الذهب والفضّة بالغاً ثمنها ما بلغ، ويعم
الحكم ما كان ارتفاع ثمنه لجودة جوهره كأواني
الياقوت و
الفيروزج و
البلّور أو لحسن صنعه
كالمخروط و
الزجاج وغيرهما أو غير ذلك.
وقد ادّعى غير واحد من
الفقهاء عدم وجدان
الخلاف كالمحدّث البحراني و
المحقّق النجفي و
المحقّق الهمداني بل إنّ
الفاضل الإصبهاني قد ادّعى
الإجماع عليه
ونسبه العلّامة إلى علمائنا.
وقد صرّح بالجواز كثير من الفقهاء.
قال
الشيخ الطوسي في
النهاية: «ولا بأس بما عدا الذهب والفضّة من الأواني من صفر كان أو من نحاس أو أيّ شيء كان».
وقال في
المبسوط: «وأمّا
أواني غير الذهب والفضّة فلا بأس باستعمالها قلّت أثمانها أو كثرت سواء كانت كثيرة الثمن لصنعتهامثل
المخروط و
الزجاج وغير ذلك أو لجودة جوهره مثل
البلّور وغير ذلك».
وقال
ابن إدريس: «ولا بأس بما عدا الذهب والفضّة من الأواني ثمينة كانت أو غير ثمينة، من صفر أو
نحاس أو بلّور».
وقال
المحقق الحلي: «ولا يحرم استعمال غير الذهب والفضّة من أنواع
المعادن و
الجواهر ولو تضاعفت أثمانها»
ونحوه
المعتبر .
وقال العلّامة: «يجوز اتّخاذ الأواني من كلّ ما عدا الذهب والفضّة مرتفعاً كان في الثّمن أو لا؛ عملًا بالأصل.
ولا يكره استعمال شيء منها في قول أكثر أهل العلم. إلّا انّه قد روي عن ابن عمر أنّه كره
الوضوء في الصفر والنحاس و
الرصاص وشبهه.
واختاره
أبو الفرج المقدسي لتغيّر الماء منه.
و
للشّافعي في الثّمين قولان: أحدهما التحريم.
وقال بعض الجمهور: يكره
الشرب في
الصفر.
لنا: ما رواه الجمهور، عن
عبد الله بن زيد قال: أتانا
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخرجنا له ماءً في تور من صفر فتوضّأ.
رواه
البخاري وروى
أبو داود عن
عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تور من شَبَه.
ومن طريق الخاصّة: ما رواه الشيخ، عن
يوسف بن يعقوب قال: إنّ
أبا عبد الله عليه السلام استسقى ماءً فأُتي بقدح من صفر فيه ماء، فقال له بعض جلسائه: إنّ عبّاد البصري يكره الشّرب في الصفر، فقال: «سله أذهب هو أو فضّة».
احتج
الشافعي بأنّ تحريم اتّخاذ الأثمان بيّنة على تحريم ما هو أعلى، ولأنّ فيه سرفاً وكسراً.
والجواب: انّ كسر
القلب لا يحصل به للفقراء؛ لعدم معرفتهم بالجواهر المثمّنة غالباً، ولأنّها لقلّتها لا يحصل اتّخاذ
الآنية منها إلّا نادراً، فلا تفضي إباحتها إلى اتّخاذها واستعمالها، بخلاف الأثمان الكثيرة منها، كما أنّه يحرم اتخاذ خاتم الذّهب لا الخاتم من الجواهر المثمّنة»
والشَّبَه: النّحاس يصنع فيصفرّ.
ونحوه
القواعد و
التحرير.
وفي
التذكرة: «الأواني المتّخذة من غير جنس
الأثمان يجوز استعمالها غلت أثمانها كالبِلَّور و
الياقوت و
الفيروزج أو لا
كالخزف والزجاج و
الخشب.
ذهب إليه علماؤنا، وهو أحد قولي
الشافعي ...».
وقال
الشهيد الأول: «ويجوز استعماله وإن كان من
الجواهر النفيسة».
وقال
المحدث البحراني: «قد صرّح جملة من
الأصحاب من غير خلاف يعرف بأنّه يجوز استعمال الأواني من غير هذين
المعدنين من سائر الجواهر وإن غلا ثمنه، وهو جيد».
وقال
السيد بحر العلوم: و
الحكم مقصور على العينينِ فليس من
حجر بغير ذَينِ وإن غلا فليس بالمقيسِ إنّ القياس كان من
إبليسِ.
وقال
الشيخ جعفر الكبير: «ولا بأس بما اتخذ من الجواهر وإن بلغت أعلى القيم، وإنّما
الحكم مقصور على الجوهرين المذكورين، والمتخذ من المعادن مع تمام المشابهة بينه وبينهما لا بأس به ما لم يدخل تحت الاسم».
وقال
النراقي: «لا يحرم استعمال إناء فيه
دراهم أو
دنانير، ولا المتّخذ من غيرهما من أنواع المعادن والجواهر وإن غلا ثمنه بالاجماع ...».
وقال
المحقق النجفي معلّقاً على عدم
الحرمة: «بلا خلاف أجده، بل في كشف اللثام الاتّفاق عليه للأصل المعتضد
بالسيرة الذي لا يعارضه
القياس المعلوم بطلانه عندنا ...».
وقال
المحقق الهمداني: «ولا يحرم استعمال غير الذهب والفضّة من أنواع المعادن والجواهر ولو تضاعفت أثمانها بلا خلاف فيه على الظاهر، بل عن
كشف اللثام الاتّفاق عليه؛ لأصالة
الاباحة السالمة من
دليل حاكم عليها».
وقال
السيد اليزدي: «الأواني من غير الجنسين لا مانع منها، وإن كانت أعلى وأغلى، حتى إذا كانت من الجواهر الغالية
كالياقوت والفيروزج».
وقال السيد اليزدي أيضاً: «الذهب المعروف
بالفرنجي لا بأس بما صنع منه؛ لأنّه في الحقيقة ليس ذهباً، وكذا الفضّة المسمّاة
بالورشو؛ فانّها ليست فضّة، بل هي صفر أبيض».
والظاهر إنّ المسألة مٌسلّمة وخالية عن
الإشكال، وإنّما أوجب ذكرها توهّم بعض
العامة الحرمة
قياساً على آنية الذهب والفضّة حيث علّلوه بأنّ استعمالها مدعاة
للفخر و
الخيلاء و
كسر قلوب الفقراء.
وقد استدل
للجواز- مضافاً إلى الاجماع
- بقوله تعالى «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ»،
والأصل.
وأمّا ما استدل به الفقهاء من العامة- فمع أنّه لا ينهض
دليلًا على حرمة الاستعمال- ردّ بعدم
إدراك عامة
الناس نفاستها، وبأنّها لقلّتها لا يحصل اتخاذ الآنية منها إلّا
نادراً فلا يفضي
إباحتها إلى اتخاذها واستعمالها.
ولا فرق بين كون نفاستها لأجل
مادتها أو
صنعتها أو لأيّة جهة اخرى ككونها أثرية قديمة أو
للتبرّك بها أو لندرتها.
الموسوعة الفقهية ج۱، ص۳۹۵-۳۹۷.