الإعفاف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعني
الكف وأن يصير الغير ذا عفة.
الإعفاف: مصدر أعفّ بمعنى الكفّ، يقال: أعففته عن كذا، أي كففته عنه،
والعفاف والتعفّف الكفّ عن
الحرام .
وأمّا الإعفاف في اصطلاح الفقهاء فهو أن يصيّر غيره ذا عفّة بأن يهيّئ له مستمتعاً كأن يزوّجه أو يعطيه مهراً ليتزوّج به.
ولا يختصّ الإعفاف في تزويج الغير، بل استعمل أيضاً في تزويج الإنسان لنفسه.
ذكر الفقهاء للإعفاف موارد نشير إليها إجمالًا فيما يلي:
ذكروا أنّ إعفاف النفس مستحبّ في نفسه بالتزويج
مع قطع النظر عن العوارض اللاحقة،
وقد استدلّ عليه
بالكتاب والسنّة المستفيضة والمتواترة .
وأمّا بملاحظة العوارض اللاحقة فيجري فيه سائر الأحكام تبعاً لتلك العوارض.
ومن ذلك الحكم بوجوب النكاح عند خوف الوقوع في الزنا أو حرام آخر،
وقيّد بعضهم ذلك بما إذا قدر ولم يقدر على التسرّي ولا خشي من التزوّج محذوراً أقوى ممّا يلزم من
تركه أو مساوياً له.
وقد نوقش أصل الوجوب في هذا المورد بأنّ ذلك لا يقتضي الوجوب؛ ضرورة بقاء الاختيار الذي يكفي في عدم الوقوع فيه، فلا يتوقّف على التزويج.
نسب
إلى المشهور أنّه لا يجب إعفاف من تجب نفقته،
ولداً كان أو
والداً بتزويج أو
إعطاء مهر أو
تمليك أمة أو نحو ذلك ممّا يناسب حاله في الإعفاف، بل ادّعي عدم وجدان الخلاف المعتدّ به فيه؛
وذلك لأنّه لا
دليل عليه والأصل
براءة الذمة .
فيما ذكر آخرون أنّ المشهور،
بل الأشهر
هو
الاستحباب .
بل نقل القول
بوجوبه للأب على
الإبن عن بعض
الفقهاء ؛ نظراً إلى أنّ ذلك من أهمّ ألوان المصاحبة بالمعروف، ولأنّه من وجوه حاجاته المهمّة فيجب على الابن القيام به
كالنفقة والكسوة .
وقد استُضْعف هذا القول استناداً إلى الأصل السالم عن معارضة إطلاق النفقة في الأدلّة بعد
القطع أو
الظنّ بعدم إرادة ما يشمل ذلك من النفقة المراد منها ما هو المتعارف في
الإنفاق من سدّ
العورة وستر العورة وما يتبعهما، والمصاحبة بالمعروف المأمور بها في الوالدين
إنّما يراد بها المتعارف من المعروف، وليس هو إلّا ما ذكرنا، ولا أقلّ من
الشكّ في ذلك، والأصل البراءة.
يستفاد من الكتاب ومن
الروايات الواردة في
مدح الساعي في التزويج استحبابَ إعفاف
المؤمن وإن لم يكن ممّن تجب نفقته:
أمّا الكتاب فقوله تعالى: «وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ»،
حيث تدلّ على
الحثّ في توفير ما يمكّن
الأيامى ، وهم
الذكور الذين لا
إناث لهم، والإناث اللواتي لا ذكور لهنّ، أي
العزّاب ، من
الزواج عبر العون المادّي أو
الإرشاد إلى
زوجة صالحة أو غير ذلك.
وأمّا الروايات فعديدة:
منها: ما روي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم- في
حديث - قال: «من عمل في تزويج بين مؤمنين حتى يجمع بينهما زوّجه اللَّه عزّوجلّ ألف امرأة من
الحور العين ، كلّ امرأة في
قصر من
درّ وياقوت ، وكان له بكلّ
خطوة خطاها أو بكلّ كلمة تكلّم بها في ذلك عمل
سنة قيام
ليلها وصيام نهارها ».
ومنها: ما رواه
سماعة عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: «من زوّج أعزباً كان ممّن ينظر اللَّه إليه يوم
القيامة ».
ومنها: ما رواه
علي بن جعفر عن أخيه
موسى بن جعفر عليه السلام: «ثلاثة يستظلّون بظلّ
عرش اللَّه يوم القيامة يوم لاظلّ إلّا ظلّه: رجل زوّج
أخاه المسلم ، أو أخدمه، أو كتم له
سرّاً ».
ومنها:
رواية سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «أربعة ينظر اللَّه إليهم يوم القيامة: من أقال
نادماً ، أو أغاث لهفاناً، أو أعتق نسمة، أو زوّج عزباً».
ومنها:
خبر الحسن بن سالم عن الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام، وفيه: «إنّ للَّهظلّاً يوم القيامة لا يستظلّ تحته إلّا
نبيّ ، أو
وصيّ نبيّ، أو
عبد أعتق عبداً مؤمناً، أو عبد قضى مغرم مؤمن، أو مؤمن كفّ
أيمة مؤمن»».
ويفهم من مجموع
النصوص أنّ من مقاصد
الدين الحنيف رفع حالة العزوبة في المجتمع الإسلامي تأميناً
للسلامة الأخلاقية وحفظاً لأفراده من
الانحراف .
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۱۱۵-۱۱۷.