لأنّ العلم لا يحصل في الصناعات إلّا بالممارسة، وعليه فالفرق بين الحرفة والصنعة أنّ الأوّل فيه جهة المكسبية دون الثاني، كما أنّ لازم الأوّل أن يكون ديدن الشخص، بخلاف الثاني الذي هو العلم بالصناعة وترتيب الشيء وإن لم يكن ديدنه وحرفته، وحصوله بالممارسة السّابقة لا ينافي عدم كونه حرفته فعلًا، مضافاً إلى أنّ الصنعة لا تصدق على كلّ حرفة كالتجارة فإنّها حرفة وليست بصنعة.
فتتحد مع الصنعة في المهارة والحذق، وتختلف عنها بأنّ المهنة تطلق على كلّ عمل وخدمة كذلك، ولا تطلق على الصنائع، بل الصنعة هي حرفة الصانع، فلا يقال للخادم صانع.
وعن أبي جعفر عليه السلام وقد سئل عن الفلّاحين؟ فقال: «هم الزارعون كنوز اللَّه في أرضه، وما في الأعمال شيء أحبّ إلى اللَّه من الزراعة، وما بعث اللَّه نبيّاً إلّا زرّاعاً إلّا إدريس فإنّه كان خيّاطاً».
ورواية طلحة بن زيد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنّي أعطيت خالتي غلاماً ونهيتها أن تجعله قصّاباً أو حجّاماً أو صائغاً».
المحترف فعلًا الذي يقدر على اكتساب نفقته ونفقة عيالهغني غير فقير فلا يجوز له أخذ ما يشترط فيه الفقر كالزّكاةوالخمسوالكفّارة، نعم إن كانت حرفته لا تقوم به فيجوز له أخذ ما يوسّع به على عياله منها.
إلى اعتبار الحرفة في الكفاءة، فصاحب الحرفة الدنيئة خصوصاً الفاحش منها لا يكافئ صاحب الحرفة الشريفة، وهذا مردود عند الإمامية؛ لعدم اعتبار الحرفة فيها، فالمحترفون بالحرف الشريفة والدنيئة كغير المحترفين كلّهم أكفاء.